العزف المنفرد للإعلام

15 يوليو 2018
العزف المنفرد للإعلام

صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات

منذ أن رأت الحكومة الحالية النور ، وهي تمطرنا بتصريحات عن تصميمها على اصلاح الاعلام بعامة،والرسمي بخاصة، ليقوم بدوره الاساس بأن يكون اعلام دولة وليس اعلام حكومة، لكونه ولسنوات خلت كان يسلط الضوء على انجازات الحكومات ،ويخفي عيوبها وما يحدث من مشاكل هنا أو هناك ، ويتجاهل في كثير من الأحيان نشر التقصير الحكومي ، ويخفي الأخطاء التي ترتكبها الحكومات بما تصدره من قرارات، وما تعلن عنه من انجازات غير مكتملة ، تبقى مع الأسف في الغالب حبرا على ورق .

بالتأكيد السيطرة الحكومية على الاعلام بشكل عام – إلا من رحم ربي – تأتي من سيطرتها على تعيين مديري الاعلام في مؤسسات الاعلام الرسمي: مؤسسة الاذاعة، والتلفزيون، ووكالة الانباء ، وتعيين رؤساء التحرير في الصحف اليومية التي تمتلك الحكومة أسهما بها، بعد تحويلها إلى شركات مساهمة.

وبذلك تصبح هذه المؤسسات الاعلامية تتبع اتوماتيكيا،الحكومة صاحبة الولاية والوصاية عليها ، بتحكمها بتعيين رأس الهرم فيها ، كون رواتبهم تدفع من خزينة الدولة وميزانيتها ، أو من نسبة الأسهم التي تمتلكها في هذه الصحف، الأمر الذي يسمح لها بالتدخل وفرض سيطرتها عليها .

بهذا التصرف تضمن الحكومة أن لا يزعجها أحد ، ولا يخالفها أحد ، و تبقى الأمور تحت سيطرتها ، ولا أحد يجرؤ أن يكتب عنها إلا ما تريد ، فلا يُسمع إلا صوتها ولا تُنشر الا وجهة نظرها ، وبذلك تبقى احادية الوجود في الساحة .

من خلال متابعة التغطيات الاعلامية للحكومة، منذ أن ترك المواطن الشارع لها ، بعد أن اعترض على نهج حكومة الملقي حتى رحلت ، وافسح المجال لحكومة الرزاز لتثبت

جديتها في العمل وبعدها يستطيع الحكم عليها ، إن كانت كسابقاتها، أو حققت تحسنا يرضي المواطن، الذي سعى لايصال صوته الرافض للاجراءات الحكومية التي تتخذ بحقه، جاءت جميع التغطيات الاعلامية منفردة ، حيث تتم استضافة أحد أعضاء الحكومة ليتحدث بنبرة هادئة وصوت معتدل ، عن الاجراءات الحكومية ، تماما كما يفعل الخاطب أمام خطيبته اذ يمطرها بالوعود، التي في الغالب غير قابلة للتحقيق .

إن استضافة المسؤول الحكومي عبر وسائل الاعلام شيء ايجابي ، ولكن ابجديات الاعلام الهادف تشدد على نقل الرأي والرأي الآخر، الامر الذي نفتقده في وسائل الاعلام عندنا، اذ للأسف نحن لا نسمع إلا الرأي الأوحد وهو رأي الحكومة ، ومثال ذلك ما حدث في متابعة انهيار المبنى السكني في محافظة الزرقاء ، اذ خرج علينا رئيس الحكومة مع وزيري الداخلية والصحة بتصريحات بعد أن استفرد ب ” مايك ” التلفزيون الأردني، وكال المديح لهما على دورهم المشرف في الحادثة ، علما أن ما قاما به من صميم واجبهما ، الذي لا يستحقان عليه الثناء أو الشكر .

الحقيقة اننا لم نشاهد اي وجود لاعلام محايد ، وجاءت التغطية الاعلامية مؤكدة أن المنابر الاعلامية الرسمية مازالت بوقا للحكومات ،متجاهلة دورها المهني والتنموي، ومغيبة آراء الأهالي.

من الواضح انه لا تغيير على اعلامنا ، المكتوب عليه أن يبقى اعلام حكومة، وإذا ارادت الحكومة أن تنتهج مؤسسات الاعلام الرسمي تجاه إعلام الدولة، فعليها أن تثبت جديتها

بأن تبعد سيطرتها عن الاعلام عامة، لانه ليس من وظيفة الاعلام الدفاع عن الحكومات، والا فانه سيفرغ من مضمونه.

فمتى نتخلص من مرحلة العزف المنفرد للإعلام ، وننتقل إلى مرحلة الاعلام الوطني!؟

الاخبار العاجلة