عند الحديث عن الكويت ، يتوه المرء فيما يكتب أو يقول عنها ، لأن الحيرة ستملؤه حتى لو أجزل في القول لأنه لن يَفيّها حقها مذ كانت إمارة صغيرة السكان محدودة الموارد منسية على الأطراف الشرقية من الوطن الكبير .
كانت الكويت من الإمارات الأوائل التي فتحت ذراعيها لأبناء العروبة من شتى أمصارهم وكان للأردنيين من شتى منابتهم حصة الأسد في الحضن الكويتي الآمن ، ومن يُنكر ذلك فهو جاحد لجمائل الأمارة على الأمة ، وهو كمن يدفن ذقنه حتى شاربيه “ لا رأسه ” في رمالها الذهبية المباركة .
أتذكر وبحكم المهنة ، مهنة المتاعب التي نالت من سنوات عمري ما نالت ، أتذكر أنني كنت أغبط ” حاسدًا ” في أوائل السبعينيات زملاء المهنة في لبنان على الحرية المتاحة لإعلامهم صحافًة وتلفزًة وعلى سعة انتشار صحافتهم ومعالجاتها نقدًا وإخبارا ، فقد كان كل ذلك محط اعجابنا كمبتدئين في مهنة كانت تتعكز في ظلمات الممنوع .
بقيت الصحافة اللبنانية وجزئيًا المصرية تستقطب جمهور العرب في كل اقطارهم الى أن بزغ نجم الصحافة الكويتية ، التي كانت السماء بحق ٍ سقف حريتها اللامتناهي ، السياسة ، القبس ، الرأي العام ، مجلة العربي الشاملة التي لم تترك بقعة على الارض لم تكتب عنها او تصوّرها وأخيرًا سلسلة عالم المعرفة التي كانت كُتبها أو كتيّباتها منارة تنثر المعرفة والثقافة في أرجاء الوطن العربي ، وصلة وصل مع العرب في بلدان شتاتهم ، تسيّدت الصحافة الكويتية الشارع العربي في غزارة ٍ مهنية ٍ لم يكن العرب يألفونها في بلدانهم ..
ولأن التميّز مع التميّز يُذكر فلا أحد ينسى ممارسات اشقائنا الديموقراطية في مجلس الأمة الكويتي حيث لا أحد فوق النقد أو فوق المساءلة أو بعيدًا عن الإطاحة ، ممارسات ديموقراطية حرة حقيقة بعيدة عن التمثيل همها وهدفها مصلحة الكويت العليا .
رغم أني أكره الحديث في السياسة وعنها ، الإ أن المقام هنا يدفعني للإشارة فقط أن للكويت مآثر لا تحصى على صعيد قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، ولها أياد ٍ بيضاء على دول وحكومات الامة من المحيط الى الخليج ساهمت حتى عند الغني منها في بقائها صامدة في مواجهة أزماتها .
فلندْع الكويت وشأنها ولنشجع حدبها علينا وعلى غيرنا ممن هم في حاجتها .
اكتب ما كتبت احتجاجًا وشجبًا لأفعال وأقوال شرذمة ” مدسوسة” نهقت نشازًا في مباراة كرة القدم إياها لتعكير صفو علاقات الشقيقتين ولتخدم أجندة ستكشف التحقيقات بإذن الله هويتها .
عاشت الكويت حرة أبية وخسئت كل النفوس المريضة وبُعدًا لناكري الجميل .