صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
كتبت مراراً ، كما كتب غيري ، وتحدّث آلاف الشخصيات الوطنية المحترمة بان الحكومات الاردنية المتعاقبة منذ عقود ليست بمستوى إدارة دولة ، باستثناء بعض الوزراء وعددهم محدود ، ربما تأتي بهم الصُدفة ، او يتم الإتيان بهم لتوازنات معينة الالتزام بها واجب وضرورة . وربما ان البعض يعتبر من يصفون الحكومات بانها ليست بمستوى وطن ، وانها غير قادرة على ادارة شؤون الوطن بما يليق بانهم يتجنون على تلك الحكومات .
ماذا يعني هذا !؟ يعني ان حكومتين متعاقبتين الاولى : حجرتنا ، وحظرتنا ، ودمرت الاقتصاد ، وزرعت الاكتئاب وحالات الاصابة بالكورونا لا تتعدى بضع اصابات وفي اسوأ الاحوال اقل من عشرين اصابة في اليوم . والحكومة الحالية : ترددت في فرض الاغلاقات والحظر اللازم ، الذي يتناسب مع خطورة عدد الاصابات التي قاربت ( ٨,٠٠٠ ) إصابة يومياً ، حيث تلكأت في تطبيق بعض الاجراءات رغم خطورة الوضع ، وايضاً تلكأت في تخفيف اجراءات الحظر عندما انخفض مستوى الاصابات اليومية بشكل ملحوظ ، كما انها لم تقتنع برفع بعض الاغلاقات عن قطاعات تدمرت ، وأغلقت الاف المنشآت ابوابها نتيجة عجزها عن الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين وغيرهم .
سؤال يفرض نفسه : ماذا يعني تدخّل رأس الدولة في هكذا أمر ، في أمر رفع الحظر !؟ أشعر بان مجرد طرح السؤال فيه إساءة ، لا بل إنتقاص من هيبة الحكومة . تدخل رأس الدولة بهكذا أمر يعني ويُستنتج منه استنتاجين هامين ، أولهما : ان حكومة المملكة الاردنية الهاشمية تُجيد أعمال السكرتاريا ، حيث انها تؤمر فتطيع وتنفذ . وثانيهما : ان الحكومة ليست بمستوى ان تتولى ادارة شؤون دولة ، وانها لا تمتلك قدرات مواجهة المعضلات واجتراح الحلول الأقل ضرراً على الوطن والمواطن .
والإجابة على السؤال السابق تفرض سؤالاً آخر ، وهو : أين الجهات ذات العلاقة بالجائحة !؟ وماذا تعمل !؟ أين مركز ادارة الازمات !؟ أين لجنة الأوبئة !؟ اين وزارة الصحة بكل مديرياتها ، مثل : مديرية الأوبئة ، ومساعد الامين العام لملف كورونا !؟ وغيرها الكثير ، والأهم والأخطر : أين الحكومة !؟ نعم : أين الحكومة !؟
إضطرار رأس الدولة لإصدار أوامره بفتح القطاعات ، ووقف اجراءات الحظر ، وفق بروتوكولات دقيقة للمحافظة على الصحة العامة ، وتحرير الاقتصاد من القيود ، شيء مُعيب على الحكومة ، ويدل على تحسس رأس الدولة لإختلالات عظيمة وقصور كبير . وبالتأكيد ان ما دفع رأس الدولة لاصدار هكذا توجيهات تأتى نتيجة المتابعة والاطلاع وسماع المسؤولين عن القطاعات الاقتصادية وهم يجأرون بالشكوى من تدمير قطاعاتهم وخروج المئات ان لم يكن الالاف من النشاطات ، فقد اعلن نقيب اصحاب المطاعم ان خسارة قطاع المطاعم لوحدة تُقدر بمئات ملايين الدنانير ، واصحاب صالات الأفراح خسروا ما يزيد عن مئة مليون دينار .. وهكذا .
منذ عقدين من الزمن ويزيد ، أشعر بان شخوص الحكومات الاردنية لا يرتقون في معظمهم الى مستوى إدارة دولة ، وأشعر كأنهم حكومات تسيير أعمال . كما أشعر ان كل هَمِّهم يتركز على كيفية تلميع وجودهم ، وتنميق تصريحاتهم ، وتعزيز مكتسباتهم المادية ، والبقاء في مواقعهم أطول مدة ممكنة ، فيعلنون عن استراتيجيات طويلة الأمد علّهم يكونون عابرين للحكومات ، متغافلين عن ان ادارة الدولة الاردنية تتم بالقطعة ، وانه لا وجود لرؤى ولا استراتيجيات ، ولا اهتمام بالوطن ، ولا ارتقاء باداء الوزارات .
المؤلم ان غالبية المواطنين يشعرون ان وطنهم ( مهَوِّرْ ) ، وينحدر ، وعلى ما يبدو ان الكل قد استسلموا واعتبروه قدر . لك المولى يا وطني الأغلى .