صراحة نيوز – بقلم د صبري الربيحات
المائة عام الاولى من عمر الدولة الاردنية مليئة بالاحداث وغنية بالتجارب والانجازات. ففي هذه الفترة نجحت المملكة الاردنية الهاشمية في بناء نظام عربي يحمل اهدافا وحدوية واحلاما للنهضة سعى لدمج واحتواء مكونات البلاد الجغرافية والبشرية والثقافية والعرقية والدينية والحضارية بما في ذلك من بصمات وآثار لكل من الرومان والانباط والغساسنة والادوميين والمؤابيين والعمانيين والمماليك والمسيحية والاسلام ضمن هوية الدولة العصرية.
خلال هذه الفترة تقلب على موقع رئيس الوزراء 42 رئيسا في 101 تشكيل حكومي كان آخرها حكومة الدكتور الرزاز. في بلد كالأردن يغيب عن الكثير منا الحاجة الى مشروع وطني كبير وواسع يوفر لنا الأمن ويؤسس للاستقلال الذاتي ويدمج مكونات المجتمع في هوية جامعة ويعمق ارتباط الانسان الأردني بالأرض ويدفع الاطماع الصهيونية التي تتجدد وتتنامى مع ولادة كل حزب متطرف او جماعة توراتية جديدة.
الاعوام الثلاثة الاخيرة من عمر الأردن كانت الاخطر، فالإسرائيليون لا يأبهون بالشرعية الدولية ولا يعترفون بالحقوق الفلسطينية ويسعون بكل ما أوتوا الى التوسع لتحقيق أحلامهم التوراتية في اسرائيل الكبرى التي لا تستثني الأردن.
في الأردن ما يزال المشتغلون بالسياسة والراغبون في إسماع اصواتهم او الاعلان عن انفسهم كمرشحين لملء مقاعد الدوار الرابع يمعنون في نقد الحكومة ولومها على كل ما تعانيه البلاد من مشكلات اقتصادية وضغوط سياسية وتراجع في مستوى الخدمات واختلالات في اخلاق الوظيفة العمومية ومستوى الخدمات التي يتلقاها المواطن.
جميع المشكلات التي يشهدها المجتمع صحيحة وملموسة لكن من غير العدل ولا الاخلاق ان تعتبر هذه الحكومة ورئيسها المسؤول الاول والوحيد عنها. فالمشكلات موجودة قبل وصول الرئيس الى الرابع بسنوات والمديونية تضاعفت في اوقات سابقة على تسلمه الموقع. والكل منا يشاهد ويعرف تماما ان الاخاء العربي لم يعد موجودا بالصورة والمستوى الرومانسي الذي يتطلع له فقراء العرب ويمقته الاغنياء منهم.
لا أظن ان احدا ممن ينتقدون الحكومة ومسيرتها يملك حلا سحريا للمشاكل والتحديات التي تواجهها. فهي تحاول الانجاز في ظروف صعبة ومتغيرة وسط مزاج سياسي عربي متقلب وجوار مضطرب وفي بيئة اقل ما يقال فيها انها غير متوقعة ومفتوحة على كل الاحتمالات بعدما تغيرت خريطة العلاقات العربية العربية وتبدت الشراسة الاميركية وتعاظمت الاطماع الصهيونية في ابتلاع ما تبقى من الاراضي الفلسطينية.
المتابع لمسيرة الحكومة الحالية يلمح تفاعلا اكثر مع حاجات المجتمع وشكاوى الناس فقد جاءت الحزم الحكومية لتحفيز القطاعات وجلب الاستثمار ضمن هذا السياق في اللقاء الاخير الذي عرض فيه الرئيس لأولويات الحكومة للاعوام القادمة الكثير من الافكار والاهداف الجديدة التي يتطلع الناس الى تبنيها وتحقيقها. عناصر الامن والهوية والاعتماد على الذات افكار مهمة اشتملت عليها الخطة الحكومية الطموحة. المحاور السبعة التي عرضها الرئيس والاهداف والنشاطات التي وصلت الى 140 نشاطا تشير الى رؤية شمولية تحتاج الى برامج وتدريب واتصال لإخراجها بالمستوى الذي تتطلع له الحكومة وينتظره المواطن بفارغ الصبر.
مهما ارتفعت وتيرة النقد والتمادي والتجريح فلا خلاف بين الناس في الاردن على ان الرئيس الحالي نظيف اليد نقي السريرة له اطلاع واسع على ما يدور في العالم ويملك مهارات وادوات الاتصال مع المنظمات والدوائر الدائنة والمانحة كما يمتاز عن اقرانه بالبعد عن العنجهية التي تجعل منه شخصية بلا خطايا وتشجع الناس على التغاضي عن بعض الاجتهادات والاخطاء غير المقصودة.