صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
يا ناس ، يا عرب ، يا أشقاء الدم ، الأعداء لا يرحمون ، والإستهداف عظيم وخطير ، والتربص قائم ، ومتجدد ، ومتنوع ، وفي معظمه يتحقق ويُنفذ بايادٍ عربية مع كل الأسف . أرجو من كل عربي قُح ، أصيل ، لم تُغَرَّب او تُلوَّث جيناته ان يتمسك بعروبته ، ويعضُّ عليها بالنواجذ ، وان لا يستمع ، او ينجَرَّ ، او ينقاد للمتربصين . أيها العربي ، عروبتك حياتك ، كيانك ، وجودك ، لا بل أكسير حياتك ، بدونها انت ميتٌ حتى لو انك على الأرض تَدُبّْ .
قسّمَنا سايكس وبيكو اللعينين ، المُستعمِرين ، باستهزاء ، فرسما خارطة الوطن العربي بقلم رصاص ، مُستهزئين ، وقاما بتجزأته وتقسيمه ، وهما يحتسيان نخبيهما ، فاصبحنا دولاً ، بدل ان كنّا وطناً ، وأضحينا شعوباً بدل ان كنّا شعباً عربياً واحداً من المحيط الى الخليج . ومن شدة الخُبث والإستهداف لم يتركوا دولة من الدول التي قسموها وفتتوها الا وتركوا العديد من بؤر الاشتعال ، ليتم استغلالها عند حاجة المستعمر للتأليب بين اي قطرين مُستحدثين . فلا حدود واضحة لاي دولة عربية مع كل جيرانها واشقائها العرب ، وتم تقديم لواء الاسكندرون هبة لتركيا المستعمِرة ، وعربستان هبة لايران الطامعة . وتم تقسيم القبائل وحِماها بطرق عشوائية خبيثة ، فتجد القبيلة الواحدة مقسمة بين اربعة او خمسة دول واكثر ، مع انهم ابناء عمومة ، ويتقاسمون الدِّية . انا شخصياً اعرف عن قُرب بعض القبائل العربية الأصيلة المتوزعة بين عدة اقطار عربية ، لهم مجلس واحد للقبيلة يجتمعون كل عام ، ليتدارسوا شؤون قبيلتهم ، ويشاركون في افراح واتراح بعضهم البعض ، هل هناك قربى اقوى من هكذا قُربى ، التي تتحدى تقسيم المستعمر وتحافظ على رابطة الدم والعصب !؟
من سذاجتنا ، او ربما بسبب حاجتنا ، او ربما عمالتنا ، نسينا مستعمرينا ، الذين فتتونا ، وقسّمونا ليسهل عليهم السيطرة علينا ، وليحرِّموا علينا التوحد او حتى التضامن ليشتتونا وتذهب ريحنا . توحدنا خطر عليهم ، وتضامننا يُضعفهم ، وغفلنا عن ذلك . وتمركز الاستهداف الاستعماري ، الذي يعود لسببين لا ثالث لهما ، أولهما :- موقعنا الجغرافي الاستراتيجي الذي يتوسط قارات العالم ، وسيطرتنا على المضائق البحرية . وثانيهما : – ثرواتنا الطبيعية العظيمة والهائلة ، التي تعتبر عصب الحضارة والصناعة في كل دول العالم فاصبحت نقمة بدل ان تكون نعمة . فاتفقت كل دول العالم على تقسيمنا ، وتوافقت على استمرار ذلك .
ما يعتبره البعض ، من ( بوس اللّحى ) ، وعفى الله عمّا سلف ، بانه مثلبة ، انا اعتبرها ميزة ، وتميز ، ودليل قاطع اكيد على العروبة ونقاء وصفاء الدم العربي . اعتبر ان من مزايا العربي الصفح والتسامح والإحسان .
لا عليكم ، هذه الأمة ، أمة العرب ولّادة للقادة الاستثنائيون ، تضعف لكنها لا تموت ، وتتهاوى لكنها لا تسقط مهما ترنحت . أؤكد لكم ان هذه الأمة ، لا يمكن لأحد ان يتنبأ او يعرف او يتوقع متى يمكن ان يكون نهوضها ، لاستعادة مجدها ، ستفاجيء العالم في يومٍ ما ، على يدِ زعيمٍ ما ، بسبب حادثة ما ، ستنهض وستتوحد ، وستشتعل النخوة ، وتعود الأنفة ، وستنفض عن نفسها غبار الذل والهوان ، وستتصدر الركب بين الأمم ، وستكون كالمارد العملاق الذي لا يُقهر . ولتعزيز هذه القناعة ، علينا ان لا ننسى بان الأيام دُولٌ ، تتبدل وتتغير وتتقلب بين الأمم ، وحقائق التاريخ المطلقة تؤكد انه لا يمكن لأمة ان تسود عبر الأزمان ، كما انه لا يمكن ان تبقى أمة من الأمم خلف ركب الأمم الى الابد ، وان الحقيقة المطلقة ان كل امة من الامم لابد وتمر في عصور إنكسار وازدهار .
رغم كل شيء ، ورغم تحفظاتي الكثيرة ، الا انني أُكبِر في قادة هذه الأمة انهم عند المِحن والشدائد يتجاوزون الخلافات مهما كبُرت وتعقدت وتلتحم صفوفهم ، وتتسع صدورهم ، ويستعيدون اخوتهم . ولكل واحدٍ منّا مئات الأمثلة . أعشق التسامح العربي ، أعشق عروبتي ، والدم العربي لن يصبح ماءاً ، وسأبقى على ديدني هذا الى ان أُغادر دار الباطل الى دار الحق ، وقد دفعت اثماناً غالية وما زادتني الا اصراراً وافتخاراً ، حتى لو اعتبرها البعض ممن لم تسكنهم مشاعر العروبة ( تناحة ) .
هنا اود ان اورد بعض الامثلة المحدودة لإنعاش بعض الانفس المهزومة :- لماذا طار الملك حسين للقاء عبدالناصر عام ١٩٦٧ وبينهما ما صنع الحدّاد !؟ لماذ استشهد ابو عداي وهو يزأر امام مقصلة الجبناء وهو ينطق بالشهادتين وبالعروبة وبفلسطين !؟ لماذا قطعت الدول العربية الخليجية النفط واستخدمته سلاحاً في حرب ١٩٧٣ !؟ لماذا قدمت وما زالت تقدم الدول العربية الخليجية مئات المليارات للدول العربية !؟ لماذا ساندت العديد من الجيوش العربية الاردن وسوريا ومصر في حروبها !؟ لماذا ساندت الدول العربية العراق في حربها مع ايران !؟ لماذا يُطالب كل عربي حُرّ بتحرير عربستان ، ولواء الاسكندرون ، والجزر الاماراتية !؟ لماذا يتوحد العرب ويتكاتفوا ويتآلفوا ويشعرون بالأمان عندما يلتقون في بلاد الاغتراب ويشعرون كأنهم أشقاء !؟ لماذا تنهال المساعدات والتبرعات الشعبية والرسمية عندما يتعرض بلداً عربياً لمحنة او كارثة !؟ لماذا يكون احد بنود مقررات مؤتمر العُلا لمجلس التعاون الخليجي دعم استقرار الاردن وثباته !؟ ما الذي دفع المسيحيون العرب الاقحاح لمناصرة المسلمين في فتوحاتهم على شركائهم في الديانة غير الغيرة على عروبتهم !؟ ما الذي دفع الزعيم عبدالناصر لتصحيح اسم الخليج الى الخليج العربي !؟ ما الذي دفع ميشيل عفلق ورفاقه لتأسيس حزب قومي !؟ ما الذي دفع الاحرار الاردنيون خاصة من ابناء الشمال لمساندة السوريين لطرد المستعمر الفرنسي غير العروبة والدم العربي !؟ ما الذي دفع الاردنيين لاستقبال مليونين ونصف لاجيء سوري ونحن في عوز حتى لشربة الماء !؟
ما بالكم ، تَقهقُر بضعة قرون جعلكم تشكون في عروبتكم !؟ لماذا لا تسألوا أنفسكم : لماذا اختار رب العباد ان يُنزل دين الاسلام للعالم كافة على العرب !؟ هؤلاء هم العرب ، وهذه طبيعتهم ، وهذه هي خصالهم الطيبة ، ربما كلمة استنجاد واحدة تصنع تاريخاً ، اتذكرون كلمة واااامعتصماااه !؟ النخوة عند العربي جذوتها لم ولن تنطفيء وسياتي معتصم جديد ، في زمان ما وينتخي لنجدة ملهوف .
صحيح ان الوضع الحالي يدمي القلب ، لكن جذوة العروبة لم ولن تنطفيء . الم يفتخر سيدنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم بحسبه ونسبه !؟ وهو الذي ارسله رب العالمين برسالة كونية أُممية !؟ الحمد لله ان ما يوحدنا اكثر مما يفرقنا ، وحدتنا في دمنا ولغتنا والكثير من قواسمنا المشتركة . عاشت أمتنا العربية والويل لكل مشكك انهزامي خانع ذليل مستكين .