صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
قبل الخطاب المنتظر للرئيس الأمريكي ترامب في نهاية هذا الشهر، فقد قرأنا خلال الأيام الأخيرة مقالين هامين، أحدهما لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت بعنوان ” فرضية حل الدولتين “، والثاني تقريرا خاصا نُشر على صفحات موقع رأي اليوم، تحت عنوان ” الأردن بين زوايا الكأس المملوء ولعبة شدّ الأعصاب “.
تطرق الدكتور معروف البخيت في مقاله، إلى مستقبل الدولة الفاسطينية وثوابت الأردن وخياراته. وقد بيّن من خلاله بأن تحديات كبيرة فرضتها على الأردن أطراف واعتبارات جديدة، فألقت بظلالها على مصالحنا الوطنية. وأضاف بأن الحل المجتزأ سيكون على حساب الأردن وفلسطين، وأن تعويم الحالة السياسية الفلسطسنية، هي أخطر ما يواجه الأردن على الإطلاق، ويؤثر على أمنه الوطني. كما أن تقاطع المصالح في الشرق الأوسط، يُنذر بصدامات لا يحتملها عالم اليوم.
وقال أيضا، إن توقف مفاوضات أوسلو الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لسنوات طويلة، يمكن أن تكون نهائية وبغير رجعة للتفاوض. كما أن الانقسام الفلسطيني غير عابر أو طارئ بعد مرور عقد ونصف عليه، وليس متوقعا أن يتم تجاوزه، أو إعادة الوحدة الجيو سياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة في المدى المنظور.
( المقال طويل وهام ويصعب اختزاله في بضع فقرات لغزارة مادته. فلابد لمن يرغب بالاستزادة، من العودة إلى المقال كاملا نظرا لاهميته ).
أما في المقال الخاص الذي نشره موقع رأي اليوم، فقد ركّز الدكتور الرزاز في حديثة عل ” صعوبة عزل المملكة عن سياق الأحداث المتسارعة في المنطقة، ما يتطلب أن نُعدّ أنفسنا إلى سيناريوهات مختلفة على مستوى المنطقة “. ومن الملاحظ أن حديثه هذا قد جاء بعد حديث جلالة الملك ببضعة أيام عن ” النصف المملوء من الكأس “. وهذه مؤشرات واضحة تشي بأن هناك أحداثا جسيمة ستقع في المنطقة، وأننا في الأردن سنكون متأثرين أو مساهمين بها . . !
أما على الصعيد الداخلي، فهناك أيضا قضايا وطنية هامة تقض مضاجع الأردنيين، وهي عدا عن القضايا المعروفة في الاقتصاد والبطالة والفساد وبيع المؤسسات الحكومية، وانقطاع المياة عن المواطنين واهتراء البنية التحتية، بل هناك إشاعات – وأتمنى أن لا تكون صحيحة – عن بيع محميات وأراضي في المناطق الجنوبية والشرقية.
والأخطر من ذلك، هو ان تمتد يد العبث إلى مؤسستنا العسكرية، لتستبدل مهمة التموين في إعاشة القوات المسلحة بشركة الولاء المدنية. وها هي الحكومة تعلن اليوم عن نيتها الجادّة في إدخال مديرية الخدمات الطبية الملكية إلى بيت الطاعة، تحت مظلة المؤسسة الطبية العلاجية المنتظر ولادتها قريبا، وكأننا لم نفشل في هذه التجربة في أواخر الثمانينات الماضية. وللتذكير أقول يا دولة الرئيس إن الخدمات الطبية، وجدت أساسا، لتقديم الخدمة الطبية لعسكريين وعائلاتهم. وهذا الأسلوب متبع في جميع الدول المتقدمة حفاظا على طبيعتها وخصوصيتها. ويمكن أن تنشأ إلى جانبها مؤسسات طبية منفصلة لخدمة المدنيين.
وطالما أن لدى الحكومة مثل هذا التوجه في خصخصة المؤسسة العسكرية ، فهل نتوقع أن تقوم الحكومة مثلا بدمج سلاح اللاسلكي تحت مظلة وزارة الاتصالات ؟ ودمج سلاح الهندسة بوزارة الأشغال ؟ ومديرية الثقافة العسكرية مع وزارة التربية والتعليم ؟ وكذلك دمج بقية المديريات بما يقابلها في الوزارات المماثلة ؟
كل هذا وغيره يجري على ساحتنا الوطنية ولم نسمع من الشعب ومتقاعديه العسكريين صوتا لحماية مؤسساتهم الوطنية. وهذا يذكرني بقصة القرود الرمزية الثلاثة، التي وردت في الأدبيات اليابانية. فعنما استاء حكماء القرود الثلاثة مما يجري ضد رفاقهم في الغابة قرروا الاستسلام للقدر، وجلسوا في إحدى زوايا الغابة. فغطى القرد الأول عينيه بيدية قائلا: لاأرى شرا ولا خيرا. وغطى الثاني أذنيه وقال : لا أسمع شرا ولا خيرا. وغطى الثالث فمه بيدية وقال : لا أتكلم شرا ولا خيرا.
ويظهر أن أبناء الشعب الأردني العظيم ومنهم المتقاعدين العسكريين الأشاوس، قد اتبع كل واحد منهم تصرفات القرود الثلاثة قائلا : لا أرى . . لا أسمع .. لا أتكلم. وفي هذه الحالة، لا يسعني إلا أن أتمنى للجميع نوما هادئا وأحلاما سعيدة . . !
التاريخ : 22 / 1 / 2020