الفرد عصفور يتسائل التلفزيون الاردني الى اين؟

3 يناير 2017
الفرد عصفور يتسائل التلفزيون الاردني الى اين؟

2011816big2234457يقترب التلفزيون الاردني نحو عامه الخمسين من البث وان تجاوز تلك المدة من حيث قرار انشائه (1966). وفي الخمسين كان يجب ان يكون التلفزيون الاردني في قمة العطاء والنجاح والسيطرة في ساحة الفضائيات العربية والاقليمية. لكن الحقيقة غير ذلك والواقع اكثر بؤسا ولا يبشر بخير.

كانت رحلة التلفزيون الاردني تتجه صعودا لكنها تباطأت وتوقفت لتبدأ رحلة الانحدار عندما حسبه البعض من المسؤولين الكبار مجرد مؤسسة خيرية للنهب والتعيين العشوائي والفصل التعسفي. وفي وقت كان يجب التركيز فيه على التخصص والمزيد من الخصوصية للتلفزيون جاء قرار دمج الاذاعة والتلفزيون في مؤسسة واحدة لمجرد تنفيعات شخصية فكانت بداية الخراب وبدء التراجع.

دمج الاذاعة والتلفزيون لم ينفع في تحسين مستوى التلفزيون ولا في رفع سوية ادائه بل على العكس من ذلك صار مجرد وعاء كبير للتوظيف والتنفيع ومستودع بشري لكل من يريد ان ينهب من الدولة من دون ان يبذل جهدا او يقوم بعمل. ومنذ تلك الفترة بدات الصراعات بين ادارات المؤسسة التي كان ضحيتها الاداء المهني المتميز لهذه المؤسسة الوطنية.

ومع عودة المجالس النيابية للبلد بدات مرحلة ثانية من الخراب لان ضغوط النواب على الحكومة وعلى ادارة المؤسسة فرضت مدراء وموظفين ليس لهم من العمل المهني شيء سوى ان يعدوا اياما ويقبضوا رواتب.

تضخمت اعداد الموظفين الى درجة ان صار الحل في رأي الدولة لمثل ذلك التضخم وهذا الترهل هو رفد المؤسسة بمزيد من الموظفين، على امل الاصلاح، الامر الذي كان له نتائج عكسية. ومع ذلك استمرت الحكومة في فرض اعداد من الموظفين وكأن التلفزيون صار مجرد تكية لتنفيع الناس واستقطاب رضاهم وسكوتهم. في السنوات الاخيرة وبحسب سجلات التلفزيون تم تعيين اكثر من ثلاثمئة موظف باوامر ادارية مباشرة وكلها تدخل تحت باب التنفيع والمحسوبية.

اخترعت الحكومة مجلس الادارة لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون بحجة الاصلاح وتوفير بيئة ادارية عصرية الامر الذي زاد من تعقيد العلاقات بين المدراء. مجلس الادارة في العادة يكون للشركات ويؤلف من اصحاب راس المال او كبار الموظفين اما هنا فهو مجرد وجاهة وليس له اي فاعلية سوى فاعلية رئيسه الذي يحاول لكنه مثل الذي يحاول ملء السلة بالماء. تعيين مجلس ادارة يزيد العبء على الادارة وعلى الموازنة وبدلا من مدير واحد اصبح للتلفزيون ثلاثة مدراء.

الجميع يذكر الصراعات التي تقع بين المدراء وكيف يتم تعيين مدير عام على الرغم من رئيس مجلس الادارة مثلما حصل في احدى السنوات الماضية فما كان من رئيس مجلس الادارة سوى ان حرد وجلس في بيته الى ان قيل لذلك المدير ان يقعد في بيته ويستلم راتبه الى حين انتهاء عقده فعاد ذلك الرئيس ليكمل مدة عقده.

لكن يبدو ان الدولة يئست من الحل والاصلاح فاتجهت لتاسيس تلفزيون وطني اخر تحت مسمى تلفزيون المملكة، فان كان ذلك التلفزيون من ابداعات الحكومة وتحت تصرفها فان مآله سيكون مثل التلفزيون الاردني وبوتيرة اسرع.

تلفزيون وطني جديد ومستقل يتبع نهج الكفاءات والمهنية قد يكون بالفعل بديلا عن التلفزيون الاردني الحالي الذي قد يترك لمصيره المتمثل في الذوبان والانصهار ومن ثم الانهيار التام.

من يريد تشخيص مشكلات التلفزيون الاردني سيصطدم بواقع مؤلم، واقع لا يزيده الترهل والتضخم سوى الما اكبر.
من كثرة اعداد الموظفين تتسامح الادارة في موضوع الالتزام بالدوام الى درجة ان اعدادا كبيرة من الموظفين يعملون في اماكن اخرى بدوام كامل ولا يزيد دوامهم في المؤسسة الام عن يومين اسبوعيا في افضل الاحوال. ومنهم من لا ياتي سوى يوم او يومين في الشهر في ظل غياب كامل لديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد.

في عمر الخمسين وبكثير من الترهل والتضخم والفوضى وبوجود ما بين الف وسبعمئة الى الف وثمانمئة موظف في المؤسسة يبدو ان الجراحة هي الحل الوحيد. المؤسسة تحتاج الى قرار اصلاح جريء قوي وواضح لا يلتفت الى المصالح الضيقة ولا الى التنفيعات والمحسوبيات.

الخطوة الاولى الضرورية في هذا السياق هي الانفكاك التام من نظام الخدمة المدنية والعودة الى الاستقلال المالي والاداري.

والخطوة الثانية يجب ان تكون فك الارتباط ما بين التلفزيون والاذاعة ويلي ذلك حل مجلس الادارة والاستغناء عنه كلية لعدم فائدته في جميع الاحوال. وبعد ذلك يعين مدير عام مستقل معه التفويض الكامل للاصلاح والتطوير والتغيير اداريا وبرامجيا ومهنيا في محاولة انقاذ قد تنجح قبل فوات الاوان.

 

الفرد عصفور

الاخبار العاجلة