صراحة نيوز – من الواضح أننا نشهد حالة من عدم الرضا الشعبي على الأوضاع الداخلية، وبالذات ما يتعلق بالأزمة الاقتصادية ، التي وصلت إلى درجات متقدمة بالتزامن مع تزايد الضغوطات الحكومية على المواطن، المتمثلة بانتهاج سياسة الجباية بفرض المزيد من الضرائب ، وإلغاء نسبة من الاعفاءات الضريبية على السلع والخدمات ، ورفع الدعم عن مادة الخبز الأساسية ، وفرض ضرائب على المحروقات ، ورفع رسوم اصدار جوازات السفر، ورفع تعرفة الكهرباء، وفرض رسوم على المجلات والكتب.
مع هذه القرارات” الجائرة” التي جاءت في ظل ارتفاع مديونيتنا تلبية لشروط صندوق البنك الدولي، تناقصت قيم الرواتب ، مما يؤشر إلى أننا سنشهد أزمة اقتصادية تتسعد فيها رقعتا الفقر والبطالة، وتتزايد نسبة الجريمة وانتشار المخدرات، وتفشي الفساد في ظل عدم توفير فرص العمل لطالبي الوظائف، وتقليص أعداد العمالة من قبل اصحاب العمل الذين سيرغمون على تخفيض اعمالهم.
وزاد غياب الجهات المعنية، وتجاهلها بالوقوف عند أسباب موجة السخط العام، وعدم طرح حلول عملية لمعالجة المشكلة ، زاد من ردم الفجوات التي باتت تتسع بطريقة مقلقة بعد أن وصلنا إلى أسوأ أحوالنا بشيوع الحديث عن القلق على سعر صرف الدينار ، والتكهنات بأن نشهد أحداثا مماثلة لأحداث 1989 ، والتي جاءت اعتراضا على خفض سعر صرف الدينار، مع أن التطمينات الحكومية الحالية بأن دينارنا مستقر ، وبوضع مطمئن ،وأن الحديث عن وضع الدينار غير وارد على الاطلاق، ربما يزيد من القلق الشعبي على الحالة الاقتصادية، اذ تعود المواطن من الحكومات ان نفيها لبعض الامور يتبعه اثبات .
ردود الفعل الشعبية التي تم تضخيمها “بدبلجة صوتية”، وإحياء مقاطع فيديو قديمة، جددت المطالبة بتفعيل الحياة الحزبية ، وإجراء انتخابات برلمانية بعد أن خذل البرلمان منتخبيه في التغيب عن الجلسات التي تم فيها اتخاذ قرار رفع الأسعار، أو التقاعس عن حجب الثقة بالحكومة جراء اتخاذها لقرارات” مجحفة” بحق المواطن .
الامر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل وصل إلى طرح جنسيتنا التي نعتز بها للبيع ، أو كما يطلق عليها منح الجنسية للمستثمرين تشجيعا للاستثمار ، لتسجل جنسيتنا حسب أسعار البورصة المحلية مليون ونصف المليون دولار .
ووسط استهجان المواطنين الذين يعتمدون بغالبيتهم على وظائف الدولة، نشهد تسريبات حول تعديل قانون الضمان الاجتماعي ، ورفع سن التقاعد ، لكن الخطورة في ذلك تكمن في تخفيض معدلات المنفعة من اثنين ونصف الى اثنين ، وبذلك سيتم تخفيض الرواتب التقاعدية ، ورغم نفي المؤسسة غير القطعي لذلك ومع غياب المصارحة والشفافية لكننا بانتظار الكشف عن الدراسة الاكتوارية التي ستظهر في منتصف شهر آيار المقبل، وفي ضوء الوضع المالي غير المريح للمؤسسة أيضا، فإن هناك نية تتجه نحو إجراء تعديلات على القانون سترى النور مع بداية عام 2020 حسب تسريبات على استحياء .
لقد أصبح الهم الاقتصادي هاجسا لدى المواطن الأردني ،الذي لم يعد يأبه بكل الظروف التي تجري في المنطقة ،فعلى الرغم من الفوضى في سوريا والعراق وما أحدثته من تأثير وتهديدات أمنية واقتصادية على المملكة، فهذا المواطن الأردني دفعته الظروف الصعبة لينتحل صفة “لاجيء”؛ لينعم برغد عيش اللاجئ، مقارنة بما يعيشه المواطن الأردني من أوضاع مؤلمة تصعب على أي انسان .
أي حالة من التخبط نعيشها ، خاصة في ظل حالات السطو على البنوك والصيدليات ، حتى بدأت الصورة تتضح خلال استضافة الاعلامي ياسر نسور في برنامج بصراحة على روتانا للعميد امجد الخريسات مدير البحث الجنائي ، الذي اشار الى أن هناك تشاورا بين مدير الامن مع ادارات البنوك وأصحاب الصيدليات لتوفير الحماية لهم من قبل متقاعدي الأمن ، مع تشديده ” إذا رغبوا بذلك”!
إلى هنا لم ينته الأمر عند عدم الاكتراث بالمواطن ، بل وصل إلى تغول البطانة على المواطن من خلال الاستقواء عليه ، أو نعته بصفات تنم عن ضيق أفق هذه الزمرة التي من المفترض أن تكون مميزة .
يتمحور تخوف المواطن من سلسلة مقبلة من “الرفعات” وباتجاهات متعددة… لكن بغض النظر عن التعديلات التي ستخرج بها الحكومة ، سيبقى حال المواطن يردد : قولوا ما تريدون ، فنحن نصدق ما نراه .
من الواضح أن الأمور “واقعة”.. “واقعة”..”واقعة”..