صراحة نيوز – د . صبري الربيحات
استمرار التركیز على ضبط الدفاتر الحسابیة وتجنب ایجاد وتنفیذ خطط لتطویر الموارد المحلیة وتصحیح اوضاع سوق العمل سیفقد الحكومة فرص النجاح ویرفع من وتیرة المطالبة برحیلها
في الأردن یوجد دستور وأحكام، وحكومة ونواب، وسیاسات وتشریعات، وأسئلة یطرحها النواب لكن لا یوجد مساءلة بالمعنى الدقیق للمفهوم. غالبیة الأسئلة التي تثار تحت القبة من وقت لآخر ذات طبیعة استفهامیة او استعراضیة كیدیة لا یجري التعامل مع غالبیتها بجدیة.
الأحكام التي یطلقها الشارع الأردني على حكومة الرزاز متنوعة ومتضاربة. البعض یصفها باللیبرالیة وآخرون یرونها تكنوقراطیة ویذهب البعض إلى اعتبارها حكومة جبایة. ایا تكن هذه الحكومة ولونها فلا یوجد تقییم او مساءلة یمكن الركون لنتائجها ومع ذلك فإن ما یهم المواطن لا یتعدى نوعیة الأداء ومستوى نجاح الفریق وكفاءة الأعضاء في ادارة الموارد وتنفیذ السیاسات وحل المشكلات التي تواجه الوطن ویشكو منها المواطن.
من الناحیة العملیة لم تحقق الحكومة الكثیر من الانجازات التي ترضي طموح المواطن فاذا ما استثنینا حزمة اجراءات حسن النوایا التي وعد بتنفیذها الرئیس خلال الأیام الأولى فإن الكثیر من الوعود تغیرت او تلاشت من مطبخ الحكومة الذي یبدو خالیا من خطط تقود إلى تنفیذ المفاهیم التي بشر بها إبان تكلیفه.
الیوم لم نعد نسمع كثیرا عن العقد الاجتماعي ولا عن برنامج الدولة القویة واقتصاد الانتاج والفرص ولا عن النهوض او التكافل الاجتماعي. اعادة جدولة الدیون والاكادیمیة السیاسیة ومنصات المعلومات ووزیر بثلاث وزارات لا ارتباط بینها، اجراءات تثیر الكثیر من الاسئلة حول رؤیة الحكومة وامكانیة نجاحها.
شعارات الحوار وحقوق المواطن والاعتراف بصعوبة الاوضاع والتأكید على نیة محاربة الفساد لم تنجح في مداراة اخفاق الحكومة في معالجة الازمات واستعادة الطمأنینة والثقة التي یحتاج لها المواطن.على عكس ما كان متوقعا اسهمت الأزمات في كشف مستویات غیر مقبولة من الاخطاء التي حولت الحوادث والاجراءات الاعتیادیة إلى فضائح كما حصل في هروب مطیع قبیل بدء التحقیق وتبدیل جثث الضحایا لأحداث البحر المیت.
وسط كل هذه الفوضى تلقى الأردنیون خلال الأیام الأولى من هذا العام جرعة من الامل والتفاؤل فقد حقق الفریق الوطني لكرة القدم انجازات كبیرة في التصفیات النهائیة لكأس آسیا وقام رئیس الوزراء بعدد من الزیارات المهمة لكل من العراق وتركیا والولایات المتحدة الأمیركیة.
التحرك الأردني على الساحة الاقلیمیة له أهمیة خاصة بالرغم من أن البیانات الصادرة مكررة وقد لا تجد مضامینها طریقا للتنفیذ. في الأشهر السابقة جرى وقف العمل باتفاقیة التجارة الحرة مع تركیا بصورة مفاجئة ودون دراسة تأثیرها على التجار والمستثمرین كما سبق للأردن والعراق أن أجریا عشرات اللقاءات وصادق البلدان على اتفاقیات وبروتوكولات وخطط مشروعات مشتركة دون جدوى.
الاتصالات مع الجوار سیاسة مهمة تجد تأییدا شعبیا واسعا لكن المواطن الأردني لا یفهم تماما الدوافع والاسباب التي حركت هذه الاتصالات ولا كافة التفاصیل والملفات التي تتناولها.
الحدیث عن احیاء فكرة مشروع الخط الناقل للبترول بین البصرة والعقبة والاسعار التفضیلیة التي ستمنحها العراق للأردن اجراءات لا یتفاءل المواطن الأردني كثیرا بحدوثها ولا یرجو ان یكون لها أثر على الكلف التي یدفعها فقد سمع الناس كثیرا عن الاسعار التفضیلیة للنفط منذ اكثر من عشر سنوات دون ان یلمسوا لذلك أثرا على حیاتهم.
في ظل الظروف الاقلیمیة الصعبة ورفع شعارات الاعتماد على الذات تبرز الحاجة إلى اعادة هیكلة سوق العمل للحد من أعداد العمال غیر الأردنیین وتطویر الصناعات الأردنیة المنافسة وتغییر النمط الزراعي وتقلیص اعداد المؤسسات المستقلة.
استمرار التركیز على ضبط الدفاتر الحسابیة وتجنب ایجاد وتنفیذ خطط لتطویر الموارد المحلیة وتصحیح اوضاع سوق العمل سیفقد الحكومة فرص النجاح ویرفع من وتیرة المطالبة برحیلها.