الدكتور الذنيبات ووزارة التربية

2 نوفمبر 2019
الدكتور الذنيبات ووزارة التربية

صراحة نيوز – بقلم د . عبد الكريم الشطناوي

عرفته في القاهرة،عندما كنت مستشارا ثقافيا،وكان متواجدا في مهمة تتعلق بطبيعة عمله رئيس لديوان الرقابة والتفتيش الإداري، فقد قمت بزيارته في مكان إقامته،وعرفت منه أنه قد أبلغ بتعيينه وزير دولة للتنمية الإدارية بالحكومة التي شكلها د.عبدالسلام المجالي، وإنه سيبقى حتى يتم المهمة، فلمست به جديةالعمل والثقة، والإعتداد بالنفس .
والدكتور الذنيبات شخصية جدلية،خاصة بعد تسلمه حقيبة وزارة التربية والتعليم، فقد حاول وضع بصمات له فيها، أثارت بعض الجدال ما بين مؤيد ومعارض، وما بين ماله وما عليه.
ولو تناولنا ما قام به من أعمال بنظرة نقديةموضوعيةبناءة بعيدا عن الإنتقاد،لوجدناه
قد وفق إلى حد ما في بعضها، والبعض الآخر لم يحالفه فيه حظ التوفيق .
فمما له،انه قام ببعض الإجراءات الخاصة بإصلاح مسيرة عملية امتحان الشهادة الثانوية،وقد كانت اجراءات صارمةصاحبتها ضجة إعلامية،ولدت جوا يشوبه الهلع والقلق بين الطلبة واولياء الأمور على حد سواء، ومع ذلك فقد كان لها جوانب إيجابية من حيث النتائج فكانت اقرب للواقع.
فقد أعادت للشهادة الثانوية العامة بشكل عام،وللعلامة بشكل خاص هيبتها، وأصبح للعلامة التي حصل عليها الطالب قيمة ومعنى، وتلاشت العلامات المرتفعة جدا بكمها الهائل، وصار للمعدلات ( السبعينات والثمانينات) قيمة ومعنى كما أن كل طالب حصل على معدل (٦٥) وما فوق،وجد له مقعدا في جامعة حكومية، وبقي فيها شواغر تزيد عن خمسة عشر ألفا.
وقد تعرضت هذه النتائج للهجوم،
ولعملية الشد العكسي من قبل بعض المتنفذين ،وأصحاب الجامعات الخاصة التي تضررت من عملية اصلاح الشهادة الثانوية.
ومما يحسب عليه ،فإن مدة تسلمه زمام الوزارة كانت كافية له، لدراسة وضع العملية التعلمية التعليمية والتربوية، والقيام بإجراء عمليتي التقييم والتقويم لمسيرة الوزارة، وما قامت به من استحداث تخصصات وفروع للشهادة الثانوية ذات مسميات مختلفة لا تختلف في جوهرها عن موضوع واحد،أدت إلى ضياع الطلبة في إختيار ما هو مفيد لهم في الحياة العملية، وفقدانهم للهجائية والأبجدية وتدني مخرجات التعليم في المراحل الدراسية المختلفة .
وكان بإمكانه مراجعة هذه التشعبات والتخصصات المطروحة في الشهادة الثانوية من حيث عددها، وتلبيتها لمتطلبات حاجات المجتمع المحلي، وتنقيحها وتقليصها،فقد كانت بعض هذه التشعبات(الفروع)بسيطةالمستوىوموادها الدراسية سهلة المبنى والمعنى تمكن الطلبة من الحصول على معدل عال نسبيا ، فكانت بمثابة ثغرة قياسا مع الفروع الرئيسة،مما يسوغ لحملتها متابعة دراسته في أحد الفروع الرئيسة على حساب طلبتها .
كما أنه لم تجر دراسة موضوعية على تراجع تدني مستوى الدراسة في مختلف المراحل الدراسية، وزيادة نسبة التسرب وقلة الحفاظ على الدوام المدرسي،خاصة
وأنه قد صرح بذلك مرارا وتكرارا، ومع ذلك لم تقم الوزارة بعمليتي تقييم وتقويم، لما حصل من تدن في المنظومة التعليمية بشكل عام.
ولا ننسى إنه في عهده قد صرح بأن الوزارة بصدد رصد عشرين مليون دولار للمساهمة في إنشاء كلية خاصة لإعداد وتدريب المعلمين، وقد كان هذا الأمر ملفتا النظر ومستغربا، فقد فاته قراءة ملفات الوزارة ودورها السباق في إنشاء دور ومعاهد المعلمين وكليات المجتمع، لإعداد وتأهيل وتدريب المعلمين، قبل واثناء الخدمة، منذ خمسينيات القرن الماضي، ولكن صناع القرار في مطلع التسعينيات، اتخذوا قرارا غير مدروس هدموا به صروحا علمية في عز نموها وعطائها.
وأما نصيب القطاع الخاص،فقد تعامل معه من عل،فتناوله بفوقية ،وبأسلوب الجباة و(التحصل دار)،فرض رسوما عليها وعاملها وكأنها مؤسسات اجنبية،ونسي أنها عون لوزارة التربية والتعليم ،وأنها تستقطب حوالي مليون طالب،تتحمل نفقتهم ،هم في الأصل مسؤولية الوزارة،وأنها تستحق دعما من الحكومة على حمل مسؤوليتها اتجاه الطلبة، كما انه نظر إلى جميع مدارس التعليم الخاص من زاوية واحده،وعلى أنها جميعا بذات المستوى شكلا ومضمونا دون مراعاة للفروق الفردية فيما بينها،
ولم يشركها في إتخاذ القرار، فوضع رسوما ومعايير وشروطا قاسية ،أثارت ضجة في مؤسسات التعليم الخاص،وقد تعامل معها وكأنها كلها في عمان الغربية،
وعلى مستوى واحد بالعوامل الجغرافية والديموغرافية،والإمكانات المالية.
ومما لا شك فيه أن إصلاح المؤسسات عامة والتعليمية خاصة،من حيث الشكل والمضمون، مطلب عام،ولكن من تتبع ما مارسته الوزارة بحق المدارس الخاصة وما وضعته من شروط تعجيزية تفوق حدود امكاناتها،في وقت تغض النظر فيه عن واقع المدارس الرسمية وما أصابها من نكوص وتقهقر وتراجع قد صار حقيقة ملموسة.
وقد تناسى في حينه،بأن المدارس الخاصة مكون رئيس في العملية التعليمية والتربوية، وهو يستوعب مئات الآلاف من الطلبة،وعشرات الألوف من الكوادر الفنية والإدارية، ويساهم في محاربة جيوب الفقر،وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل.
هذا نموذج تعامل لأحد الوزراء، ممن تعاقبوا على تحمل مسؤولية وزارة التربية والتعليم في السنوات العشر الأخيرة..
كان الله تعالى في عونها وعون أبنائنا الطلبة الأعزاء
د عبدالكريم الشطناوي
حواره (١/١١/٢٠١٩)

الاخبار العاجلة