صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
بمناسبة نشر خبر على المواقع الإخبارية، يبين سرقة أعداد كبيرة من الحمام الزاجل، من مزرعة رئيس حكومة أردنية أسبق، تذكرت القصة التالية التي حدثت في الحرب العالمية الأولى.
يقول الملازم مونتغمري آنذاك ( المارشال لاحقا )، أننا نزلنا في الأراضي الفرنسية في ٢٠ آب ١٩١٤ مع الفرقة الرابعة. وحدث قتال شديد في النهار مع الألمان بين المنازل وفي الشوارع في قرية ( ميتران ). وتمكنا من طردنا العدو من القرية بعد أن أصبت بطلقة في صدري. إلا أنني بقيت حيًا بفضل أحد جنودي الذي سارع لتضميد جراحي، بعد أن جُرحت أيضا في ركبتي وسقطت على الأرض.
وبعد أن شفيت من الجراح التي أصبت بها في القتال مع الألمان، التحقت بهيئة أركان الحرب وعدت إلى فرنسا، في بداية عام ١٩١٦ برتبة مقدم. وخلال معركة ( السوم ) التي وقعت في الصيف التالي، كان على أحد ألوية المشاة، أن يكون هو اللواء الضارب في هجوم ستقوم به الفرقة. وكان من الأمور الهامة أن يتلقى قائد اللواء معلومات سريعة، عن التقدم الذي تحققه قواته المتقدمة في الأمام، فعليه تتوقف حركة القوات الاحتياطية في المؤخرة.
وعندما جاء يوم الهجوم، عُهد بالحمامة إلى جندي، كان عليه أن يرافق وحدات الطليعة، وقيل له أن أحد الضباط، سيكتب في وقت من الأوقات رسالة، تُربط في إحدى رجلي الحمامة، وعليه عندئذ أن يطلقها فتطير عائدة إلى قفصها في مقر اللواء، ليقوم قائد اللواء بقراءة الرسالة وشن الهجوم على العدو الألماني.
أخذ الجنرال ينتظر بقلق عودة الحمامة. ولكن الوقت راح ينقضي دون أن تصل الحمامة، والجنرال يذرع بحنق جوانب المقر جيئة وذهابًا، والجنود يتفرّسون في السماء بدقة لعلّهم يشاهدون الحمامة حاملة الرسالة، ولكن لم تبدُ للعيون المنتظرة أية حمامة.
وبعد طول انتظار، دوت صرخات الجنود: ( الحمامة . . الحمامة ). وبالفعل هبطت الحمامة هبوطًا هادئًا نحو قفصها حاملة الرسالة. وتهافت الجنود لسماع الأخبار، بينما كان الجنرال يزمجر : ( هاتوا الرسالة . . هاتوا الرسالة ).
وسُلّمت الرسالة للجنرال قائد اللواء، وعندما فتحها قرأ فيها فقط العبارة التالية : ( لقد ضجرت من نقل هذا الطير المقدس معي في أنحاء فرنسا ). فخاب أمله وأمل جنوده، في مباشرة الهجوم الذي كان يتحفّز إليه . . ! انتهى.
* * *
التعليق :
بما أن وسائل الإتصال ووسائل حل الشيفرة، أصبحت متطورة جدا هذه الأيام، ويمكن كشف المعلومات التي تحتويها، فيبدو أن الحاجة أصبحت ماسّة، للعودة إلى الحمام الزاجل، وسيلة نقل المعلومات القديمة الآمنة بين القيادات العسكرية.
وهذا يدفعنا للاعتقاد، بأن المخابرات الروسية أو الأوكرانية، قد سطت على حمامات دولة الرئيس واستولت عليها، لاستخدامها في نقل الرسائل العسكرية السرّية، باعتبارها وسيلة آمنة يصعب على أجهزة الشيفرة المعادية التقاطها وحلها.
أما الثمن العالي لهذا العدد الكبير من الحمام المسروق، فندعو الله أن يعوض دولته خيرا منه في بقية حماماته، وما عليه إلا الصبر والدعاء لله بتعويضه، إنه سميع مجيب الدعاء . . !