صراحة نيوز – خاص
اكبر خشية لدى جمهور الناخبين ان يتحقق الظن القائل ” أن البرلمان الجديد نسخة من سلفه السابق ” ، لذلك فإن المزاج العام متعكر قليلا مع اعلان مائة نائب سابق واكثر رغبتهم بخوض غمار الانتخابات القادمة ، مما يعزز الخشية من تكرار البرلمان المنتهية ولايته ، الغائب – اي البرلمان القائم – عن أخطر مشهد يجوس البلاد منذ نشأة الدولة الاردنية ، المعتادة على المواجهة مع القوى الاقليمية والفصائل الخارجة على السلطة ، لكنها المرة الاولى التي تواجه فيه الدولة عدوا داخلياً شرساً ومتخفيا وله امتدادات على مساحة الكون واعني كوفيد ١٩ او فيروس كورونا .
فالمواجهة هي عنوان المرحلة القادمة ، وهي مواجهة على كل الاصعدة ، ولعل ساحة الاقتصاد ستكون الاشرس والاكثر فتكاً ، وهي ساحة محكومة بشروط صارمة لا يمكن ترتيب الاوليات فيها ، فكل الاحتياجات تطرق الباب الوطني بنفس القوة والإلحاح ، وهذا يتطلب برلماناً من طراز مختلف ، ملتزم باشتراطات اللحظة الوطنية ، العطشى الى رقابة حاسمة وتشريع قادر ومرن في نفس الوقت ومحاسبة لا تمايز ولا تتردد ولا تحابي ، وعليه فإن نوعية المرشح القادم هي نقطة الحسم في جذب الناخب للخروج وترك الكنباية الثلاثية التي جلس عليها طويلاً ، ومغادرة اللبس المنزلي من شورتات او بدلة رياضية او دشداشة اعتاد على الانزلاق داخلها كل يوم اجازة .
إذن تركيبة القائمة ستكون اول عنوان جذب ، بعد أن قدمت الهيئة المستقلة للانتخاب اشارات ايجابية لحماية ورقة الاقتراع وصندوق الاقتراع ، وتمارس قدر استطاعتها مراقبة مسبقة للمال الاسود الذي ما زال يجتاح – حسب الوارد من الفئات الشعبية – الحالة في الاماكن الفقيرة او غير المتحفزة للمشاركة بسبب طعونات البرلمانات السابقة لظهر الناخب ، والعبث في صندوق الاقتراع ، وقبل كل ذلك الاثر المحدود للبرلمان في تكريس الاصلاح السياسي عبر تشريعات ضامنة ومحاربة بؤر الفساد الاداري والمالي ، بل ان البرلمانات السابقة انتجت واضافت نمطاً جديدا لانماط الفساد السائدة وهو الفساد النيابي ، بسبب تدخل نواب لمصلحة الفاسدين ، ويكفي تصريح وزير المالية الدكتور محمد العسعس الذي قال ان حجم الاعفاءات الضريبية والجمركية بلغ مليار دينار في بلد تعاني موازنته من عجز يبلغ مليار دينار ومئتي مليون .
من هنا يبدو الانحياز واجباً لاي قائمة تحمل في ثناياها ملمح الفهم للقادم وتتألف من شخصيات غير مطعون في ماضيها ومسلكيتها المهنية والشخصية ، وتمتلك الرغبة والقدرة على إحداث الفرق المطلوب والمأمول لمواجهة تركة الماضي وأمآل المستقبل رغم صعابه ، وبقراءة هادئة في تركيبة قائمة ” تقدم ” اول قائمة تعلن عن نفسها في دائرة عمان الثالثة ، نجد انها تمتلك الحد المطلوب من الصلابة والقدرة على مقارعة تداعيات السابق وآفاق القادم ، فالذي نسج تركيبة القائمة مدرك لطبيعة التركيبة الاجتماعية والسياسية لدائرة عمان الثالثة ، فالمحامي اسامة البيطار نجح في تحقيق تآلف وتحالف داخل ” تقدم ” بحيث كل مرشح فيها يحمل فرصة النجاح الكاملة ، فالمرشح عن المقعد المسيحي وائل قعوار مسنود بثقل صوتي من عشيرته الخبيرة بالسياسة وحتى بالمقعد النيابي عن هذه الدائرة وغيرها من الدوائر الانتخابية في محافظة البلقاء الاقرب نهجا ومنهجاً الى ثالثة عمان ، وقعوار شخصية مترامية العلاقات مع كل التركيبة الاجتماعية الاردنية واقتصادي ناجح في قطاعات متعددة وان كانت السياحة والنقل ابرز مكامن قوته ، وكذلك مرشح المقعد الشركسي صالح جلوقة الذي استقبل الشباب الشركسي قرار خوضه الانتخابات باحتفالية تليق بشخصية ناجحة في قطاع عملها بل يترأس جمعية القطاع ويحظى بقبول شركسي وبعلاقات ممتدة داخل الوسط العماني .
على صعيد مقاعد المسلمين ثمة حضور فاعل ومتنوع بعناية فائقة تليق بقائمة يمكن ان يبنى عليها ما بعد الانتخابات ، فالتوليفة متعددة الخبرات ويمكنها التحول الى مشروع سياسي قادم ، فالسيدة منى ذوقان الهنداوي وإن كانت تحمل إرثا وطنيا بالجينات من الراحل ذوقان الهنداوي احد ابرز رموز النزاهة الوطنية والتربوية في الاردن ، الا انها تحمل وعياً وتراثاً في الخدمة العامة خاصة في ملفات المرأة وذوي الهمم والشباب ولديها تجارب عميقة في الخدمة العامة على اكثر من صعيد وخصوصا التمكين الذاتي للشباب ، ويأتي الخبير في التقنية والاتصالات لغة العصر الجديد نادر عزالدين الخطيب التميمي ليكمل مسار القائمة ليس فقط بإرث والده الفقهي التنويري بل بلون قطاعي ندر الالتفات اليه رغم طغيان حضوره اليوم وغدا ، فعالم الاتصالات باجياله المتعددة يحتاج الى مراجعة مستدامة بعد ان بات حاضراً بعدد حضور الاسرة الواحدة .
على صعيد متصل فإن وجود خبير في الادارة المحلية بحكم خبرته ومشاركته في مجلس العاصمة عمان اللامركزي قبل استقالته لخوض غمار الانتخابات تبدو اكثر من ضرورية فالمرشح عمر القيسي امتلك خبرة في العمل المحلي وحضوراً افرز نجاحه في انتخابات اللامركزية قيمة مضافة للقائمة لإثراء تجربتها في الادارة المحلية التي تحتاج الى سند وتقوية في التشريع والتأثير المستقبلي بوصفها الفرصة شبه الوحيدة للتخلص من ظاهرة نائب الخدمات ، وكذلك الشاب الحيوي حسين علي جريد الحراسيس القادم من عمق الدائرة الثالثة التقليدي ، قبل ان تتمدد الدائرة وتصبح عنوانا للثراء والحضور السياسي ، فهو ممثل حقيقي لابناء الطبقة الوسطى الساكنين على اطراف الثالثة ولكنهم عمقها الصوتي والذين يسعون الى عودة هذه الطبقة الى الأثر والتأثير بعد ان انهكتها قرارات الحكومات المتعاقبة ومنحت اصواتها لطبقة ادارت ظهرها بسرعة لها .
تأخير يستوجب التقديم يستحقه المحامي البيطار دينمو القائمة وصمغها الذي حبك وجمع هذه التوليفة بمهارة وخبرة اكتسبها من خبرته السابقة في الترشح للدائرة الثالثة ، ورغم ثخانة الجراح السابقة الا انه ممسك على الخدمة والتواصل مع عشيرته الممتدة ومع تكوينات الثالثة السياسية والاقتصادية ، فالشاب يحمل رغبة وارادة في تأصيل الفقه التشريعي ليس في مجال الملكية الفكرية التي اخذت جل وقته حتى بات خبيراً اقليمياً بل في الفهم الدستوري والاستقرار التشريعي وتعظيم مفهوم الرقابة والمحاسبة في العمل النيابي ، وهو مسنود كما القائمة بفهم اصيل للدولة الاردنية المدنية التي تحافظ على وجدانها الديني وقوانينها المدنية في بوتقة المنظومة القيمية المجتمعية التي منحت الاردن مكانته ومكنته الاقليمية والعربية .
”تقدم ” قائمة انتخابية ، نعم ، لكنها رسالة واعية من شباب اردني لتأصيل العمل النيابي لما بعد الانتخابات ، فصمغ القائمة متصل لما بعد الانتخابات واذا ما بقيت على ذلك فستكون مفاجأة الانتخابات القادمة كما يقول السياسي اليساري فاخر دعاس ، الخبير في الانتخابات العامة ودائرة عمان الثالثة بشكل خاص .