صراحة نيوز – بقلم مكرم الطراونة
انشغل الرأي العام خلال الیومین الماضیین بملفین مھمین وخطیرین في آن، یتمثل الأول بتقریر ”راصد“ بشأن مجلس النواب وما كشفه من أرقام مؤلمة، والثاني بخصوص تعیینات حكومیة في مناصب علیا لأشخاص تبین أنھم أشقاء أعضاء في مجلس النواب.
في الموضوع الثاني، ترأس جلالة الملك جلسة مجلس الوزراء أمس، وأكد أھمیة التعامل بشفافیة وعدالة مع أي تعیینات، وأن تكون على أساس الكفاءة، مع ضرورة شرح قرارات التعیین للمواطن فورا، وإعادة النظر في أي تعیین غیر مستحق، في حین سارع النواب المعنیین إلى تبرئة أنفسھم بتأكیدھم لـ“الغد“ أن لا علاقة لھم بتلك التعیینات، وأنه تم اختیار أشقائھم انطلاقا من مبدأ ”الرجل المناسب في المكان المناسب“!
ونحن أیضا لیس لدینا أي شيء ضد ھؤلاء الأشخاص، ولربما كانوا یستحقون التعیین في تلك المناصب العلیا، وأنھم ھم الأجدر بھا، لكن ما نعترض عليه فعلا ھو أن الحكومة التي تمطرنا یومیا بأشعار وقصائد وتصریحات عن الشفافیة كان الأجدى بھا أن تسارع منذ أول من أمس إلى توضیح قراراتھا، ووضع المواطن في صورة الإجراءات التي تم اتخاذھا، والعدالة التي تمت مراعاتھا وأدت إلى اختیار ھذه الأسماء دون غیرھا، قبل أن تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي بـ“القیل والقال“.
أما بخصوص الواقعة الأولى، ففي الواقع لا أستطیع بأي حال من الأحوال أن أستوعب فكرة ألا یؤدي أحد ما الأمانة التي التفت حول عنقه عندما تسابق 14562 مواطنا نحو صنادیق الاقتراع للإدلاء بأصواتھم سعیا منھم لإيصالهم إلى بیت التشریع، آملین منهم أن یعمل ویكد ویجتھد من أجل إنصافھم!
وأیضا، فأنا لا أستطیع أن أستوعب أن شیخا ملتزما دینیا یرضى على نفسه أن یقبض راتبه على مدى أشھر طویلة، من دون أن یؤدي أي عمل، سوى الاعتذارات عن حضور جلسات النواب، متناسیا أن راتبه الشھري ھو من جیوب المواطنین ”المسخمین“ الذین یجوعون كل یوم، ولكنھم مضطرون إلى دفع الضرائب والرسوم والطوابع، وقائمة طویلة مما تجتھد به الحكومة في تفننھا لتجویعنا!
ولأن بطل روایتنا ھنا ھو رجل صاحب دعوة دینیة، فلا بأس أن أسأله عن رأي الدین في مثل سلوكه ھذا، وكلي آذان مصغیة لما یمكن أن یجیب به النائب الدكتور محمد القضاة عن الحكم الشرعي في التخلي عن الأمانة التي أوكلت اليه . وعما سیجیب به الله عندما یقف بین يديه ليسأله عن خذلانه لمن كلفوه بالدفاع عنھم، وعن حقوقھم كمواطنین في وجه تجبر السلطة التنفیذیة التي تواصل فتكھا بالمواطن اقتصادیا.
كیف لأي مواطن أن یثق ویستمع لخطبه الرنانة عبر إذاعته وھو قد أظھر انھزامیة مفرطة بتعيبه عن 32 جلسة من أصل 38 جلسة نیابیة ناقشت وأقرت قوانین مصیریة على رأسھا قانون الضریبة!!
الدكتور القضاة مطالب بأمرین مھمین؛ أولا توضیح الأسباب التي دفعته إلى اقتراف ذنب التخلي عن حمایة مصالح المواطن، وبالتالي تركه لها في العراء من دون سند أو نصیر، وھو ھنا مطالب بأن یقدم مبررات مقنعة، رغم یقیني أنه لن یستطیع إلى ذلك سبیلا.
أما الأمر الثاني، فیتوجب عليه أن یسارع إلى تقدیم استقالته من عضویة مجلس النواب، وھي استقالة ستحفظ له ما تبقى من رصید لدى الشارع الذي اعتبره یوما ما صوتا مختلفا قد یشكل إضافة نوعیة لمجلس النواب، قبل أن تظھر النوعیة الحقیقیة لأدائه ونكتشف أننا مخدوعون حتى النخاع!
إلى جانب القضاة، ھناك النواب الثمانیة الذین حضروا جلسات مجلسھم كـ“دیكور“ لكي یكملوا النصاب، فصمتوا على تغول الحكومة على المواطن، ولم ینبسوا بحرف واحد یبرر الوعود والعھود الانتخابیة التي ”اقترفوھا“ قبل الانتخابات، مغررین بالمواطن لیصلوا قبة البرلمان. نقول لھم: الصمت یلیق بكم!!
ولكن، لا بأس من سؤال استنكاري في النھایة: یا إلھي!! أي حكومة ھذه، وأي نواب ھؤلاء، وكیف یتساقطون بھذا الشكل الھزیل!!
الغد