صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
البعض من رجال الدين يتألون ، ويتقولون على الله سبحانه وتعالى ، أحدهم أطل علينا في فيديو يقول فيه نصاً وبالحرف :- (( بعض الناس يريدنا ان نصنع السيارات والطائرات والقطارات ، ثم ننافس اوروبا وننافس اميركا ، ما لهذا خُلقنا ، لأن الله لمّا خلقنا شعوباً جعل منّا اصحاب فكرٍ وهُداه ، وهم العرب ، وجعل من الآخرين تلامذة يهتدون بِهُدانا ، وعليهم العمل ، فيحصل التكامل ما بين فِكرنا وعملهم ، فيعمر الكون بشكل عام .. الخ )). ما لهذا خُلقنا !!؟؟ أستغرب حتى حدّ الإنشداه !؟ ألم يَحُث ديننا على العمل ويعتبره عباده !؟ أليس في كلامه إساءة لدين الإسلام العظيم !؟ ألا يتضمن هذا الكلام إساءة وتحقيراً للآخرين من غير المسلمين !؟ ألا يوحي هذا الكلام بالانتقاص من الآخرين عندما يحدد دورهم وكأنهم هم العُمال او العبيد ، والمسلمون السادة !؟ هل يود ان يُفلسف ، ويؤكد ، ويثبِّت عجزنا وتخلفنا !؟ كيف يفكر هؤلاء الناس !؟ وهل يعتقدون ان كلامهم يمكن ان يقتنع به عاقل !؟ كيف يُسمح لهم بإلتجرأ على الدين بهذا الشكل المُسيء !؟ كيف يُسمح لهم ان يتصدرون الفتاوى وهم يتألون على الله ودين الاسلام العظيم . اذا صحّ هذا الكلام : فأنا اعتبره دعوة لنا لنفرح ، ونفخر ، ونتباهى في جهلنا وتخلفنا ، ونزهو به ، ونتضرع الى رب العرش العظيم شاكرين له ان انزل علينا ديناً ركز ومَجّدَ تخلفنا !؟
وفي فتوى اخرى له نفسه قال : ان المسلم وهو يصلي لو لَحَنَ بكلمة او حتى لو تلعثم بحرف واحد لم ينطقة بشكله الصحيح لا تصح صلاته ولا تُقبل !؟ الله اكبر .. اذا لماذا وُجِد في الدين سجود السهو او الخطأ او غيرة .. اليس هذا مُنفراً !؟ اين هذا الكلام من سماحة الاسلام !؟ واتذكر رجل دِينٍ آخر سألوه يوماً لماذا تحمل قلمين : قال : واحد للعمل الرسمي ، والآخر للعمل الخاص !!؟؟ وهناك رجل دين أفتى بضرورة رضاعة الكبير ، لتكون الخلوة بين زملاء العمل شرعية ، لا بد من ان تُرضع الزميلات زملائهن في العمل !؟ ورجل دين آخر حلل أكل الرجل لزوجته لو خاف الموت من الجوع !؟ وآخر يحلل للزوج جماع زوجته المتوفاه وأسماه : جماع الوداع !؟
القروض من البنوك التجارية كانت حراماً عند رجال الدين الاسلامي ، حتى النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي ، حيث أُفتي حينها بحلالها لكن بشروط ، منها : اذا كانت الفوائد البنكية مساوية لنسبة التضخم ، واذا كانت الغاية من الحصول على القرض من بنك تجاري لتغطية مصاريف الزواج ليشجع الشباب على الزواج والعفة ، او لشراء بيت كي يؤمن رب الأسرة استقراراً لعائلته ، وهكذا الى ان اصبحت القروض من البنوك التجارية حلالاً ولا حُرمة فيها . وهنا اسرد قصة واقعية حدثت في الاردن : – في ثمانينيات القرن الماضي ، ودّ احد الشباب ، بعد ان توفر لدية مبلغ من المال ، ان يشتري شقة ، ويدفع المبلغ المتوفر لدية كدفعة اولى ، وان يكمل ما يتبقى من ثمن الشقة بواسطة الحصول على قرض من البنك لتمويل المبلغ المتبقي ، وذلك لتجنب الاستمرار في استئجار بيت يؤيه هو واسرته ، وفي نهاية المطاف ، ومهما طالت مدة الاقساط البنكية في النهاية ستؤول له ملكية الشقة ، مما يضمن استقراراً له ولعائلته بعد تقاعده ، ولان هذا الشاب ملتزم دينياً ، ذهب وعرض الفكرة على امام المسجد في منطقة سُكناه ، فأرعد امام المسجد وازبد ، وأنّبَ الشاب على مجرد التفكير في الموضوع واستسهاله التعامل مع بنك ربوي . اقتنع الشاب بفكرة امام المسجد ، وحمد الله ان هداه لاستشارة الامام ، والا كان قد وقع بالربا البواح كما سماه الامام ، والغى الفكرة نهائياً ، وكبُر الشاب في السن ، وتقاعد من عمله وهو ما يزال يسكن في بيت بالاجرة ، وبعد ما يزيد عن (٣٠ ) عاماً ، كان في جلسة مع عدد من الاشخاص ، بالصدفة كان من بينهم نفس إمام المسجد ، فسأل احد الحضور امام المسجد عن مدى شرعية شراءه شقة بتمويل من احد البنوك التجارية الاردنية المشهورة ، فما كان من إمام المسجد الا ان افتى له بجواز ذلك ، وان البنوك التجارية لا يعتبر التعامل معها ربا ، وانه لا حُرمة في ذلك . صُعق الرجل الذي استشاره قبل حوالي (٣٠ ) عاماً ومنعه ونهره ، فطلب من الامام ان يكرر ما قاله بخصوص الحصول على قروض من البنوك التجارية ، فاعاد الامام مؤكداً على جواز ذلك ، فما كان من هذا الرجل الذي افتاه قديماً الا ان انهال على امام المسجد ضرباً وشتماً ، وذكّره بفتواه القديمة ، وانه نتيجة فتواه اصبح متقاعداً وما زال يسكن في بيت بالاجرة .
كل ما سبق تعتبر فتاوى عادية ، مقارنة مع الذي سأسرده لكم الآن :- أطل علينا هذه الأيام رجل دين لحيته تكاد تصل الى سُرَّتِهِ ، اسمعوا ماذا يقول وانقله حرفياً :- (( تقبيل الشاب للفتاة أمرٌ هينٌ لينٌ بسيطٌ ، مِنَ اللممّْ ، ويجب علينا ان لا نُضيّق على الشباب والبنات في شأن القُبل وهم يعيشون هذا الكبت ، من أجل التنفيس عن هذا الكبت )) . ويقول : (( اذا شربت قليلاً من البيرة فلا شيء عليك ، اشرب كأساً واحدة من البيرة ولا إثم عليك ، ما دام الكأس الواحد لا يُسكِرُك )) . وآخر فتوى له يقول فيها : (( إن الرقص الشرقي عباده ، اوليس العمل عباده !؟ اليس الرقص من الأعمال المُحترمة !؟ ان الراقصة لو ماتت وهي في طريقها الى الكباريه فهي شهيدة ، ولو ماتت الراقصة وسألها ربها كيف تقضين الليل ؟؟ تقول : انا أقضي الليل في العبادة واتهجد في الرقص ، أليس الرقص عباده !؟ أُقسم لكم بالله العلي العظيم ثلاثاً انني نقلت فتاواه هذه حرفياً ، حتى ان لي ملاحظات على الصياغة ، ولم أصححها .
يبحثون عن الفتاوى الغريبة ، إما للشهرة ، او للوصول الى هدف وغاية ربما تكون اخطر مما نتوقع . متجاهلين انعكاساتها على الدين ، والاخلاق العامة للمجتمع . وأختم بقولٍ : (( الألفاظ هي الثياب التي ترتديها أفكارنا )) .