الأمن الوطني

10 يوليو 2017
الأمن الوطني

الأصل في الحاجة إلى الأمن ، أنها تعود إلى حالة من النقص أو العوز والإفتقار ، وإختلال التوازن . وهو يقترن بنوع من التوتر والضيق ، لا يلبث أن يزول متى قضيت الحاجة وزال النقص ، سواء كان نقصاً مادياً أو معنوياً ، داخلياً أو خارجياً .

فالفرد أو المجتمع يكون في حاجة إلى الأمن ، متى إحتواه الخوف ، وإفتقر إلى الأمن . وقد إعتبر علماء النفس ، أن الحاجة إلى الأمن من الحاجات الأساسية للكائن الحي .

والأمن الوطني ، يشمل مفهومين أساسين هما :
الأمن : وهو مشتق لغويا من الفعل الثلاثي ( أمِنَ ) ويعني الإستقرار والإطمئنان وهو ضد الخوف .
الوطن : وهو الأرض التي ينتسب إليها الإنسان ، وتمنحه هويته وجنسيته ، وتكون موطنا لآبائه وأجداده منذ تاريخ طويل ، وإن لم يولد وينشأ فيها ، وهو لا يشمل بأي حال من الأحوال ، البلدة أو المدينة التي ينتمي إليها الفرد فقط وإنما يعني الدولة أو القطر بحدوده الكاملة .

ومن مفهوم الوطن ، نشتق المواطن ، وهو كل إنسان يعيش داخل دولة معينة ، وهو يتمتع بحق المواطنة والجنسية ، وله حقوق يكفلها الدستور والتشريعات القائمة بالدولة ، وعليه واجبات وأدوار يتوجب عليه أداؤها إتجاه الوطن .

ولقد أولت التشريعات السماوية عامة والقرآن الكريم خاصة ، مفهوم الأمن الوطني عناية خاصة ، لتكفل للإنسان حياة آمنة مستقرة . ( فليعبدوا رب هذا البيت ، الذي أطعمهم مم جوع ، وآمنهم من خوف ) . ( كُنتُم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) .

كما تناول الفلاسفة والعلماء والمفكرون موضوع الأمن وأثره على حياة الفرد والجماعة في أمنهم وإستقرارهم ، وأولوه عناية خاصة في البحث والدراسة .

ويقصد بالأمن الوطني ، حماية كافة المصالح المتعلقة بالدولة ، سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا ، من الاعتداءات والتهديدات الداخلية والخارجية ، والحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها وإستقلالها ، وأيضا حماية حرية وكرامة شعبها وتأمنيهم بكافة مستلزمات الحياة .

وهذا يتحقق من خلال العمل ، على ضرورة تأمين كيان الدولة وضمان وسلامة وحدتها الوطنية ، ومواجهة كافة الأخطار الخارجية والداخلية ، وتحقيق أهداف المجتمع وإيصاله إلى مستوى الرخاء والإستقرار .

وتلعب جميع المؤسسات القائمة في المجتمع ، سواء كانت عسكرية أو مدنية ، رسمية أو أهلية ، دورا كبيراً في تحقيق الأمن الوطني . ولكن الدور الرئيس والأهم ، هو للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى ، شريطة أن لا يحصل تغول جهات على الجهات الأخرى ، أي أنه على كل مؤسسة عسكرية أو مدنية ، القيام بالدور المناط إليها على أكمل وجه . وهذا يعني أنها جميعا تعمل سوياً في مجال التنمية الوطنية صحيا وتعليميا وإقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا إلخ …..

فالأمن الوطني يتحقق بتضافر جهود كل الأفراد والجماعات ، وكل في ميدان عمله ، فالرسول الكريم يقول ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، فجميع أفراد المجتمع مسؤولون عن هذا الأمن ، فالحاكم ، التاجر ، العامل ، الموظف ، الحارس ، الفلاح ، الصانع ….. إلخ .. فكل فرد منهم إذا قام بمسؤوليته على خير وجه تحقق الأمن والأمان .

كما يتحقق الأمن الوطني بتوفير العدالة الإجتماعية ، وتكافؤ الفرص ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو محاباة ، والإهتمام بجميع أفراد المجتمع بعض النظر عن اللون أو الجنس أو العرق أو الجهة .

والأمن الوطني لا يتحقق من خلال عقد مهرجانات وإحتفالات وندوات ، تقام هنا وهناك تحت رعاية أصحاب الألقاب من ( دولة ، معالي ، عطوفة ، باشا ، إلخ .. ) فيأتي الحضور من أجل صاحب الرعاية وما أن ينسحب الراعي تجد أغلبية الحاضرين ينسحبون ، لإنهم في الأصل جاؤا لأجل إظهار ولائهم له .

والأمن الوطني لا يتحقق ، إذا إستشرى في مفاصل الحكومة ، داء التوريث والمحسوبية والجهوية ، على حساب الكفاءة والكفاية والمؤهل ، فإن هذا يؤدي إلى حدوث خلل في كيان الدولة وحدوث الفساد الذي ينخر عضد الوحدة الوطنية .

وجميعنا يتغنى بالأمن الوطني مع فارق من حيث الحب والولاء والإنتماء لهذا الوطن ، فالغالبية تحبه لإن كيانها مرتبط بحب النظام وكيان وأمن هذا الوطن ، ولكن الأقلية ممن يسمون بالعلية يحبونه ، وحبهم مرهون بما يجنون منه من توريث للمناصب والرواتب والمراتب للأبناء والأحفاد من بعدهم .

وخلاصة القول بأن هذا الوطن والحفاظ على أمنه ومقدراته ما هو إلا أمانة في عنق كل مواطن ينتسب إليه ويؤدي واجباته الملقاة على عاتقه وهذا يتطلب منا تكاتف الجهود ونبذ كل ما هو معيق للمسيرة من فرقة ومفسدين وفساد وطامعين لتحقيق مآرب خاصة على حساب المجتمع في الوصول نحو التقدم والرخاء وتحقيق الأمن والإستقرار كي يبقى هذا الوطن حرا عزيزا كريما وقد حباه الله قيادة حكيمة عربية هاشمية قادته إلى شاطئ السلامة وبر الأمان ، حفظ الله الأردن ملكا وأرضا وشعبا .

 

الدكتور عبدالكريم محمد شطناوي

الاخبار العاجلة