صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
لعل معظم إن لم يكن جميع من يمر من خلال هذه السطور يتفق معنا بأن شهر رمضان لهذا العام سيبقى محفوراً في الذاكرة لسنوات طوال، فهو وإن حافظ على روحانيته التي يبقى مستقرها القلوب والعقول إلا أنه حمل غصة لكل واحد منا، وهو يجلس على طاولة الإفطار مفتقداً أهله وأحبابه ممن إعتاد اللقاء بهم ومشاركتهم الأجر واللحظات الجميلة في مثل هذه الأيام المباركات، الأمر الذي فرضه واقع إستفحال وباء الكورونا في العالم يميناً ويساراً وشمالاً وجنوباً، ولم يترك صغيراً ولا كبيراً ولا رجلاً ولا إمرأة إلا وأدخلهم في دائرة تهديده كفانا الله شره أجمعين.
وفي مثل هذه الظروف العصيبة وكل منا يقفل بابه عليه وعلى عائلته خوفاً من ذلك البلاء المنتشر يبقى سؤال يراود خواطرنا، ترى كيف حالنا مع أرحامنا؟ وأين أصبحت علاقتنا معهم؟
كيف حالنا معهم مع قوانين التباعد الإجتماعي التي أصبحت ملزمة لنا جميعاً، خصوصاً وأننا نعتقد بأننا اليوم واحد من إثنين، ما بين من وجد في الوباء فرصة ليتقرب أكثر من أهله وأحبابه ولا ينقطع عنهم ولو بكلمة يطيب بها خواطرهم ويدخل بها الطمأنينة إلى قلوبهم وما أكثر وسائل التواصل من حولنا، وآخر وجدها فرصة مناسبة لتعزيز قوانين التباعد والإنقطاع الإجتماعي مع سائر أهله والتي كانت أساساً في علاقته معهم حتى من قبل إنتشار الوباء.
نعم ربما يكون إنتشار الوباء قد نجح في إبعادنا عن كثير من أهلنا وأحبابنا جسدياً حرصاً على عدم أذيتهم ولو بدون قصد، وقد رأينا اليوم أحد الأمثلة المؤلمة رسالة أحد الكوادر الصحية في إحدى الدول العربية عندما ذكر أنه لم يكن يتخيل أن يكون سبباً في أذية والدته يوماً بعد تأكد إصابتها بالكورونا، لكن هذه المحنة في المقابل كانت فرصة للكثيرين للتعرف عن قرب على أفراد عائلاتهم التي يعيشون معهم في بيت واحد، وفرصة لهم لزيادة التواصل مع الأهل والأحباب من خلال وسائل التواصل المختلفة وإثبات مكانتهم الكبيرة والثابتة في القلب مهما كانت التحديات والصعاب.
ولعل مثل هذه الظروف كانت سبباً أيضاً “كما كان متوقعاً” في إظهار بعض الجوانب السلبية المؤلمة في مجتمعاتنا من قصص العنف الأسري، كان آخرها ذلك الشاب الذي وصل من العمر 25 عاماً و قام بإنهاء حياة شقيقته الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعاً فقط لأنها إستخدمت هاتفه لإنشاء حساب فيسبوك لها نسأل الله العافية !
وكل هذا يؤكد بأن قصة أرحامنا والكورونا ستبقى قصة ذات شجون، سيكتب كل منا سطورها بطريقته الخاصة التي يحب أن تقرأ بها فيما بعد.
ولعل من صلة أرحامنا أن لا ننسى رحمنا الذي تم إقتطاعه من خارطة عالمنا العربي في مثل هذه الأيام (15 من شهر آيار من العام 1948)، عندما تم الإنقضاض على شعبنا العربي الفلسطيني المسالم وإحتلال أرضه وسرقة مقدراته، وهو الذي دفع ومازال يدفع منذ ذلك اليوم الشهيد تلو الشهيد لإثبات حقه في أرضه، ومن حقه علينا الوقوف معه بكل ما نستطيع ولو بدعوة في ظهر الغيب أن يمنحه الله القوة والثبات في وجه محتل غاصب لا يعرف للإنسانية ولا للعدالة عنوان حتى يعود الحق لأصحابه.
كما لا يمكن أن يفوتنا من باب صلة أرحامنا أيضاً التوجه بأصدق الدعاء أن يحفظ الله الوطن الأردني الغالي وقيادته الهاشمية الغالية بقيادة أبا الحسين حفظه الله وكل أهله الغالين على القلب ومن يعيش فوق ترابه أو تسكن محبته قلبه، وهو يطلق اليوم حملة “علمنا عال” بمناسبة مرور 74 عاماً على ذكرى إستقلاله التي تصادف يوم 25 من الشهر الحالي، وهو الوطن الذي مازال يحفر إسمه بأحرف من ذهب في كل محنة يقف أمامها شامخاً عزيزاً رمزاً للفخر والشموخ والإعتزاز.