صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
” بدنا نشوف نتائج قبل نهاية السنة ، حتى نوضح للمواطن نحنا وين رايحين”.. هكذا وجه الملك عبدالله الثاني كلامه إلى رئيس الوزراء ، عندما ترأس اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي (27 / 8 / 2019 ).
هل قَصد جلالته ، السنة القمرية، التي تعتمد التقويم الهجري؟ المعتمد في الدين الاسلامي كمقياس زمني ، وها نحن نحتفل برأس السنة الهجرية في ( 31 /8 / 2019) ، أم قصد السنة الشمسية ( الميلادية ) التي تنتهي في 31 / 12 / 2019 ؟ بالتأكيد لم يقصد الملك في كلامه نهاية السنة القمرية ( التي انتهت بعد لقائه بخمسة أيام ) ، ويبقى الاحتمال أنه قصد السنة الشمسية ( التي ستنتهي بعد أربعة أشهر ) ، وهناك احتمال ثالث أنه قصد ” السنة البرلمانية ” – حسب مصطلح أطلقه أحد السياسيين في لقاء إذاعي – التي تنتهي في شهر تشرين الأول( اكتوبر)، وبحد أقصى في شهر تشرين الثاني( نوفمبر) المقبلين ، حيث يتم الإعلان في خطاب العرش السامي الذي يلقيه الملك بموجب الدستور عن افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة ، والتي تعقد في “كل سنة شمسية من عمر مجلس الأمة” ، ومدتها ستة أشهر ، ويجوز للملك أن يمدد الدورة العادية لفترة أخرى لا تزيد على ثلاثة أشهر ، ليعلن بذلك عن : “انتهاء سنة شميسة ، وبداية سنة شمسية جديدة من عمر مجلس الأمة”..
وبغض النظر عن أي نهاية قصدها الملك في كلامه، نهاية السنة الهجرية، أو السنة الشمسية ( الميلادية ) ، أو نهاية السنة الشمسية من عمر مجلس الأمة ، إلا أن الأهم هو انتظار إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري بين حزبي الجنرالات ” أبيض أزرق ” ، و ” الليكود ” اليميني المتطرف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة المقرر لها أن تجرى في 17 من شهر أيلول (سبتمبر ) الحالي ، بعد فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي.
وبحسب آخر الاستطلاعات الإسرائيلية التي تُرجح كفة فوز حزب ” أزرق أبيض ” ، على حزب ” الليكود ” بعد تراجعه ، وبالتالي سيكون سقوط نيتنياهو ضربة قاضية للرئيس الامريكي ترامب ، الذي ينتظر في حال فوز نتيناهو الإعلان عن صفقة القرن، وبالتالي فإن نتيجة الانتخابات ستؤثر في سير خطة السلام الأمريكية بصورة ستعطلها ، أو تجمدها.
وحسب هذه المعطيات ، سيتحتم على الملك ـــ قبل أن يرتدي لباس العرش ، الذي يمثل سيادة الدولة ــ الإفصاح عن الاستحقاقات الدستورية التي توضح منهجية الدولة وحكمها ، وقبل أن يستعرض السياسات الوطنية ، والمجريات السياسية في المنطقة ، والكشف عن الخطط التنموية والسياسية المحلية، سيتحتم عليه أن يحسم موقفه من حل البرلمان، وتحديد موعد إجراء الانتخابات المقبلة -غير المتضارب- مع شهر رمضان ، وإعادة تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات ، وتحديد الشكل العام للحكومة المقبلة، ودورها في قيادة المشهد الجديد ، ومدى حاجتنا لحكومة سياسية أكثر منها اقتصادية ، وتحديد هوية الرئيس القادم من “الشمالات”، أو “الجنوبات”، وتنتهي بذلك مرحلة حكومة الأقليات ، بعد فترة حوالي أربع سنوات جيرت لصالح الوسط .
انقضت السنة القمرية ، ونحن بانتظار بلوغنا السنة البرلمانية ، وعلى أبعد تقدير انتظار نهاية السنة الميلادية ، وقبلها علينا رصد نتائج الانتخابات الإسرائيلية ، ومعرفة ارتداداتها على القوى الأمريكية ، عندها يمكننا تحليل تأثيرها في ساحتنا السياسية الداخلية ، ثم الاستماع إلى توضيح ” نحنا وين رايحين ” ! ، كما وعدنا ملك البلاد أن يطلعنا عليها!!