صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في مقال جلالة الملك عبد الله الثاني الذي نشره يوم الثلاثاء 30 / 10 / 2018، كتب ما يلي وأقتبس : ” أردت عبر هذا المقال أن أخاطب جميع أبناء وبنات الأردن الغالي، لأشجع النقاش البنّاء حول أولوياتنا وقضايانا الوطنية المهمة، وهي كثيرة ومتنوعة “. انتهى الاقتباس. وبناء عليه رغبت بأن أستجيب لدعوة جلالته، وأقدم نقاشا بناء كما أراه، حول القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي، قبل نشر مقال جلالته بيوم واحد.
فبعد حادث البحر الميت المؤسف الذي أودى بحياة معلمتين وتسعة عشر طالبا – رحمهم الله – وما رافق ذلك من فشل في إدارة أزمة عملية الإنقاذ، جاء دولة الدكتور عمر الرزاز ومجلسه الموقر، ليزفّوا إلينا درسا مستفادا من دروس حادث البحر الميت المؤسف، يتمثّل بتشكيل فريق وزاري للتعامل مع حالات الطوارئ.
شكل دولته فريق الطوارئ من نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشّر، وعضوية كل من وزير الدولة للشؤون القانونية معالي السيد مبارك أبو يامين، معالي وزير الدولة لتطوير الأداء المؤسسي السيدة مجد شويكة، ومعالي وزير الدولة لشؤون الإعلام السيدة جمانا غنيمات. وحدّد مهمة الفريق كالتالي : ” التنسيق مع الوزارات والجهات ذات الاختصاص، للتعامل مع أية أزمة أو ظروف طارئة، بشكل يكفل حسن إدارتها “.
ومن المعروف أن طبيعة حدوث الأزمات الطارئة، تتراوح في غالبيتها بين الكوارث الطبيعية، والحوادث الأمنية على اختلاف أنواعها. وإذا ما استعرضنا خبرات الفريق المشكل للتعامل مع تلك الحالات، نجد أنها تنحصر بين الخبرة المصرفية، والخبرة القانونية، وخبرة الاتصالات، وخبرة الصحافة. أي أن لا علاقة ولا خبرة لدى أعضائه في قضايا الطوارئ وإدارة الأزمات، التي يُحتمل وقوعها لدينا لا سمح الله.
فبالنسبة للكوارث الطبيعية، نتوقع أن نواجه قريبا فصلا شتويا صعبا هذه السنة، قد يتسبب بحوادث مائية على الأقل، في العاصمة عمان وفي بعض المدن والقرى، مما يتطلب وضع خططا للطوارئ، واتخاذ الاستعدادات المسبقة لها. أما بالنسبة للحوادث الأمنية، فمعروف أننا في الأردن مستهدفون من قبل المنظمات الإرهابية، بتنفيذ عمليات إجرامية في أي وقت خدمة لأغراضها الشريرة. الأمر الذي يستدعي إجراء دراسات للأهداف المحتملة، ووضع خطط أمنية مسبقة لحمايتها، على أن يصاحبها قدرة على رد الفعل السريع في أي زمان ومكان.
ومع احترامي لفريق الطوارئ، المشكل بقرار مجلس الوزراء للتعامل مع هذا الوضع، فإنني على قناعة تامة بأنه لن يستطيع القيام بمهمته على الوجه المطلوب. وهذا ليس انتقاصا من القدرات المهنية لأولئك الذوات، بل لعدم تخصصهم في مجال المهمة الموكولة إليهم، وعدم قدرتهم على تشكيل خلية أو خلايا أزمات فعّالة.
فإن كان دولة الرئيس يأمل في مواجهة الأزمات، وحالات الطوارئ المحتملة بهذا الفريق، فأقول : أبشرى أيتها الأزمات بطول العمر، لأن دولته يعزز الفشل السابق بفشل جديد، يوكله إلى فريق يجهل طبيعة العمل في هذا المجال، والمكتوب يُقرأ من عنوانه. واستغرب في الوقت ذاته، كيف يقبل أصحاب المعالي الوزراء بمهمة ليست من اختصاصهم ؟ إلاّ إذا كانوا واثقين من عدم حدوث الأزمات، أو أن بقاءهم في مناصبهم محدود بزمن قصير.
وهذا الحال في حقيقة الأمر، يعبر عن سرّ الفشل الذي تقع به الحكومات المتعاقبة في كثير من المجالات، لأنها لا تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ولا تكلف الشخص المناسب بالمهمة المناسبة. كما أن المكلف بمهمة معينة، ليس على استعداد لتقييم نفسه والتضحية من أجل مصلحة الوطن.
قبل بضعة أيام كتبت مقالا تساءلت به عن دور ” المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ” الذي يربض على أحدى هضاب عمان الغربية، وهو المعني أساسا بمثل هذه القضايا ولكنه لا يمارسها فعليا. علما بأن رئيس الوزراء هو رئيس مجلس إدارة المركز، ويشارك بعضويته جميع رؤساء الأجهزة العسكرية والأمنية. وقدمت اقتراحات معينة قد تساعد في تفعيل عمل المركز. ولكن يظهر أن حكومتنا الرشيدة غير مستعدة لاستقبال مقترحات المواطنين، بل تفعل عكسها تماما، انطلاقا من القاعدة الذهبية التي سنّها معالي رئيس مجلس النواب : ” مش شغلك يا مواطن “. ولله في حكوماتنا ومجالس نوابنا الموقرة شؤون وشجون . . !
التاريخ : 31 / 10 / 2018