بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
إنشغل العالم بالفترة الأخيرة بمرض فيروس “كورونا” الجديد والذي أصبح كابوساً يتهدد العالم بأسره حتى نشر الخوف والهلع بين الناس هنا وهناك بسبب سرعة إنتشاره وعدد الوفيات والإصابات بسببه.
وأنت هل إبتلاك الله بالمرض يوماً ؟ وهل تعتبر ذلك المرض بلاء أم كرماً نزل بك ؟
وقبل إستغرابك السؤال دعنا نتعرف على تجربة “عروة بن الزبير” رحمه الله، والذي وقع مرض الأكلة أو “الغرغرينا” في أحد رجليه يوماً وقرر الأطباء ضرورة قطعها حتى لا تؤدي إلى وفاته، ثم وصله بعدها بأيام خبر وفاة أحد أبنائه فلم يزد على أن قال: “اللهم إنه كان لي أطرافاً أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت”، ومن هنا تظهر لنا جمالية معرفة حقيقة نعم الله عزوجل على الإنسان خاصة عند نزول المرض به، والذي يعتبره البعض بلاء يقضون معه أيامهم في البكاء والتذمر وينسون حقيقة إكرام الله عزوجل لهم به، فقد يكون هذا المرض سبباً في تكفير الخطايا أو كسب المزيد من الأجر والثواب، أو أنه أراد جل جلاله منح الفرصة لعباده للتنبه لضرورة العودة إلى طريق يوصلهم من خلالها لأعلى درجات الجنان قبل فوات الفرصة عليهم، أو حتى قد يكون هذا المرض إظهاراً من الخالق لعباده لشئ من قدراته جل جلاله.
ومن هنا كانت الأمراض التي يكرمنا الله بها في حياتنا رحمة بنا، ومثلها تلك الأمراض التي إستشرت بجسد أمتنا في زماننا من ذل وهوان وتشتت وإقتتال وفرقة وفتنة هنا وهناك منح الفرصة لأعدائها التسلط عليها من كل حدب وصوب، وهذه الأمراض والتي كان آخر نتائجها ماتم إعلانه قبل أيام تحت مسمى “صفقة القرن” والتي هي في حقيقتها ليست أكثر من “نكتة القرن”، إنما جاءت كرماً من الله عزوجل بأن زاد أعداء الأمة في جبروتهم ليصلوا لدرجة الطلب من الأمة الإعتراف علانية بشرعية إحتلال مقدساتها وأكل حقوق أبنائها وسرقة مقدراتها ليكون سبباً إضافياً في إيقاظ الكثير من القلوب والعقول عن حقيقة ما يخطط لهذه الأمة ويرسم لها ليس في فلسطين وجوهرتها القدس الشريف فقط، بل ولكل شبر من أراضيها ومقدراتها وإرادتها وقبل كل ذلك مقدساتها، ولكن هيهات فمثل هذه النكات التي تعلن بوضوح كيف يفكر أعداء الأمة تجاهنا لن تكون إلا حافزاً جديداً لكل حر وشريف في أمتنا “وما أكثرهم” للدفاع عن حقوق الأمة ومقدساتها وعن حقوق شعب فلسطين في أرضه وحقه في تقرير مصيره وكافة حقوق أمتنا المسلوبة، فمهما تم تغيير الخرائط على الأرض ورسم حدود جديدة في أحلام وأوهام العابثين بحقوق الأمة لن يغير ذلك من الحقائق المرسومة في قلوب أبنائها الأحرار المزروعة في شرايينهم، ولا من حق أبناء فلسطين في تقرير مصيرهم، أما تلك الأوهام والأحلام المعتقدة بإمكانية التخلص من هذه القناعات فلابد لها يوماً أن تجد مكانها المناسب في مزبلة التاريخ لأن الحق لابد أن يعلو ولا يعلى عليه مهما طال الزمن، ولذلك لن نغضب بسبب ما يحل بأجسادنا أو بجسد الأمة من مرض لأنه رحمة لن تكون إلا سبباً في تعزيز قوتنا وإرادتنا وإيماننا بمن أكرمنا بهذا المرض لتعود الأمة من خلاله لعزتها وكرامتها وحفظ حقوقها بين الأمم بإذن الله.