صراحة نيوز – بقلم الدكتور حسين عمر توقه
باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي
جون قاقيش . مسيحي الديانة . مسلم الهوى . فلسطيني الهوية . مقدسي ثائر
( مشيئة الأقدار لا تردني . أنا الذي أغير الأقدار . يا أيها الثوار في القدس في الخليل في بيسان في الأغوار في بيت لحم حيث كنتم أيها الأحرار … تقدموا … تقدموا فقصة السلام مسرحية .. والعدل مسرحية .. إلى فلسطين طريق واحد .. يمر من فوهة بندقية … رحم الله نزار قباني )
جون قاقيش : أتريد أن أرى المستوطنين يدنسون الأقصى وأبقى هادئا … تعتدون على المرابطات وتريدون أن نبقى صامتين نتفرج .. أنا مسيحي الديانة مسلم الهوى فلسطيني الهوية مقدسي ثائر .
أيها الفلسطيني إغضب لا تستسلم ولا تركع .. فإنك إن ركعت اليوم سوف تظل تركع بعد آلاف السنين … إغضب فإن الناس حولك نائمون وكاذبون وعاهرون ومنتشون بسكرة العجز المهين .
إغضب إذا صليت في المسجد الأقصى أو عانقت كعبتك الشريفة مثل كل المؤمنين .. إغضب فإن الله لا يرضى الهوان لأمة كانت ورب الناس خير العالمين فالله لم يخلق أمة القرآن كي تستكين .
إغضب إذا لاحت أمامك صورة الكهان يبتسمون والدنيا خراب والمدى وطن حزين . إبصق على الشاشات إن لاحت أمامك صورة المتنطعين .
إغضب إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ باعت كل شيء .. كل أرض … كل عرض … كل دين … فإنك إن تركت الأرض عارية لسوف يضاجها المقامر والمخنث والعميل وتجار الأوطان .
سافرت في كل العصور وما رأيت سوى العجب . ورأيت حربا بالكلام وبالأغاني والخطب .
ورأيت من سرق الشعوب ومن تواطأ ومن نهب . ورأيت من باع الضمير ومن تآمر ومن هرب . ورأيت كهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب . ورأيت من جعل الخيانة قدس أقداس العرب . ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب إغضب إغضب إغضب ( الشاعر فاروق جويدة ) .
لقد غضبت السيدة المقدسية خالدة قاقيش وغضب الشهيد سليمان الربضي وتم حرق الشهيد الطفل محمد أبو خضير وتم أسر جون قاقيش .
المقدسية خالدة قاقيش
تسكن في حارة النصارى في القدس حيث تتعانق الجوامع مع الكنائس وحيث يختلط صوت الأذان مع أجراس الكنائس اعتقلها الإحتلال وهي حامل عام 1988 وحكم عليها بالسجن ثمانية أشهر واضطرت لوضع إبنتها وهي قيد الإحتلال .
حين يقوم المحتل بالإعتداء على المرابطات على الأقصى وحين يسمحون للمستوطنين دخول ساحة الأقصى في صلاة ظهر الجمعة وحين يعتدي جنود الإحتلال على الكنائس ويقومون بتحطيم شواهد القبور .
في طريق عودة جون قاقيش إلى المنزل حيث تعرض أحد المستوطنين إلى صديقه الذي كان يرافقه فما كان منه إلا أن دافع عن صديقه بحزامه وتم اعتقاله وحكم عليه بالسجن المنزلي ” الإقامة الجبرية ” لمدة عام لم يتمكن خلالها من تقديم إمتحان الشهادة الثانوية . وتعرضت شقيقته دولين قاقيش للتهديد المباشر وقام جنود الإحتلال بالإعتداء عليها عند باب العامود . كما تعرض والده ويليام قاقيش وهو في السادسة والستين من عمره إلى الإعتقال .
وفي فجر 25/5/2015 قام جون قاقيش بطعن اثنين من المستوطنين وتمكن من الهرب ولكن قوات الإحتلال قامت في تمام الساعة الثانية والنصف فجرا بمداهمة بيت الأسرة وتم إلقاء القبض على جون قاقيش . واستمرت محاكمته لمدة عام ونصف وتم إصدار الحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أعوام وبعد مضي عامين ونصف قررت محكمة إسرائيلية إضافة عامين جديدين على الحكم السابق ليصبح مجموع حكمه 11 عاما وغرامة مالية مقدارها 80 ألف شيكل .
في مقابلة صحفية مع جولدا مائير حين كانت تشغل منصب رئيسة الوزراء الإسرائيلية تم توجيه سؤال إليها ما هو أسوأ يوم في حياتها ؟ فأجابت بعد تفكير عميق ( إن أسوأ يوم في حياتي هو اليوم الذي قام فيه اليهود بإحراق المسجد الأقصى ) ولقد استغرب الصحفي من هذا الجواب فسالها عن أسعد يوم في حياتها فأجابت فورا وبدون أي تردد ( أسعد يوم في حياتي هو اليوم الذي لم يجاوز رد فعل العرب على حادثة إحراق المسجد الأقصى عن التنديد حيث كنت أتوقع أن يكون هذا الحادث هو نهاية إسرائيل )
منذ ذلك اليوم عرف اليهود أنه لا توجد خطوط حمراء عند العرب فاستباحوا كل شيء ليس في فلسطين فحسب بل في كل الوطن العربي .
يا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يا مسرى الرسول ويا مسجدا تشد إليه الرحال . يا مهد الأنبياء ومهبط الأديان من عيسى وموسى يحاول المستوطنون الصهاينة أن يعتدوا على باحاتك القدسية المقدسة ويدنسوا قدسك وأقصاك وصخرتك ولقد هب أهل القدس للدفاع عن أقدس مقدساتهم يوم الجمعة الماضية . أيها الشعب العربي أيتها الأمة المسلمة لماذا هذا الصمم ألا تسمع ؟ لماذا هذا العمى المزمن ألا ترى ؟ ألا تقرأ وقد كانت أولى الكلمات إلى سيد الخلق إقرأ .
كل الجيوش العربية التي حاربت من أجل فلسطين هي مشغولة الآن بقضايا داخلية بثورات شعبية وإنقسامات طائفية وعرقية وحروب أهلية .
لماذا هذا الصمت ؟ ألا تنطق ألا تصرخ صرخة الحرية أو حتى صرخة الألم . هل استكنت يا أخي أم هل نسيت كيف تقاوم أم أنك استسلمت للإستكانة بعد أن تعبت يداك وجفت الدموع في عينيك وتجلط الدم في عروقك وأخذت تستسلم للموت بهدؤ وحزن وألم .
لماذا هذا السكوت ؟ لماذا هذا السكون ألا تستحق القدس من قبل العرب ومن قبل المسلمين معركة أخيرة ؟
إيها المرابطون أيها الشرفاء في ساحة الأقصى لا تنتظروا من العرب أو المسلمين شيئا غدا في صلاة الجمعة فإنهم أمة نائمة .
واسمحوا لي أن أختم مقالتي هذه بالحوار الذي دار بين الفدائي الفلسطيني جون قاقيش والمحقق الإسرائيلي
المحقق الإسرائيلي : لماذا نفذت عملية الطعن ؟
جون : أتريد أن أن أرى المستوطنين يدنسون الأقصى وأبقى هادئا تعتدون على المرابطات وتريدون أن نبقى صامتين
المحقق بإستغراب : أنت مسيحي …!
جون : مسيحي الديانة مسلم الهوى فلسطيني الهوية مقدسي ثائر .