صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
عند إحتلال الجيش الإسرائيلي جزيرتي تيران وصنافير السعوديتينن في عدوان حزيران 1967 ،قامت السعودية بالتنازل عنهما لمصر ،وأضيفتا إلى المساحات التي إحتلتها مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية من مصر ،وظن الجميع فعلا انهما مصريتان .
وجرى تفسير هذه الحركة السعودية غيرالمفهومة للعامة ،أنها لا تريد أن تظهر لشعبها أن مستدمرة إسرائيل تحتل أراض سعودية ،وهذا من باب التضليل والتزوير بطبيعة الحال،وإنطلت الحيلة على المصريين أنفسهم بأن الجزيرتين مصريتان ،ما خلق إشكالات كثيرة بعد إنسحاب الجيش الإسرائيلي منهما وإعادتهما للسيادة المصرية ،لكن السعودية وبعد أن قررت التطبيع الرسمي والعلني مع مستدمرة إسرائيل ،إستعادت الجزيرتين من السيسي بناء على ترضية معينة ،ما ألهب الشارع المصري وتدخل البرلمان والقضاء وظهرت بعض المهازل.
المهم أن الجزيرتين عادتا للحضن السعودي ،ولهذا مفهوم آخر وهو أن السعودية أصبح لها حدود مشتركة مع مستدمرة إسرائيل ،ويقال أنه تم الإتفاق على أن تقوم مستدمرة إسرائيل بإدارتهما،وهذا يعني الكثير في علم السياسة والتنازلات.
تعدى ما يقال حول هذا الموضوع مرحلة التكهنات إلى ظهور العلامات المضيئة على أرض الواقع ،والتي تشي بالكثير مما لم يكن أحد يتوقعه وهو ان تنخرط السعودية في علاقات مع مستدمرة إسرائيل ،مع اننا نعلم علم اليقين أن للسعودية علاقات مع المستدمرة وهي فكرة صهيونية على الورق.
إنفجر الدمل بتخطيط أظهر النهايات بكافة تفاصيلها عند مجيء الرئيس الأمريكي ترامب سيدا للبيت الأبيض ،وتبين أن هناك علاقات حميمة بينه وبين حكام السعودية ،ويبدو ان القصة أشمل من الحديث عن ثنائي يضم السعودية وأمريكية ،ويقيني أن الماسونية هي القاسم المشترك،وإلا لما فاز ترامب في إنتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة ،وعموما فإن الخيوط بدأت تتكشف وستكون هناك فضيحة أمريكية أخرى تطيح برأس ترامب وهي فضية التزوير التي يسند إلى موسكو وتحديدا صديقه الرئيس بوتين .
أثناء زيارة تارمب للرياض في الصيف الماضي حدث ما لم يكن في الحسبان وهو أن القيادة السعودية التي مكنت نفسها في العالمين العربي والإسلامي بالرشاوي ،حشدت له زعماء الخليج ،والزعماء العرب وزعماء العالم الإسلامي بإستثناء الرئيسين الإيراني والتركي ،وتم عقد ثلاث قمم في الرياض إضافة للقمة الرابعة وهي السعودية –الأمريكية .
كان الهدف من قمم ترامب في الرياض هو إيصال رساله للرئيس الأمريكي أن السعودية بيدها أوراق الخليج والعالمين العربي والإسلامي ،وانها تستطيع وبإشارة واحدة من قيادتها جمع الزعامات وفي أي وقت ومكان تشاء ،ولأن ترامب لمس ذلك على أرض الواقع فقد صدق الحيلة .
جرت في قمم الرياض الأربع مناقشة صفقة القرن الماسونية التي تعهدت القيادة السعودية برعايتها والإشراف عليها ،وتضرب هذه الصفقة سربا من الطيور بحجر واحد ،فالقيادة السعودية تنصب نفسها إمبراطورا للمنطقة بتوطيد علاقاتها مع مستدمرة إسرائيل ،وتشطب الحق الفلسطيني ،وتقوم بتهميش دور الأردن ،وها هي تحاصره ماليا وحتى سياسيا عندما لم تسمح للملك عبد الله الثاني بن الحسين بالقيام بدور الوساطة في أزمة الخليج ،كونه رئيس القمة العربية وملك مهاب الجانب وله كلمة مسموعة في الشرق والغرب.
بعد قمم الرياض قامت السعودية والبحرين والإمارات ومعهم السيسي بمحاصرة قطر لأن أميرها الشيخ تميم رفض الكثير من بنود صفقة القرن والتي تتعلق بشطب القضية الفلسطينية وشن عدوانين على غزة وجنوب لبنان ،ولذلك تقرر محاصرة قطر تمهيدا لشن عدوان مسلح عليها يشل حركتها ويشطب قناة الجزيرة التي لن تتمكن حسب الخطة من تغطية العدوانات على غزة وجنوب لبنان ،ومن التعليق على التطبيع السعودي مع مستدمرة إسرائيل.
رأينا وسمعنا وقرأنا بالصوت والصورة الإنبطاح السعودي امام مستدمرة إسرائيل ،إلى درجة أن مبس قام بزيارة سرية كشفتها وسائل إعلام المستدمرة لتل أبيب في السابع من سبتمبر الماضي وإلتقى مع النتن ياهو وتوسل إليه ان يوافق على أي حل وهمي مع الفلسطينيين كي تسرع السعودية من تطبيعها معهم ،لكن النتن ياهو المتعجرف رفض هذا الطلب.
قبل أيام تكشفت فضيحة عالمية أخرى شكلت السعودية أحد اطرافها ،وهي إرتكاب ترامب حماقة عجز عنها بوش المجنون الصغير وهي إعترافه بالقدس عاصمة لمستدمرة إسرائيل ،وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن ترامب لم يكن ليجرؤ على فعلته لولا التواطؤ السعودي السيساوي معه ،وأيدتها بذلك وسائل إعلام أمريكية .
أحدث جنون ترامب الذي لهف من السعودية نحو نصف تريليون دولار عدا ونقدا ،إرباكا في المنطقة والعالم ،ولو كان في منطقتنا اناس يعملون من أجلها لأشعلوا النيران في كل شبر يتواجد فيه أمريكيون لأن ما قام به ترامب بغض النظر عمن دفعه لذلك ومن نقده المليارات ،يمس العقيدة في قلبها.
بعيدا عن ردات الفعل العربية –الإسلامية التي أنهكت فيها الحناجر ولم يتم تلقيم البنادق والمدافع بأي طلقة او رصاصة ،فإن القصة متفق عليها بحسب علم المنطق ،وكانت البداية بالتسريبات الإعلامية حول التواطؤ السعودي-السيساوي مع ترامب لحرق المراحل والبدء بالمرحلة العملية الثانية بعد الخضة التي أحدثها قرار ترامب المجنون.
يقول العارفون أن التواطؤ السعودي مع ترامب اكيد وأن ذلك جرى من خلال سيناريو محدد مرسوم بدقة متناهية ،وهو أن ترامب قبض نحو نصف تريليون دولار ثمنا لإعلان الموقف الأمريكي ،وأنه سيحدث خضة كبيرة ويحرك الراكد وقد حصل ،وان الجزء الثاني من الخطة يتمثل في قيام ترامب بقبض نصف تريليون دولار آخر ليقوم بسحبه ،تحت تبرير واحد وهو ان العالم بغالبيته رفض ذلك ،وان على المجتمع الدولي ان يبحث عن خطة أخرى ، ويقال أن السعودية أفشلت قرار ترامب كما قيل أن الملك سلمان هو الذي أجبر النتن ياهو على فك الحصار عن الأقصى وإزالة الكاميرات مع ان من نجح في ذلك هو جلالة الملك عبد الله الثاني.
عند ذلك تقوم السعودية بالتربع في المقدمة بعد شطب الدوار المصرية والسورية والعراقية ،وإضعاف الدور الأردني وتهميشه إلى أبعد الحدود ،تمهيدا للكونفدرالية الأردنية –الفلسطينية ،وستقوم السعودية بفرض حلها وسرقة الولاية على المقدسات العربية في القدس من الأردن ،وهذا ما يفسر لنا رسائل السعوديين عبر وسائل التواصل أن الحل في الرياض،بمعنى أن قرار ترامب جاء تكتيكيا لتمهيد الطريق للسعودية كي تفرض حلها وتقيم علاقات علنية مع مستدمرة إسرائيل ،ولا ننسى الضغط السعودي على القيادة الفلسطينية بأن تتخلى عن القدس وتقبل بأبو ديس عاصة للدولة الفلسطينية الوهمية المنتظرة.
لم يعد الأمر مخفيا ،فالسعودية وبعد إتهامها بالإرهاب بعد جريمة تفجير البرجين تريد تنصيب نفسها إمبراطور العرب والمسلمين ،ولذلك شكلت تحالفا عربيا إسلاميا لمكافحة الإرهاب ،وهي تظن انها ستنجو من تداعيات قانون جاستا الأمريكي،وربما لا تعلم ان صندوق تعويضات اليهود في الجزيرة بإنتظارها وستدفع كل صناديقها السيادية وما تحت الأرض لمئة عام مقبلة وربما تبقى مدينة لليهود .