صراحة نيوز – بقلم زيد نفاع القنصل الاردني لدى هنغاريا
تقاذف القوم جدلاً مصطلح الهوية الأردنيّة تعريفاً.
ولأننا لسنا في حصة دراسية، لهذا فإن المراد بالجدل، شيء آخر ليس التعريف نفسه.
هو جدل اشتبكت معه شخصيات وذوات، خلال الفترة الماضية، فكتبت وخاضت واختلفت وتشابكت.
اصطلاحاً يسهل تناول تعريف محدد للهوية الوطنية والهوية الجامعة التي هي أساس الأمن والاستقرار، في المجتمعات، ما يتطلب بالضرورة رسوخها وثباتها.
نحن هنا نتحدث عن هوية عميقة ومستوعبة وتكاملية، لكن دعونا أولاً نقول إنه ومهما اختلفنا حول الهوية الأردنية، التي أعتقدُ أنها العامود الفقري للأردن، علينا ان نحترم وجهة نظر وتحليل كل شخص تحدث أو كتب في هذا الموضوع، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه بوجهات النظر، لكن من الضروري ان نتفق أو نجتمع على “الهوية الأردنية” وان اختلفنا في العديد من الأمور ومفاهيم سياسية اخرى.
ودعونا أيضا نتذكر أن العلوم السياسيّة عالمياً تحوي نظريات متطابقة، ولكن عند تطبيقها تجد عدة مدارس Diffrent Schools، أو كما نقول لكل شيخ طريقته، غير أن الأهم من هذا وذاك أن الديمقراطية تعلمك، بل وتجبرك، ان تحترم رأي الآخر حتى ولو لم تكن على وفاق مع رأيه.
بداية لنسمي الأمور بمسمياتها، فالهوية لأي دولة ولمواطنيها هي في قدرة الشخص على تحديد ما هو وطنه، وهنا علينا التفريق بين الهوية والجنسية أو حامل جواز السفر.
أليست الهوية لأي إنسان في العالم هي المكان الذي يعتقد أنه وطنه. لكن كيف لنا أن نفرق بين الوطن ومكان الإقامة.
عندما يتحدث الشخص عن هويته، فالمقصود هوية الدولة التي ينتمي اليها أو “وطنه”، أما أنا وعلى المستوى الشخصي فلا أذكر أني في يوم من الايام استخدمت مصطلح غير الهوية الاردنية The Jordanian Identity.
كما أني لا أقبل ان يضاف قبل أو بعد “الهوية الاردنية” أي مصطلح تعريفي لهويتي التي افتخر وانتمي لها.
لأن أي أضافة تعني أن هناك ضدّاً لها؛ فكلمة “الجامعة” قد تُفسر أن لها كلمة مضادة ” غير جامعة”.
أما من يريد الحديث عن استخدام مرادفات أخرى مثل “كلية مجتمع” او “هوية مفرقة” أو “هويات فرعية”، فيكاد أن تكون له مآرب أو أهداف، أو وجهة نظره الخاصة به.
على اية حال، كل هذه الاجتهادات تبعد أو تبتعد عن جوهر الحديث عن الهوية الاردنية.
وهنا أود أن أنوه، لا بل أحذر الكثيرين، أن الحديث والتمسك بـ “الهوية الاردنية” ليس هو كما يحاول البعض الهروب بتفسيره شرق – اردني أو اردني من اصول فلسطينية، فلغةٍ سياسية كهذه هي لغة الصغار.
من وجهة نظري الشخصية في الاردن يوجد فقط هوية اردنية، ولا حاجة هنا للاجتهادات او استخدام أي مواد تجميل ولا بأي شكل من الاشكال.
أما المجموعة الأخرى من الذوات الذين أخرجونا عن جوهر التوقف عند “الهوية الاردنية”، وأدخلونا في سياق آخر في مصطلح المواطنة. فهنا نبدأ مجدداً في الابتعاد عن الجوهر ونبدأ بالتشتت ونتوه، كي نجيب على سؤال المواطنة.
من هو المواطن الصالح ومن هو المواطن الطالح؟
بالطبع هناك من يجيب بقوله إن من يدفع الضرائب هو المواطن الصالح، وآخرون قزّموا المسألة فقالوا: من يرمي القمامة من سيارته فهو مواطن غير صالح.
حسناً، وإن كنتُ اتفق معهم مائة بالمائة، لا بل أكاد أقول إن يكون هناك “مواطن غير أردني” يعمل داخل المملكة، ويدفع الضرائب ولا يلقي بالنفايات بالشارع، وهو مواطن صالح وهناك مواطن اردني لا يفعل ذلك فهو غير صالح. لكن الأول هويته وهواه ليسا أردنيين فيما الثاني هويته وهواه أردنيان.
العديد من الاردنيين يحملون جنسيتين والبعض ثلاثاً ومنهم يقطن داخل الاردن أو خارجه. لا بل يوجد اجيال ثانية وثالثة وربما رابعة لأبناء أردنيين يعيشون – وهنا أشدد منهم من أصول شرق أردنية – خارج الاردن منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي ويحملون الجنسية الأردنية، بالإضافة الى جنسيات أخرى، ومنهم من يتحدث اللغة العربية وآخرون لا.. وهؤلاء منهم من لا يزال يؤمن بأن وطنه الأردن، في حين آخرون لا يؤمنون بذلك.
ما اريد قوله إن على الآخرين الكف عن الحديث عن مشتقات “الهوية الأردنية” من منطلق الأصول والمنابت.
من هو الشرق أردني ومن هو من اصول فلسطينية او كما يستخدمون الهويات الفرعية الشركسي والشيشاني والشامي والدرزي والارمني وجميعهم يحملون الجنسية الاردنية.
لكن هنا كل مواطن أردني هو من يقرر “هويته”، وانتماءه بغض النظر عن أصوله، وكم جنسية يحمل.. فهل الاردن “وطنه” و” الهوية الاردنية” هويته؟