صراحة نيوز – بقلم د.بتي السقرات/الجامعة الأردنية
لم نشعر يوما أن هنالك لبس أو عدم فهم لهويتنا الوطنية، فنحن جميعا في كل محافظاتنا وبوادينا ومخيماتنا من العقبة إلى عقربا أصحاب هوية واحدة هي الهوية الوطنية الأردنية، ولكننا نمتاز بامتلاكنا لهوية أخرى دون شعوب الأرض وهي الهوية النضالية،فقد ترعرعنا وكبرنا على مقولة “كلنا أردنيون من أجل بناء الأردن وكلنا فلسطينيون من أجل تحرير فلسطين”
إذا دعونا من موضوع الهوية ولنتحدث في المواطنة أو المساواة في المواطنة، فالمواطن الأردني هو كل من يحمل الرقم الوطني ودستورنا ساوى بين الأردنيين من حيث الحقوق والواجبات. فلا فرق بين مواطنة ابن الكرك وابن الطفيلة وابن قريقرة وابن الوحدات، وأي ممارسة على أرض الواقع تميز بين هذا وذاك هي ممارسة تدعو للإقصاء و كما نعلم فإن الإقصاء معول هدم للدول.
واليوم ونحن أمام هذا التوجه المقبل علينا بتشكيل مجموعة من الأحزاب أجد لزاما علي تسليط الضوء على ركن أساسي من أركان قيام أي دولة ألا وهو” الهوية” والأردن لم يكن في يوم من الأيام متعدد الهويات , “هوية الأردن” لكل من شرب من ماءه و عاش على ترابه والتحف بسماءه هويته واحده، لا مجال للتشكيك أو الطعن بها من قريب أو من بعيد فعقيدتنا ثابتة على مر الزمن بأننا وجدنا في أرض الحشد والرباط لتكون أعيننا إلى الغرب إلى قبة الصخرة وإلى المقدسات الإسلامية والمسيحية نستنشق عبير زهوها و قدسية المكان تحوم حول أجواء الأردن فلا بد لكل ذي بصر و بصيرة أن يكون هدفه وبوصلته واضحة لا مجال للحيود عنها ولا التشكيك فيها ولا التنابز ولا التلامز بالهويات الفرعية.
نحن احتفلنا بمئوية الدولة الأردنية القائمة على دولة المؤسسات والقانون تحكمها شرعية لا نظير لها في العالم شرعية تاريخية شرعية دينية شرعية قائمة على التوافق والرضى والقبول تنشد خدمة الأردن وشعبه فالأردن وحدوي عروبي ينظر لكل الدول العربية والإسلامية كأنها جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، فكيف إن كانت فلسطين والقدس والمقدسات رئة الأردن والأردن رئة لفلسطين ومتنفسها وعشقها الأبدي.
وانطلاقا من رؤية جلالة الملك لأردن المستقبل وكيف يرى الأردن الذي نحب و سعيه الدؤوب نحو عمليات الاصلاح مبتدأ من الاصلاح السياسي الأمر الذي أتاح لنا في المشاركة في الأحزاب السياسية دون تخوف ،وفي ضل المناخات الإيجابية التي وفرتها الدولة بقيادتها الهاشمية وما نتج من حراك إيجابي خلال الشهور الماضية الأمر الذي حفزني وحثني على السير قدما في الإنخراط في العملية الحزبية لغايات المشاركة بهدف خدمة بلدنا.
ولا شك بأن تجربة الدول الديمقراطية كانت وما زالت وستبقى قائمة على الشورى و”الشورى” تعني التشاركية في اتخاذ القرار ومن هنا وجدت أنني أصبحت ملزمة أن أضع وأسخر طاقاتي وإمكانياتي لخدمة ما آمنت به من برنامج تحت التأسيس ليكون قادرا على المساهمة في بناء لبنة من لبنات الوطن.، وعندما شرفت بالانضمام إلى مشروع حزب لا يزال تحت التأسيس مع نخبة طيبة من أبناء و بنات هذا الوطن الغالي شعرت بشعور مختلف ساقني إلى هذه الأرض الطيبة لنشكل فسيفساء و بستان جميل من زهرات و زهور هذا البلد و غرسة من ابناءه الطيبين هذا البستان الذي نأمل أن تكون ثمار غرسه لما فيه خير الأردن وخير الأمة مما قادني إلى تجربة مختلفة عما كنت أبحث عنه من معادن نفيسه في باطن الأرض لأجدني أبحث عن معادن نفيسه فوق سطح الأرض من شباب و شابات هذا الوطن.
و أصدقكم القول بأن تجربتي الحزبية الغضة ما دخلتها إلا عن قناعة ولكي أكون أنموذجا لأبناء وبنات هذا الوطن و لبث روح التشاركية لنعمل سويا لنهضة وخدمة الأردن لأنني أؤمن بأن العمل الجماعي والتشاركية هي أقصر الطرق لما نصبو إليه ولنكون معا ضمن برنامج آمنا بأنه سيحقق آمال وطموحات شعبنا الطيب الكريم ، نسعى لتأسيس حزب فسيفسائي مشكل من كافة أطياف المجتمع وشرائحه بحيث تكون هذه البوتقه قادرة على تذويب كل مظاهر السلبية التي طفت على السطح في السنوات الماضي من محسوبية وواسطة وغيرها .
اليوم في هذا المشروع نحن معا كتف بكتف من يقطن الطفيلة ومن يقطن مخيم الوحدات برفقة من يقطن البقعة و من يقطن الرمثا و هكذا…..لأنهم آمنوا بفكر برامجي قادر على تحقيق تطلعاتهم وآمالهم وآمال أولادهم بالوصول إلى استقرار اقتصادي اجتماعي تعليمي صحي والحصول على متطلبات الحياة ،لهذا فلنبتعد اليوم عن الصراع حول أن أكون أنا أو تكون أنت فبعد مئوية الدولة استقر الوضع على أننا في الأردن وفق الصبغة القانونية كلنا شركاء في بناء الوطن كلنا أردنيون متساوون في الحقوق والواجبات يحكمنا الدستور والقانون .
و ما دعاني لأن أكون مع إخوتي وأخواتي في مشروعنا الحزبي أنني وجدت بأنه سيكون لي ولكل فرد فيه رأي في اسمه في أهدافه في رسالته وفي رؤيته وفي آلية عمله وفي هيكله التنظيمي وسأكون شريكا فيه، ومشروعنا قد استقطب و يستقطب شركاء من كافة مساحات الوطن ممن لديهم الدافعية والحماس بأن يكونوا مساهمين في البناء لا كما هي الآلية القديمة التي كانت تشكل بها الأحزاب مبتدئين كهرم معكوس من أعلى إلى الأسفل. و لأنني وجدت أيضا أنه لابد أن يرتكز الحزب في تأسيسه و عمله على علاقة العدل و أن لا تكون تشكيلة الحزب مقتصرة على منطقة معينة ولا أن يكون حزب الرجل الواحد أو حزبا مناطقيا.
لقد كانت قناعاتي دوما أننا إن أردنا أن نشارك في العمل الحزبي فلا بد أن نبحث عن حزب مبني على أسس سليمة يتصف بالاستدامة والديمومة والعطاء والإنتاج، حزب قواعده ثابتة متينة يبنى على أسس سليمة ومداميك ثابتة و بهدوء دون تسرع وتشاركية في اتخاذ القرار و عصف ذهني يومي وجلسات حوارية للوصول إلى أفضل الصيغ الممكنة لتتناسب مع شرائح مجتمعنا المختلفة، وأن يوفر مظلة للشرائح المختلفة حتى نلتقي من خلاله على كلمة سواء تكون قادرة على وضع هذه البرامج القابلة للتنفيذ وفق برنامج زمني مدروس يشارك فيه الجميع في البناء والتأسيس حتى نحقق ما نربو إليه ،وما نسعى له في مشروعنا أن نتحدث عن الأردن بأكمله و نتحدث في الصالح العام ونوفر الفرص المتكافئة لأبناء المناطق البعيدة كما هي لأبناء العاصمة .
ولا بد أن لا ننسى أن الأردن شعب آمن بأن لا سبيل إلا في وحدته وهذا” الرقم السري العصي” على الاختراق هذه الوحدة الوطنية والذي حاول البعض أن يعبث فيها كانت بالمرصاد لكل من تسول له نفسه من العابثين ممن يضمرون السوء للأردن والأردنيين كانت الرقم السري العصي على الإختراق على مدار التاريخ، والتجارب شاهده وكثيره واليوم أثبت الشعب الأردني بأنه شعب حضاري بشيبه وشبابه قادر على مواكبة العصر و مواكبة التطور والسير قدما لمئوية أخرى يعمها الخير والسلام والرفعة والسؤدد بسواعد شبابه وشاباته الذين نهلوا العلم والخبرة والمعرفة ونهلوا الصبر عن آبائهم والشيم الطيبة الكريمة التي نفاخر فيها الدنيا ،وما لقب “النشامى” الذي بات سمة ملاسقة لوصف الأردنيين نشامى ونشميات في كل الدول العربية إلا دليل على قدرة هذا الشباب الأردني على تحدي الصعاب والتكيف مع كل الأوضاع الصعبة في الشدة والرخاء.
ولنا أن نذكر أن الأردن في الخمسينيات من القرن الماضي كان رائدا في العمل الحزبي وشكِلت الحكومات البرلمانية وكان خيرة الخيرة يقودوا المشهد السياسي وأسسوا قواعد ثابتة لبناء مؤسسات الدولة التي صمدت في أعتى رياح التغيير التي مست المنطقة وجوارنا القريب والبعيد وبقي الأردن صخرة عصية على من تسول نفسه للعبث في استقراره ووجوده وكان الآباء والأجداد من الذين أسسوا وانخرطوا في العمل الحزبي مشعل ضوء ينير الدرب أمام دولتنا الفتية وآن الأوان لنا اليوم أن نحمل الراية جيلا بعد جيل لنؤسس لعمل مؤسسي ممنهج قائم على الحرية والديمقراطية والتشاركية وتقديم الأكفأ والأقدرليتولى الراية راية المسؤولية لخدمة أبناء هذا الشعب الأردني بكل أطيافه، فنحن لا نريد خلال هذه المرحلة أن نلعن الظلام في حين أننا لدينا القدرة أن نضيء شمعة وتستمر المسيرة ، فالأردن يستحق منا الكثير فلنجتمع معا نحو تحسينه ونلتف نحو قيادته الهاشمية مشكلين تلك الدولة المدنية الديمقراطية والتي يكون الفصل الحقيقي بين السلطات وتوازنها هو مبدأها الأساسي وتكون الدولة المدنية هي دولة السيادة والقانون والمساواة وصون الحريات وحقوق الإنسان فيها بما ينسجم وأحكام الدستور.
حمى الله أردننا الحبيب وطنا وشعبا في ظل قيادته الهاشمية الرشيدة