أمر خطير!.. هدر المال العام والخاص
كبريات الصحف الوطنية وعدم خضوعها لقانون الجرائم الاقتصادية

8 سبتمبر 2022
أمر خطير!.. هدر المال العام والخاص<br>كبريات الصحف الوطنية وعدم خضوعها لقانون الجرائم الاقتصادية

صراحة نيوز  – بقلم  حسن محمد الزبن
هدر المال العام من الجرائم الخطيرة، والتي يعاقب عليها القانون، وفي كل مؤسسة عامة أو خاصة، هناك ضوابط وإجراءات تُفرض وتُعد مسبقا، واحترازيا، للحد من هذه الجريمة، لأن حصولها يؤثر على الوضع الإقتصادي، ويُفقد المصداقية والثقة لدى الكثير من المساهمين في بعض المؤسسات التي لها شراكات حقيقية في الجانب الاقتصادي والاستثماري مع الحكومة أو بعض مؤسساتها في القطاع العام، فعلى سبيل المثال لا الحصر، مساهمة مؤسسة الضمان الاجتماعي في العديد من المشاريع الاقتصادية الوطنية إلى جانب القطاع الخاص،مثل صحيفة الرأي، أرى أنه يجب أن ينظر للمال الذي يستثمر في هذه المؤسسة أو غيرها على أنه من الأموال العامة، لأن من يديرون هذه المؤسسات الوطنية يعينون من قبل الدولة، وهم في الغالب ليس من المساهمين، وليس من المستثمرين في هذه المؤسسات.
فعندما تكون مسؤولا أو موظفا في مؤسسة وطنية يساهم فيها القطاع الخاص، ولا تمارس عملك بنزاهة وأمانة مطلقة، فإنك تساهم فقط في الهدم بدلا من البناء، وتساهم في تعثر مؤسسات وطنية كبرى، لها اعتبارها لدى الدولة ولدى كل مواطن أردني، ولها مكانتها عبر سنوات طويلة، بل إن الاهمال وعدم اللامبالاة في إدارة أموال هذه المؤسسات يؤكد انحدارا في السلوك الوظيفي، وعدم التزام بأخلاقيات العمل، ومحصلة ذلك خلخلة النظام المالي والإداري، وخلق بيئة حاضنة للتعثر في وجه أي مؤسسة وطنية تعيش هذه الظروف، ظروف عدم الإحساس بمسؤولية المال العام او الخاص كأمانة يحاسب عليها القانون، وعدم المبالاة بقانون الجرائم الاقتصادية، أو قانون النزاهة ومكافحة الفساد، أو أي قانون يحكم حماية هذه الممتلكات الوطنية.
صحيح أن ما حدث في المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، أخيرا، وبقرار قضائي بيع مطابع الرأي مع مجمع المباني بالمزاد العلني، يؤكد أن الحكم القضائي جاء بهذه الصفة، لأنه ليس بين يديه ما يثبت أن أموال هذه المؤسسة وممتلكاتها يخضع لصفة المال العام، ولو توفر ذلك أعتقد لن يكون هناك مزاد أصلا، والله إنه أمر يوجع القلب، مطابع ومبنى لمؤسسة تعتبر وطنية تكلفتها تقدر بـ35 مليون دينار، يرسو المزاد على جهة ما للبيع بـ 3.8 مليون دينار، والفارق كبير بين التكلفة وثمن البيع، ولمصلحة من يحدث ذلك، ومن كان السبب وراء هذا الانهيار للوضع المالي في هذه المؤسسة، لتصل إلى درجة التخلي عن مطابعها ومبناها التجاري بثمن بخس.
ففي القانون الأردني تم تعريف المال العام، حيث ورد في المادة(60) من الفقرة الأولى، جاء نصها:( تعتبر أمولا عامة جميع العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الحكمية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون أو النظام ولا يجوز في جميع الأحوال التصرف في هذه الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بمرور الزمن).
وقد عرف الفقه المال العام بأنه: ( المال الذي تملكه الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة سواء كان منقولا أو عقارا وكان مخصصا لتحقيق منفعة عامة).
وفي قانون الجرائم الاقتصادية رقم 11 لسنة 1993م، ورد تعريف المال العام، باعتباره قانون يعني بمواجهة الجرائم الاقتصادية، والتي يؤدي وقوعها إلى المساس بمركز المملكة الاقتصادي ويهز الثقة في الاقتصاد الوطني والأسهم والسندات، وورد في (المادة 2/ب) من هذا القانون على أن الأموال العامة هي كل ما يكون مملوكا أو خاضعا لإدارة أي جهة من الجهات التالية أو لإشرافها:

الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية العامة.

مجلس النواب والأعيان.

البلديات والمجالس القروية ومجالس الخدمات المشتركة.

النقابات، والاتحادات، والجمعيات، والنوادي.

البنوك والشركات المساهمة العامة ومؤسسات اللإقراض المتخصصة.

الأحزاب السياسية.

أي جهة يتم رفد موازنتها  بشكل رئيس من موازنة الدولة.

أي جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.


إذن أموال الدولة العامة أو الخاصة حسب هذا القانون بمستوى واحد من حيث المسؤولية في الحماية، وهذا يعني أن العقاب يقع على كل من يعبث بالمال العام أو يعتدي عليه، وهنا أتساءل أليس مؤسسة الضمان الاجتماعي وهي مساهم استراتيجي في المؤسسة الصحفية الرأي، وتعتبر مؤسسة لها صفة اعتبارية، ولها صفة وطنية كباقي المؤسسات التي ورد ذكرها آنفا في (المادة 2/ب) من قانون الجرائم الاقتصادية لسنة 1993م، وليس هذا فحسب بل إن المؤسسة الصحفية (الرأي)، تعتبر واجهة إعلام للدولة، وعليها عبر عقود طويلة كان ولا يزال دور وطني كبير في تغطية أخبار الدولة بمهنية عالية، ونشر الأحداث التي تهم المواطن، عدا عن الرسالة الفكرية والثقافية التي كانت تقدمها بأقلام وأعمدة لها إحترامها، أعتقد أن دورها لم يكن بأقل من دور الأحزاب السياسية، ولا أقل من النقابات، أو الاتحادات، أو الجمعيات، أو غيرها من المؤسسات التي ورد ذكرها في نص الفقرة ب من المادة الثانية من قانون الجرائم الاقتصادية.
ألم يكن من الأهمية أن تكون الصحف الكبرى في وطننا مشمولة في هذا القانون، لأجل حمايتها، واستدراكا من انهيارها، هذا مع علمنا لأهمية مؤسسة الضمان الاجتماعي الشريك للمؤسسة الصحفية(الرأي)، بأن مديرها يُعين من قبل الحكومة، ورئيس صندوق الاستثمار عضوا فيها، ونائب محافظ البنك المركزي المختص بالإستثمار عضوا فيها، ومن الأهمية وجود أيضا عضو وممثل عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية يتم انتدابه عضوا فيها من مجلس الوزراء، أليس هذا كافيا لإعطاء المال المساهم في إدارة مؤسسة صحفية (الرأي)، صفة المال العام.
حمى الله مؤسساتنا،
حمى الله الأردن،
 

الاخبار العاجلة