رغم اختلاف الثقافات رغم تعدد اللغات رغم الحروب الطاغية بين دوله علي مدار التاريخ أخرها حربين عالميتين الأولى والثانية التي دمرت كل شيء في اوروبا من البشر الى الحجر ..
وما أن وضعت الحرب أوزارها حتي تعلمت بلادهم الدرس وبدأت بالعمل والتعاون المشترك وتبادل المصالح وأصبحت أكبر قوى اقتصادية في العالم ونمازج يحتذى بها…..أقصد هنا دول الاتحاد الاوروبي …
في الاتحاد الاوروبي ما أن يتأثر عضو فيه حتي يهب باقي الأعضاء لمساعدته اقتصاديا وسياسيا وعسكريا اذا اقتضى الأمر …..وأخر هذة النمازج هي اليونـان التي احتفل رئيس وزرائها أول أمس أمام العالم بنهاية فترة ديونها وبدأ فترة السماح بسداد الديون التي تبدأ 2030 لدرجة أن رئيس اليونان قال في خطابه الأخير ..” آن لليونانيين أن يبتسمــوا ” … وغيرها من دول في الاتحاد وجدت صعوبات اقتصادية والبرتغال مثال أمتدت لها فورا يد الاتحاد الأوروبي …
ننظر الي حالنا العرب بأسى وحزن كبيرين …وما يحدث لدولنا العربية من أزمات اقتصادية طاحنة لاتنفع معها سياسة الفزعــة التي تعتمدها الدول النفطية العربيـــــة , التي حباها الله بنعم كثيرة من كنوز الأرض وبدعوة خليل الله سيدنا ابراهيم ـــ اقرب مثال علي ذلك أزمة الاردن وهو “البلد العربــــــــــي “الذي لم يتأخر يوما عن أشقائه في أي أزمة …. وأبسط مثال درع الجزيرة الذي يتكون أغلبه من قوات اردنية جاهزة مستعدة لدعم الأشقاء العرب …
يتعرض الاردن الآن لمشاكل اقتصادية كبيرة بعد أن بلغت ديونه 95% من الناتج المحلي لأسباب كثيرة , سياسات مالية ربما كانت خاطئة , شح الموارد , ارتفاع أسعار النفط الي ارقام قياسية , وموجة النزوح الكبيرة التي هاجمت الاردن من العراق وسوريا مما أثقل كاهل ميزانية هذا البلد العربــــــي , وأصبح يحتمل فوق طاقته , وبات الاردن في حيرة كبيرة بين متطلبات صندوق النقد الدولي من جهة وغضب الشارع الاردني الذي لم يعد يحتمل أي ضرائب من جهة أخرى , خاصة بعد رفع الدعم عن الخبر والمحروقات وغيرها من سلع , ما جعل الشارع الاردني ينفجر غضبا لكنه خرج في مشهد متحضر يعبر عن غضبة أورفضه لمزيد من الضرائب ورفع أسعار برقي وحضارة ..مما جعل دول الخليج يشعرون ببعض المسؤلية تجاة الاردن ..ودعت السعودية مشكورة الي الاجتماع المعروف اجتماع مكة لمساعدة الاردن .خطوة ايجابية من دول الخليج دول عربيـــــة لدعم بلد عربـــــي لكن الدعم لم يكن علي حجم التوقعات .
حيث تم الموافقة علي دعم الاردن في الهيئات الدولية لضمان القروض الاردنية , وديعة في البنك المركزي لدعم الموازنة تسترد عند الطلب , وفرص عمل للعمالة الاردنية في قطر التي قدمت وديعة في البنك المركزي بقيمة 500 مليون دولار وديعة تسحب ايضا عند الطلب .عروض مشكورين عليها , لكن كل ذلك عبارة عن مسكنات لاقتصاد منهك اقتصاد متعب … الدعم العربي لم يكن بحجم المعاناة
والدعم العربــــــي لأي بلد عربـــــي هو حق معلوم بحكم الدين واللغة والجوار والتاريخ المشترك .. والتقاليد والأناشيد التي رضعناها في مدارسنا ونحن صغار نردد “بلاد العرب أوطاني وكل العرب أخواني ” وعندما كبرنا أكتشفنا أن لا بلاد العرب أوطاني ولا كل العرب أخواني …
الا يستحق الاردن دعم أشقائه بعيد عن سياسة الفزعــة ..الا يستحق الاردن مشروع عربي مشترك مشابه لمشروع مرشال الذي أنقذ اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية , الا يستحق الاردن دعم نفطي من الخليج والعراق بحيث يتحملون فاتورة النفط الاردنية كاملة , توزع فيما بينهم بنسب مناسبة لكل دولة ..
فاتورة النفط الاردنية هي أكبر إرهاق لميزانية الاردن والاقتصاد الاردني وكذلك المواطن الاردني..
لن يضرهم شيء كدول نفطية كبيرة اذا وزعت عليهم فاتورة بلد صغير لا يتجاوز تعداده العشرة مليون .. ليلتقط الاردن أنفاسه ويتخطى أزمته , ويستطيع وضع خطة اقتصادية قوية تمتد لعشر سنوات للخروج بإقتصاده من عنق الزجاجة .
الاردن قادر بما يملكة من كوادر بشرية مدربة وخبرات متراكمة في كل المجالات أن يكون سنغافورة … فسنغافورا بلد لا يمتلك أي موارد طبيعية , عبارة عن صخرة كبيرة في بحر لا يوجد لها أي موارد أولية حتي أن مياة الشرب تأتنيهم من ماليزيا عن طريق أنبوب .. ورغم شح الموارد استطاعت سنغافورة أن تصنع معجزة اقتصادية , والاردن بكوادرة البشرية مؤهل لذلك وقادر أن يكون سنغافورة المنطقة…. فقد يحتاج دعم أشقائه … وفي كل الأحوال ومهما كان الدعم هو دعم مسترد …فقط فترة من الزمن لإلتقاط الأنفاس ..فكرة المبادرة بدعم الاردن أو حتي مطالبة الاردن نفسه بالدعم لا يقلل من قيمة الاردن ولا من مكانة الاردن أطلاقا …. وعمر الدعم للاردن ما كان منحة أو منة أو عطية …دا حقهم .. حق الاردن المهضوم عند هذة الدول فالاردن باختصار هو خط الأمان ..خط الدفاع الأول عن هذة الدول وحق الدفاع وحق الجوار وحق الحماية ( الجيش العربي ) يفرض علي هذة الدول مساعدة الاردن .
.. الاردن يملك خيارات كثيرة لإنتعاش إقتصاده وعروض مغرية لا مجال لذكرها….لكنه كبلد عربــــي أصيل يتمسك بتاريخه يتمسك بعروبته ولا يقايض عنها بأموال مهما كان الثمن ومهما كانت الاغراءات , هنا للدول النفطية من العرب من وقفة جادة مع النفس لمساندة الاردن خط الدفاع قبل فوات الآوان … فحاجات الشعوب لاتحتمل الإنتظار طويـــلا …..