صراحة نيوز – أ.د.صلحي الشحاتيت
في ظل التراجع العام للاقتصاد العالمي، تقع على الأردن تحديات كبيرة، لتحقيق التنمية المستدامة في إنجاز مستويات مأمولة من نوعية علمية مختلفة لأبنائه. فالتعليم العالي يلعب دوراً بارزاً من حيث الالتزام بتطوير البحث العلمي لتحسين المجتمع، وتدريب القيادات للخدمة العامة، اقتصادياً وتعليمياً وسياسيا، من هنا برز مفهوم الجامعات الحديثة من حيث نظمها وأساسياتها والعلاقة التي تربط بين مكوناتها.
يكمن دور الجامعات بشكل رئيسي في: نقل المعرفة التراكمية من خلال التعليم. انتاج المعارف الجديدة بتوظيف البحث العلمي. وأخيرا تنمية المجتمع ومهاراته.
هذه الأدوار والوظائف لا يمكن أن تكون إحداهما بمعزل عن الأخرى فهي ذات صلة وثيقة فيما بينها.
إن نجاح الجامعات غي القيام بوظائفها على الشكل الصحيح يعتمد على عوامل كثيرة أهمها: التميز الأكاديمي المؤهل والمتخصص في شتى مجالات المعرفة المختلفة. مواكبة المتغيرات العلمية المتسارعة. التطور في الأداء على المستويين الأكاديمي والتقني. بالإضافة إلى إيجاد تخصصات غير تقليدية وغير متداولة بشكل كبير في سوق العمل والترويج لها، وبناء خطط وبرامج تسويقية لاستقطاب الطلاب من خارج الأردن.
ان تحقيق هذه الاهداف يتطلب استكشاف والبحث عن أسواق عالمية جديدة، من خلال استحداث برامج ذات صبغة بحثية تطبيقية تخدم الإنسانية وتكون قادرة على لفت الانتباه. وأن يكون الاهتمام منصبّا على البحث العلمي، الذي يعد من أهم أولويات الجامعات في الدول النامية والمتقدمة، وذلك بتوفير البيئة العلمية المناسبة التي يمكن أن تنمو فيها البحوث وتزدهر، وتشجيع التمويل المجتمعي للبحث العلمي.
ولا ننسى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبين مراكز العمل البحثي المتقدمة. والتعاون مع مراكز البحوث الدولية المختلفة، بالإضافة إلى العمل على استحداث مراكز لتسويق الأبحاث العلمية وربطها بالمؤسسات الصناعية من خلال آليات مناسبة.
كل ذلك سيمكّن التعليم العالي من القيام بدوره على أكمل وجه لتطوير العملية التعليمية في الأردن، ومن تعزيز رؤية ورسالة الملك عبدالله بتطوير التعليم العام والتعليم العالي من خلال المبادرات الملكية وأوراق النقاش التي أطلقها جلالته خلال العشرين عاما الماضية، التي جاءت في كتب التكليف السامي للحكومات الأردنية المتعاقبة، إضافةً إلى إطلاق الخطة الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية (2016-2025م), وهي بمثابة خريطة طريق للقائمين على قطاع التعليم العالي بجميع محاوره، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي، يعتمدان على الموارد البشرية المتسلحة بالعلم والتدريب، والتي ستمكّن من تجاوز التحديات والمعيقات لتحقيق الطموحات. ويجب أن يبدأ العمل الجاد الأن على هيكلة التخصصات في جامعاتنا الرسمية والخاصة للوصول إلى ما يسمى بالجامعات التخصصية التي تطرح برامج تعليمية في العلوم التقنية بحقولها المختلفة، قادرة على تقديم تعليم نوعي يحقق لحامليه الولوج في سوق العمل والمساهمة في خلق إقتصاد متين.
يشهد العالم حالياً طلباً غير مسبوق على التعليم العالي، والأردن ليس بمعزل عما يجري من تطورات في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، خاصة في هذا العصر الذي تتزاحم فيه التغيرات وتتعاظم فيه كمية المعرفة، ولا شك أن التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص في الاردن حقق العديد من الانجازات، لكن ما تزال امامه تحديات يواجهها تعتبر تحديات ومعوقات للتنمية البشرية الاقتصادية، فأصبح من الضروري التفكير في أنماط ملائمة لنقل هذا الكم الهائل من المعرفة المتتالية والمتجددة الى الطلبة، وخلق فضاء عالمي للتعليم العالي في الأردن وجعله في مصاف الدول النامية والمتقدمة. كما نطمح أن يصبح للأردن تجربة تغري بنجاحها الآخرين.
* رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا