هل باع افندية و باشوات فلسطين اراضيهم لليهود ؟ ام دعاية صهيونية
صراحة نيوز – بقلم م . عبد الفتاح طوقان
كان الخلاف الدائم بيني و بين زملاء لي في المدرسة منذ الصغر في بداية الستينيات و قبل النكسة المصرية ١٩٦٧ ،و رغم صغر اعمارنا انذاك ، و تحديدا من اصبحوا فيما بعد كل من المحامي عادل عزمي و الطبيب امير صليب و هما من اقباط مصر و علي درجة عالية من الثقافة و الوعي ، وايضا في الجامعة مع بعض الزملاء حيث كان النقاش يدور بنفس الاتجاه لدىهم عن ان الفلسطينين- افندية و باشوات – باعوا اراضيهم لليهود ، وأن القيادة الفلسطينية التي يمثلها الراحل “ابو عمار” خائنه لفلسطين ومتآمرة علي الشعب الفلسطيني ، نهبت اموالا من الخليج و اصبح النضال من فنادق “خمس نجوم”، واسآت اساليب ” ابو عمار” و نهجه للدول المستضيفة للفلسطينيين الثوار الشرفاء المهجرين بدأ من حرب ايلول في الاردن ١٩٧٠الي موقفه المؤيد لاحتلال الكويت التي دعمت الفلسطينين و ق منذ عام ١٩٤٨ وقضيتها و لا تزال، وكثيرا ما احتد النقاش والذي حينها ام يكن متاحا الاطلاع علي الكتابات الاسرائيلية و الصهيوينية .
ولقد وصلني اليوم مقالا موثقا باللغة الانجليزية متضمنا مراجعا عن تاريخ يعود بالذاكرة الي نبش الخلاف مع اصدقاء الامس ، و لم يكن هو المقال الاول و لا الكتاب الاول الذي يتناول بيع الاراضي ، فبادرت الاتصال مع صديقي الدكتور رفيق الحسيني و الذي كان مديرا لمكتب الرئيس محمود عباس ، الذي قال لي : ان تلك المقالة تقوم بها جهات صهيونيه سرية لتشويه التاريخ الفلسطيني و تصوير الوطنيين انهم خونة . انتهي الاقتباس
.
(ا(الدكتور رفيق الحسيني مدير سابق لمكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس
وارسلت المقال ايضا، قبل نشره هنا ، طلبا للاستضياح الي الزميل الذي اثق به المهندس سمير عبد الهادي ابن نعيم عبد الهادي و الذي هو ابن عم المرحوم عوني عبد الهادي، و هو يشغل مقعد في مجلس الاعيان ممثلا لنابلس و الجناح الفلسطيني في مجلس الاعيان الاردني ، واجابني في اتصال هاتفي ان هذه الامور غير صحيحة و تسيء لمؤسسات و طنية فلسطينية محترمة ذات وزن ،و اضاف ان عوني عبد الهادي عاش مشتتا بين المعتقلات و لم يملك شيئا ليساهم به في البنك العربى . انتهي الاقتباس. . .
علما ان من تحدث عن ذلك من الفلسطينيين سابقا اما تم اغتيال شخصيته من خلال الة اعلامية فلسطينية تابعة للرئيس ابو عمار او تمت تصفيته . و بقيت قضية البيوع مثارا للتسآؤل علما من وجود مراجع عربية و اسرائيلية تخدت عن اذكر منها علي سبيل الذكر لا الحصر ما ورد في احد الدراسات الموثقة المنشورة التي قام بها باحث تونسي لنيل الماجستير عن الاراض الفلسطينية و مساحتها التي تم بيعها للوكالة الصهوينية اورد انها بلغت بداية ٣٥٠ الف دونم، و ذكر مواقعها و مساحاتها و قيمة البيع و اسماء البائعين و الذي بعضهم ورد اسمه في المقالة المرفقة
.و ايضا هناك كتاب منشور بعنوان ” مذكرات سمسار” بالعربية بينما اسمه الحقيقي ” رجل الجليل ” ليوسف نوحماني و الذي عمل سمسارا لشراء و بيع الاراض لصالح اليهود منذ عام ١٩١٢ و حتي عام ١٩٦٤”
.
عموما ، اورد هنا المقال للمراجعة و ابداء الرآى التوثيقي – دون تجريح او شتم او ادعاء- علي ان يتم ايراد الوثائق االعربية او الفلسطينية لتي تثبت عكس ذلك الحديث و تفنده و ليس فقط حديث سقط المتاع الذي كان يسيطر علي مرحلة الستينيات و السبعينات من القرن الماضي
اليوم نبحث عن الحقيقة و العدالة لنقدمها بلا رتوش و حتي نقضى علي الاشاعات من الجهتين و نفتح باب الواقع ونعيد الحق لمن اغتصب منه و الاعتبار لمن تم تشويه صورتهم ممن وقفوا بوطنية في مواجهة احمد حلمي و مجموعته ، فلم يعد في عصر العولمة و الانفتاح مجالا للتغطية علي حقائق او الدفاع بالحناجر و البنادق.
اليكم المقال بالعربية
(وثيقة بيع اراضى يافا و حيفا نشرتها جريدة الرايض السعودية بتاري ٢٢/٩/٢٠١٦)
——————————————————————————————————————–
تم تأسيس البنك العربي في عام ١٩٣٠، في فترة تعتبر من اسوأ الفترات التي مرت على الشعب الفلسطيني، سياسيا وإقتصاديا.
فقد كانت سياسات سلطة الإحتلال البريطاني تسعى بكل ما أوتيت من قوة ومعها قوة المال اليهودي لإيصاله لهذه المرحلة من أجل تحطيمه وإجباره على بيع أرضه وهجرها لتسهيل تطبيق وعد بلفور التي تعهدت بتطبيقه للصهيونية العالمية في فلسطين.
الا أن هذه الفترة شهدت أيضا ثراء فاحش لدى ملاكي الأراضي ومن يطلق عليهم الشعب الفلسطيني: العوائل النافذة والأفندية والباشوات بعد بيعهم لأراضيهم لليهود، حيث تدفقت الأموال بين أيديهم، وساد التبذير بينهم، فكانت نصيحة الإنجليز أنه لا بد من حفظ الأموال في مؤسسات مالية ما وبينت مخاطر وجود المال في اليد والذي يسهل من تبذيره.
لذا اشارت على رجلها الموثوق به، أحمد حلمي عبد الباقي باشا، بإيجاد حل لهذه القضية
.
( احمد حلمي عبد الباقي : رئيس عموم فلسطين)
وأحمد حلمي عبد الباقي، لبناني من مواليد صيدا (١٨٨٢ – ١٩٦٣) ومن أصل ألباني، أنتقل مع أسرته لفلسطين حيث استخدمه الإتحاديون في عدة وظائف مالية في فلسطين، ثم حكام عرب، ثم سلطات الإحتلال البريطاني والتي عينته مديرا على الأوقاف الإسلامية في فلسطين عام ١٩٢٥، فأي مأساة بعد هذا؟!، ثم أستخدمته جامعة الدول العربية عام ١٩٤٨ رئيسا على حكومة عموم فلسطين التي خدعوا بها الشعب الفلسطيني.
بعد إنتهاء خدماته من إدارة الأوقاف في فلسطين، أنشأ مع ثلاثة أنسباء له البنك العربي، أولهم : عبد الحميد شومان، أمي، إبن تاجر مواشي، عمل في المحاجر، ثم هاجر الى أمريكيا عام ١٩١١وعاد منها الى فلسطين عام ١٩٢٩ ليبدأ مع نسيبه قصة البنك العربي، متزوج من سنية إبنة أحمد حلمي عبد الباقي.
ثانيهم: رشيد الحاج إبراهيم، من أصول مغربية، مدير أهم فرع للبنك العربي آنذاك وهو فرع حيفا، من المشهور للفلسطينيين على أنه من الوطنيين، وهو أحد كبار الهيئة العربية العليا، باع مساحات شاسعة لليهود في ضواحي حيفا، كما وقبض مبلغا كبيرا من الصندوق القومي اليهودي في صفقة وادي الحوارث المنكوب ، طلب رشيد هذا من الشيخ الشهيد عز الدين القسام رحمه الله نبذ العنف لإرضاء السلطات البريطانية، أثناء حرب ١٩٤٨ دعا سكان حيفا الى الهدوء والخلود للسكينة، إبن أحمد حلمي عبد الباقي الوحيد، محمد متزوج من إبنة رشيد.
ثالثهم: منصور بن قدارة، ليبي، متزوج من إبنة أحمد حلمي عبد الباقي، وصفية، أدار فيما بعد الشؤون المالية في المملكة الليبية الأدريسية، من أسرته أيضا فرحات بن قدارة محافظ البنك المركزي الليبي خلال حكم معمر القذافي، وعضو في إدارة المؤسسة العربية المصرفية في البحرين، هرب أثناء الثورة على القذافي الى تركيا ومن ثم للغرب، أتهمه الليبيون في عهد القذافي بالتلاعب بالمال العام والتصرف في الأموال المجندة.
والناظر لهذا البنك عن قرب عند تأسيسه سيجد بأنه لم يكن مؤسسة إقتصادية فحسب، بل وسياسية أيضا، وحين يختلط الإقتصاد بالسياسة على أرض محتلة، فإن ذلك أكبر مجلبة للشك والشبهات، ناهيك عن صعوبة فتح دكان من قبل فلسطيني عادي في تلك الفترة تحت الإنجليز، فكيف ببنك؟!
فلو نظرت لوجوه مؤسسي البنك والذين شاركوا في التمويل ليخيل لك أنك أمام الهيئة العربية العليا; بريطانية التأسيس، وأضف على هؤلاء باعة الأراضي والسماسرة ومتواطئون مع سلطة الإحتلال البريطاني والحركة الصهيونية.
منهم فؤاد سابا، مسيحي مقدسي، من رجال سلطة الإحتلال البريطاني الموثوق بهم في فلسطين، كان مسؤولا عن حسابات الهيئة العربية العليا والبنك العربي في نفس الوقت، كما أنه مشارك في التأسيس، لا زالت شركة هذا الرجل حتى يومنا هذا مدققة حسابات البنك العربي وهي شركة سابا وشركاه.
ومن الذين شاركوا في تمويل البنك العربي، الفرد روك، رئيس بلدية يافا ورئيس الحزب العربي الفلسطيني ( عبد الحميد شومان الأول كان عضوا في هذا الحزب ومن الداعمين له)، عضو في الهيئة العربية العليا، باع أراض لليهود منها أرضا في الرنطية وبيت دجن والفجة في ضواحي يافا، وباع أرضا في جباليا في غزة عام ١٩٤٢، وفي عام ١٩٤٣باع ٧٠٠ دونم قرب تل أبيب، كما باع أفراد من أسرته ٦٠٠ عام ١٩٣٩ على طريق القدس تل أبيب.
(المرحوم عبد المجيد شومان رئيس مجلس ادارة البنك العربي و احد المؤسسين)
ومن ممولي البنك العربي أفراد من عائلة عريقات( أنسباء لعائلة شومان) منهم حسن محمد عريقات من أبو ديس في القدس، بائع وسمسار أراضي لليهود، باع أغلب أراضي أبو ديس للصهاينة، ومنها الأرض التي أقيمت عليها ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية وهي مستوطنة “معالي أدونيم” التي اصبحت جزء من القدس، كما أنها المكان الذي الذي عسكر فيه صلاح الدين الأيوبي وأطبق منه على القدس حين فتحها. بعد أكثر من سبعين عاما قال قريب له وهو المفاوض الفلسطيني صائب عريقات لأولمرت “ها نحن نمنحكم أكبر أورشليم في التاريخ اليهودي” فهل كان يعني جيدا ما يقول؟
(الوزير و السفير الاردني في القاهرة : المرحوم عوني عبد الهادي)
ومن ممولي البنك العربي عوني عبد الهادي، وساعد في الإنشاء، من باعة الأراضي لليهود والسماسرة هو ووالده قاسم عبد الهادي، طلب منه بن جوريون مساعدته في إيجاد طريقة تقنع الفلسطينيين بالرحيل، فأجابه بأن هذا يعتمد على عدد اليهود الذي يمكن تهجيرهم الى فلسطين! عندما قابله بن جوريون في ١٨/ ٧ /١٩٣٤ .
كما كان محاميا لسلطات الإحتلال البريطانية وفي نفس الوقت المستشار القانوني للمجلس الإسلامي الأعلى، كما عمل محاميا للصهاينة في قضية الحصول على ثلاثين ألف دونم من وادي الحوارث المنكوب، والتي قبض عليها ٢٧٠٠ جنيها استرلينيا عام ١٩٢٩، في عام ١٩٣٠ قدمت زوجته ملابس مستعملة لسكان وادي الحوارث لإبعاد الشكوك عن زوجها، ولم يكن إعتراضه هذا لسبب وطني، بل كان خوفا على سوق بيع الأراضي الرائج آنذاك بين أمثاله، فكل الوفد الذي رافقه لشرق الأردن للإعتراض على هذا القرار كانوا من باعة الأراضي لليهود.
ومنهم موسى العلمي، اشترك في تمويل البنك العربي، اختلف معهم فيما بعد، كان السكرتير الخاص للشؤون العربية للمندوب السامي على فلسطين آرثر ووجوب، عميل للمخابرات البريطانية، ومن باعة الأراضي لليهود، باع تسعمائة دونم لليهود في بيسان.
وممن شاركوا في التأسيس والتمويل يعقوب الغصين، عضو في الهيئة العربية العليا ومؤتمر لندن١٩٣٩، من باعة الأراضي لليهود والسماسرة، باع الأرض التي أقيمت عليها مستوطنة “يتسي تسونيا” في يافا، كما وباع بالإشتراك مع محمد توفيق الغصين ٣٠٦ دونمات في بيت حانون في غزة.
(موسى العلمي )
ومن الذين شاركوا في تمويل البنك العربي، أفراد من عائلة البيطار من يافا، على رأسهم رئيس بلدية يافا عمر البيطار وأخوه عبد الرؤوف البيطار رئيس البلدية بعده، وقريب لهم يدعى سليمان البيطار، كانوا من باعة الأراضي والسماسرة المشهورين في فلسطين، باعوا الأرض التي أقيمت عليها مستوطنة بني براك، أستطاع الثوار الوصول الى إبن الأخير محمد، سمسار وقتلوه.
ومن ممولي البنك العربي عاصم السعيد رئيس بلدية يافا عام ١٩٢٧، بائع أراضي وسمسار، من بين ما باع خمسة آلاف دونم لليهود بالإشتراك مع شكري التاجي الفاروقي.
ومنهم أيضا رشدي الشوا، رئيس بلدية غزة وعضو في الحزب العربي الفلسطيني، باع أراضيه لليهود في غزة ومناطق أخرى، اتهمه المصريون عام ١٩٤٨ بالخيانة والتسبب بمقتل عشرات الجنود المصريين.
(رشدي الشوآ)
في عام ١٩٣٢ وعندما بدأ أبناء الشعب الفلسطيني المطالبة بإنقاذ الأراضي من بيعها لليهود، سارع صاحب البنك العربي، أحمد حلمي عبد الباقي بإنشاء المطلوب، وهو صندوق الأمة وأعلن أنه من اجل إنقاذ الأراضي كي لا تصل لليهود!.
ولننظر الى من تم اختيارهم لقيادة هذا الصندوق: أحمد حلمي عبد الباقي مديرا، أعضاء البورد: جمال الحسيني، رشيد الحاج إبراهيم، عمر البيطار، عوني عبد الهادي، يعقوب الغصين، رشدي الشوا، عزت طنوس، سليمان طوقان، عبد اللطيف صلاح، راغب النشاشيبي.
هؤلاء من يريدون إنقاذ تراب فلسطين من البيع، فأي مأساة بعد هذا؟!!!.
يقول شاعر الثورة إبراهيم طوقان مثلاً تعليقاً وشعرا على إنشاء “صندوق الأمة” عام 1932 لإنقاذ أراضي فلسطين من البيع لليهود (وهو الصندوق الذي أنشأته وقتذاك القيادة الإقطاعية – الاكليركية بحجة عدم تسرب أرض فقراء الفلاحين إلى اليهود): “إن ثمانية من القائمين على مشروع صندوق الأمة كانوا سماسرة على الأراضي لليهود”:
حبذا لو يصوم منا زعيم
مثل غاندي عسى يفيد صيامه
لا يصم عن طعامه، في
فلسطين يموت الزعيم لو لا طعامه
ليصم عن مبيعه الأرض يحفظ
نفعة تستريح فيها عظامه .
لقد قام صندوق الأمة والذي لم يكن يخص الأمة في شيء، بعكس الهدف المعلن عنه، والمحزن أن الشعب الفلسطيني رغم ظروفهم الصعبة هرعوا للتبرع له بناء على الهدف الذي أنشأ من أجله، كما قام أحمد حلمي بإشهار أهدافه الوطنية، بل ونشر أسماء المتبرعين في الصحف لتشجيع غيرهم، كما أرسلت الوفود الى كافة دول العالم العربي.
أهالي شرق الأردن والذين لا تقل ظروفهم سوء عن أهل فلسطين تبرعوا بعشرين ألف ليرة فلسطينية، مبلغ كبير بالنسبة لتلك الأيام إذا ما عرفنا أن معدل راتب الموظف كان ثلاث ليرات شهريا، الملك عبد الإله، ملك العراق سلم موسى العلمي ١٥ ألف ليرة فلسطينية والتي وضعت في البنك العربي وكان موسى العلمي يتقاضى مبلغا من البنك العربي مقابل جلب التبرعات!.
وقد اختلف موسى العلمي مع أحمد حلمي عبد الباقي فيما بعد، حيث كشف العلمي أن صندوق الأمة كان يبيع الأراضي لليهود ولم يحميها.
وبالفعل لم تكد تمضي فترة على إنشائه حتى بدأت فضائحه تخرج للعلن، فمثلا في قضية قطعة أرض قرب جبل طابور كان أصحابها قد باعوها لليهود وحين علم الصندوق بالصفقة ما تركها تمر حتى قبض مبلغا من ثمنها ثم تركها تمر!، كما تعاون الصندوق مع سماسرة كأسماعيل العزة وجورج صايغ، كما تعاون صندوق الأمة مع الصندوق القومي اليهودي في ترحيل فلسطينيين من الأراضي التي كان يشتريها الصندوق القومي اليهودي، ناهيك عن الفساد الذي نخر مكاتبه في كل أنحاء فلسطين، وقدمت فيهم العديد من الشكاوى للهيئة العربية العليا! وحتما ما كان من مجيب.
وكفى أن أحد مدراء هذا الصندوق، سليم عبد الرحمن قد عمل مع والده من عام ١٩٢٠ وحتى عام ١٩٢٨ كمندوب في بيع الأراضي لصالح يوشوا هانكين من رجال الصندوق القومي اليهودي.
لم يكتفي أحمد حلمي بهذا الصندوق، فأنشأ البنك الزراعي وفشل، ثم أنشأ بنك الأمة العربية، ما أكبرها من أسماء! ولنر الأفعال في أحرج المواقف.
بعد مجزرة دير ياسين كان هناك ثمة أطفال أيتام كتبت لهم الحياة من القرية، أغلبهم كانوا جرحى وبحاجة لمن يقوم على رعايتهم الصحية والنفسية، فأقامت عليهم لجنة نسائية وطنية، ولما ضاقت يدها توجهت للهيئة العربية العليا فرفضت تقديم أي مساعدة ثم توجهت الى البنك العربي وبنك الأمة العربية وكانت نفس النتيجة، حينها اضطرت لطلب دين من البنكين وقتها تمت الموافقة.
بعد كل هذه الأموال التي جمعت بإسم فلسطين .. بإسم شعبها .. بإسم ترابها .. بإسم جراحها، وبعد كل هذه المسرحيات البطولية والعنترية، لم يصرفوا ولو ليرة فلسطينية واحدة على طفل ديرياسين يتيم وجريح!.
لمن تبرعوا إذن؟ تبرعوا لمحمد نمر الهواري ومنظمته “النجادة” والتي كانت على علاقة وطيدة بالبنك العربي، ومن أراد أن يعرف هذه المنظمة ولماذا أوجدت فليراجع مقالنا (هؤلاء أضاعوا فلسطين لائحة العار:محمد نمر الهواري).
وعندما عينت جامعة الدول العربية أحمد حلمي عبد الباقي على حكومة عموم فلسطين في غزة عام ١٩٤٨ والتي كانت محط التقاء اللاجئين الفلسطينيين المشردين من ويلات الحرب، والذين عاشوا أسوأ ظرف إنساني يمكن ان يعيشه إنسان، فقد ووصل ببعض اللاجئين ان يسف التراب من الجوع، فماذا فعل أحمد حلمي عبد الباقي المسؤول عنهم؟ لا شيء، لقد كان مشغولا بأعماله الخاصة، فلم يشبع بعد، أرأيتم أي تجار حروب وسدت القضية لهم؟!.
في عام ١٩٤٨ تشرد شعب فلسطين من وطنه بعد أن أجبر على ترك ممتلكاته وأغلى ما يملك، الا أن البنك العربي أستطاع بكل أريحية أن ينقل أرصدته وملفاته الى فرع عمان والذي كان قد أفتتح عام ١٩٣٤.