صراحة نيوز – تسببت عملية تحكيم قانونية استمرت لوقت قياسي وغير معهود، بإعادة تفكير أحد أهم رجال الأعمال المختصين بالتطوير العقاري بمشاريعه الاستثمارية في الأردن، وقرر تجميدها حاليا حتى ينظر القضاء بقضيته في مرحلتها الأخيرة، معتبرا أن ما حدث معه في إطاره العام يشكل عقبة حقيقية للاستثمار داخل البلاد.
رجل الأعمال الكندي من أصل فلسطيني عمر عايش أكد لـ”القدس العربي” أنه سوف يعيد التفكير بمشاريعه الاستثمارية في الأردن بعد أن تعرض لـ”كمين وضرر” على حد وصفه، من مقاول بناء ومحاموه ومحكم قانوني، لبناء منزله في العاصمة عمان الذي تقدر قيمته بملايين الدولارات.
وقال عمر عايش من العاصمة الأمريكية واشنطن، إن مقاولا أردنيا، أجبره على دفع أكثر من مليون دولار زيادة عن ثمن تصميم وإشراف وبناء منزله في عمان.
وأضاف عايش أنه لجأ إلى النظام القانوني الأردني والتحكيم لحل مشكلة الخلاف مع المقاول “لكن القضية توقفت لمدة تسع سنوات من قبل المحكم القانوني الذي يلحقه القانون بنقابة المحامين والمدين لي بشرح سبب حكمه الذي جاء بعكس ما قاله الخبراء”.
ووفق ما أكده ممثلو عايش في العاصمة عمان لـ”القدس العربي” فإن المحكم المختص رفض قبول توصية لجنة الخبراء المكونة من مهندسين إنشائيين ومحاسبين، وأصدر تقريراً لصالح المقاول مخالفا تقريرهم القانوني.
واستخلص الخبراء في تقريرهم أن قيمة جميع الأعمال الإنشائية الداخلية والخارجية والممرات والكهربائية والميكانيكية بمبلغ (1810697) حوالي مليون وثمانمائة ألف دينار، بينما قام المحكم متعمدا باحتساب قيمة الأعمال مرتين بقيمة (3827010) ثلاثة ملايين وثمانمائة وسبعة وعشرون ألفاً مخالفاً بذلك تقرير الخبراء الذين قام بتعيينهم، والذين أكدوا بأن قرار المحكم مخالف لما توصلوا إليه ومخالفاً للواقع.
من جهته رفض نقيب المحامين مازن إرشيدات الإجابة على أسئلة “القدس العربي” عندما تم الاتصال به عبر الهاتف وقال “أنا محكم.. صدر الحكم وانتهى الموضوع”.
وأشار عايش إلى أن المحكم القانوني في قضيته قد جمد القضية لمدة تسع سنوات وهو أمر غير معتاد حتى في المعايير الأردنية، مبينا أنه اضطر بعد ثماني سنوات من الانتظار، أن يقوم بتعيين أربعة محامين للضغط لإصدار حكم، مشددا أيضا على ثقته الكبيرة في القضاء الأردني ليعيد الحق العادل لأصحابه، ولوضوح المخالف للنظام العام.
بالنسبة إلى عايش، مثلت القضية علامة تنذر بالسوء ودرسا فيما يتعلق بالاستثمار في الأردن، حيث أنه استثمر بالفعل عشرات الملايين من الدولارات في قطاع العقارات، ولديه خطط لمشاريع تزيد عن 100 مليون دولار، فيما تقوم مؤسسته في عمان بتقديم أعمال خيرية متنوعة كما ترعى تعليم حوالى 200 طالب أردني في الجامعات.
ولدى عايش قائمة من أسئلة وجهها من خلال “القدس العربي” للمحكم تضمنت مطالب بشرح سبب توقفه ورفضه الحكم بشكل عادل في القضية لأكثر من 9 سنوات وهو ما يكلفه بالفعل حوالى 9 في المائة من الفوائد في القضية. ولماذا قام المحكم باحتساب قيمة الأعمال المنفّذة مرتين مخالفاً بذلك تقارير الخبرة المعتمدة في التحكيم.
وتساءل عايش عن سبب إزالة كلمة (المبنى) من قرار الحكم وإبقاء كلمة (الأعمال الخارجية) في قيمة الأعمال المنفّذة في المرة الثانية، هل هذا خطأ أم أمر مقصود؟ وعن قيام المحكم بإعادة احتساب أعمال الكهروميكانيك مرة أخرى مخالفاً بذلك تقرير الخبرة اللاحق الذي يوضح بشكل صريح أن قيمة الأعمال المنفّذة تشمل جميع البنود (المدنية والإنشائية والتشطيبات والأعمال الخارجية والكهروميكانيك).
وعن قيامه أيضا باحتساب بدل الإشراف والتصميم وفقاً للمساحة التي يدعيها المصمم وليس كما ورد في تقرير الخبراء ومخالفاً كذلك إذن الأشغال الصادر عن أمانة عمان (جهة رسمية).
وبسؤاله، أكد مكتب خدمات الاستشارات القانونية الدولية في العاصمة الأمريكية واشنطن، على لسان مؤسّسه المحامي المُختص في التحكيم التجاري الدولي والمستشار القانوني، طارق رشيد، على أنّ “استغراق عملية تحكيمية كهذه مدّة تفوق التسع سنوات أمر مستغرب جداً ويُثير العديد من التساؤلات حول احترافية وشفافية المحكم الذي تولاه خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار هذه القضية التحكيمية التي أراها بأنّها ليست من قبيل القضايا المُعقّدة”.
وعن إيعاز المحكم إلى عايش تقديم موافقة على تمديد مدّة الحكم بعد انقضائها علّق طارق رشيد قائلاً “إنّ ما يُثير حفيظتي وشكوكي حول احترافية وشفافية هذه العملية التحكيمية هُنا هو أنّ هذا الإيعاز من المحكم قد أتى بعد أن بالغ في التأخير بإصدار حكمه إلى ما بعد المدّة التي منحها أطراف التحكيم بفترة طويلة وأنّه قد أتى أيضاً قبل يوم واحد من إصدار حكمه!!! إنّي أرى في ذلك الإيعاز غُبناً شديداً، ولم نعتد في التحكيم على هكذا تأخير خصوصاً مع عدم وجود مُبرّر له وأكثر خصوصاً في مثل هذه القضية التي لا تعتبر مُطلقاً من القضايا المُعقّدة، وسؤالي هُنا، ماذا كان يفعل هذا المُحكّم كل هذه السنين الطوال؟”.
وكان عمر عايش قد كسب العام الماضي واحدةً من أبرز قضايا الاحتيال العقاري التي شغلت الصحافة العربية والعالمية، رفعها ضد وزير سعودي وأربعة من أشقائه أمام القضاء الإماراتي منذ 12 عاما، ووجهت فيها اتهامات لوزير العمل السعودي أحمد الراجحي وأشقائه، بالاستيلاء “بالنصب والاحتيال” على حصة عايش في شركة “تعمير القابضة”، وهي إحدى أكبر مطوري العقارات في الإمارات، برأسمال 1.8 مليار دولار.
وصدر الحكم في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، وألزمت المحكمة الوزير السعودي وأشقاءه بدفع تعويض لرجل الأعمال الفلسطيني بحوالي 1.7 مليار درهم (450 مليون دولار)، إضافة إلى فائدة 9 بالمئة سنويا، تبدأ من مارس/ آذار 2017 حتى انتهاء سداد قيمة التعويض.
وقضية “تعمير القابضة” الشهيرة تعود لعام 2008، حين أسس عايش الشركة وكانت تستعد لاكتتاب عام أولي، حيث قام بنك الخليج الدولي في حينه بتقييم محفظة الشركة بمبلغ خمسة مليارات دولار. وسلَّطت القضية الضوءَ على قضايا الاحتيال العقاري وقضايا الفساد التي يتعرض لها المستثمرون الأجانب في المنطقة.
ويذكر أن عمر عايش هو رئيس مجلس إدارة شركتي نوبلز الاستثمارية ووينفوز التكنولوجية، وهو ريادي أعمال ومستثمر معروف بإنجازاته في مجال تطوير العقارات والسيارات بالإضافة إلى مساهماته في التنمية الاجتماعية. وتنتشر أعماله وشركاته بين كندا والولايات المتحدة وايرلندا والإمارات والأردن وليبيا وتركيا، وتتجاوز ثروته المليار دولار.
القدس العربي