صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
نعرف في موروثنا الثقافي والديني أن هناك نوعان من الجهاد: الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر وهو محاربة العدو. ولكن كشف لنا عطوفة رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الدكتور محمد العلاف، عند لقائه للجنة من المتقاعدين العسكريين يوم الخميس 11 / 1 / 2018، أن هناك نوعان آخران من الجهاد على نفس الإيقاع والوتيرة هما : الفساد الأكبر والفساد الأخطر. وهما مصطلحان جديدان يستحقا أن يدخلا معجم اللغة العربية.
يقول العلاف في حديثه لبعض لمتقاعدين العسكريين كما نشر في وسائل الإعلام المحلية : ” أن الهيئة لديها تقييم إستراتيجي لوضع الفساد في الأردن، ورؤية تأخذ الأردن إلى عام 2025 لخلق بيئة مناهضة للفساد وإحداث نقلة نوعية في مكافحة الفساد . . . وأن الفساد الأكبر في الأردن توقف، وأن الفساد المتوجه إلى الموارد الوطنية أيضا توقف، إلا أن الخطر الأكبر هو الفساد الأصغر الموجه إلى قيمنا وتاريخنا وتراثنا والمنخرط فينا مثل الواسطة والمحسوبية التي يجب أن نتبرأ منها “.
كلام كبير من مسؤول في مكان كبير . . لكنه ينقصه الدليل والمصداقية. فالسؤال هنا : هل توقف الفساد الأكبر، والفساد المتوجه إلى الموارد الوطنية حقيقة ؟ أم هو كلام للاستهلاك المحلي ( وما حدا قاري ورق ) كما يُقال في الأمثال الشعبية ؟ لم يجرؤ أحد من رؤساء الحكومات ورؤساء هيئة مكافحة الفساد السابقين إطلاق مثل هذا التصريح الغريب، ماعدا عطوفته الذي استطاع اقتحام وعي المواطنين وإطلاق صاروخه عابر المحافظات.
يقول العلاف : أننا يجب أن نتبرأ من الفساد الأصغر لأنه هو الخطر الأكبر، ولكن لم يقل لنا في إستراتيجيته ورؤيته لعام 2025 كيف سنتبرأ من هذا الفساد الذي ينخر فعليا في عظام الدولة ؟ وقبل هذا أرجو أن يدلنا عطوفته، على قضايا الفساد الأكبر التي أوقفها ، وما هي الضمانة بأن لا تتكرر من الآن فصاعدا ؟
يقول الأستاذ الدكتور محمد الحموري في كتابه ” الحريات الأسيرة ” الذي صدر مؤخرا ما يلي وأقتبس : ” وفي غيبة الرقابة الحكومية الفاعلة، استحوذ على العديد من الشركات أعضاء من مجالس الإدارة. ووفقا لما كشفته تجارب الواقع المعاش، فقد أفرغت العديد من الشركات من أموالها، سواء بشرائها المشاريع الخاسرة أة الوهمية لأعضاء مجالس الإدارة، أو بغيرها من وسائل النهب المنظم، لتصب في جيوب أعضاء مجالس الإدارة.
ولم ينسَ أعضاء مجالس الإدارة هؤلاء، في العديد من الشركات، التحالف مع المراكز الفاعلة في السلطة، وتبادل المصالح والعوائد معهم، لتتسع بعد ذلك حلقات الفساد والإفساد. ومع ذلك، فقد ندر أن سيق أعضاء مجالس إدارة إلى القضاء لتحميلهم المسؤولية الشخصية عن تدهور الشركات كما ينص القانون. وعلى المواطن أن يتحمل الخسارة.
ومع استشراء الفساد في القطاعين العام والخاص، أصبح دخل الدولة في تراجع، وميزانيتها في عجز دائم، فأخذت تلجأ إلى الاقتراض، حتى وصلت المديونية إلى مليارات تستعصي على السداد، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية، تزايدت شكاوى الناس ولا من مجيب، وظل الخطاب الرسمي الموجه للناس، يطلب منهم شد الحزام على البطون، ريثما يتم تجاوز الأوضاع الصعبة، وأمضى المواطنون أعمارهم في شد الأحزمة على البطون، انتظارا للفرج، ولكن دون جدوى “. انتهى الاقتباس.
فماذا يقول رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد فيما سبق من الكلام ؟ ألا يكفي استغفال عقول المواطنين الذين يعرفون كل كبيرة وصغيرة في هذا البلد، ولا يسعهم إلا أن يتندروا بهذا الكلام الذي لا يقنع طفلا صغيرا ؟ نرجوكم أيها المسؤولون الساكنون في أبراج عاجية بعيدة عن نبض الشعب، أن تحترموا عقولهم لأنهم يعرفون الحقائق وليسوا مغفلين يسهل خداعهم . . !