صراحة نيوز – بقلم الكاتب في جريدة الشرق الأوسط مشعل السديري
أريد أن أحدثكم عن لي ميونغ باك رئيس كوريا الجنوبية السابق (2008 – 2013)، نموذج يحتذى لكل شباب العالم، فهو نشأ طفلاً فقيراً جداً، وكان يعمل حتى سن 18 عاماً في جمع القمامة يدوياً، لينفق على تعليمه، تخرج والتحق بشركة هيونداي، بعد 5 سنوات أصبح مديراً للشركة العملاقة، بعد أن ضاعف رأس مالها في 5 أعوام، ثم رئيساً لـ«هيونداي»، ثم رئيساً لكوريا كأصغر رئيس دولة في العالم.
ألقى محاضرة بكى لها الشجر والحجر في جامعة السلطان قابوس بعُمان كضيف رئيسي في المنتدى الاقتصادي الآسيوي. قال: لم تمح الرئاسة آثار القمامة ورائحتها من يدي، وهذا أكثر ما أفخر به الآن. ثم قال: إن كوريا كانت خامس أفقر دولة في العالم من 50 عاماً، واليوم هي أكبر خامس اقتصاد في العالم بسبب الاهتمام والتركيز على التعليم، فنحن لا نملك أي موارد في كوريا غير البشر.
في 5 سنوات جعل من «هيونداي» إمبراطورية صناعية عملاقة، و5 سنوات أخرى جعل من كوريا الجنوبية خامس اقتصاد في العالم، ولها قوة سياسية واقتصادية عملاقة بلا أي موارد طبيعية تذكر.
ترك الرئاسة ويعمل الآن موظفاً في هيئة علوم البيئة براتب 2200 دولار شهرياً خاضعة للضرائب، لكنه يحصل على 30000 دولار في محاضرة ساعة واحدة.
والآن لا أدري… هل أرقص أم ألطم وأولوِل؟! وذلك عندما تذكرت دول «الخريف العربي»، كيف كانت قبل 7 عقود، وكيف أصبحت عام 2019، وأخشى ما أخشاه أن يكون «الحبل على الجرار» إذا استمر الجهل والجشع والتخبط، وفلكلور «سداح مداح».
الذي أنا متأكد منه أن كوريا قبل 7 عقود كان يبكي لحالها البشر والشجر والحجر، يا سبحان الله! وصدق ما جاء في الحديث الشريف: «كما تكونون يوّلى عليكم».
***
من المرويات التي تحكى أنه أثير يوماً الحديث عن الزعامة أمام الرئيس الأميركي الراحل آيزنهاور، فما كان منه إلا أن تناول خيطاً أمامه على مكتبه، وهو يقول للجميع؛ انظروا لو أنني حاولت أن أدفع هذا الخيط فلن أنتهي به إلى أي مكان، لكنني لو جذبته معي فإني أستطيع أن أذهب به إلى حيث أريد.
وقد سبقه إلى هذه «الاستراتيجية البراغماتية» بل تفوق عليه أيضاً، وذلك قبل 1000 عام، الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، عندما قال؛ لو كانت بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، إن شدوها أرخيتها، وإن أرخوها شددتها. انتهى.
«بس مين يعقل، ومين يفعل»؟!