صراحة نيوز – د.عبدالكريم الشطناوي.
وبعد دراسة متأنية من زعيم
متأن وازن واثق بأمته وبنفسه اتخذ قراره وأقدم على خطوة غير مسبوقة درءا لخطر بزغ من حدود بلاده الغربية يهدد أمن وطنه ومواطنه.
وقبل الإقدام نبه وحذر جاره الغربي ودعاه للحوار للحيلولة من وقوع ما لا يحسد عقباه،إلا أن الجار انساق وراء وعود من الغرب عامة ومن أمريكا خاصة
ومرت الأيام تباعا والعالم يترقب ماذا سيفعل بوتين،بينما أمريكا بدأت تخمن،تحدد تباعا موعد بدء الحرب،وتلوح بفرض حزم من العقوبات وتؤلب العالم عامة والعالم الأوروبي خاصة، محذرة ومبينة خطأ وعدوانية روسيا الإتحادية،ناسيةمتناسية جرمها بحق العراق عندما غزته رامية بالأمم المتحدة وقراراتها عرض الحائط.
وترقب العالم مشدوها مابين متشكك ومصدق،وأخيرا أطلق بوتين إشارة البداية،بدأ الزحف الروسي فدخلت جحافله أرض أوكرانيا ضمن خطة مدروسة وذات أهداف محددة وبعدد وعدة تحققان الهدف العام.
وهكذا سكت الكلام وتكلمت البندقية كلغة ردع لرئيس رمى نفسه بأحضان الغرب موعودا بالنصر وبتحقيق أحلام وردية، ووقف العالم وكله خوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة غير مسبوقة،حيث طرفاها(النيتو وروسيا)يملكان أسلحة نووية وهي فتاكة،وقد ذاق مرارتها عندما استخدمتها أمريكا في الحرب العالمية الثانية ضد هيروشيما وناغازاكي في اليابان،٠فألحقت بهما الخراب والدمار وآلاف الضحايا من الأموات والمصابين وذوي الإحتياجات الخاصة.
ها هي رحى الحرب تدور ما بين دولتين كانتا في الأمس القريب ضمن مجموعة دول في حلف واحد يشكل قطبا ثانيا في العالم كقوة عظمى،
كما أنهما من جغرافية وتاريخ بل من أصول واحدة.
ولكنهما بعد إقدام غورباتشوف على ما اسماه بالبيريسترويكا
(إعادة الهيكلة)أدى إلى إنهيار الإتحاد السوفياتي،وانفردت أمريكا في التسيد وفي فرض أحادية القطبية في العالم والكيل بعدة مكاييل.
وبقي تفرد أمريكا إلى أن تسلم قيادة روسيا الإتحادية بوتين،رجل مخابرات الإتحاد السوفياتي،ولم يرق له الحال خاصة أن الدول حليفة الأمس بدأت تهرول تباعا للإلتحاق بإتحاد أوروبا والإنخراط في حلف النيتو،طمعا في تحقيق حلمها بما تعرضت له من إغراء من قبل غرب أوربا وأمريكا للحاق بحضارتهم وتحقيق حلم موهوم يسمى الديموقراطية.
تسلم بوتين قيادة روسيا من يلتسين الماجن،وقلبه يعتصر ألما على حال انهيار الإتحاد السوفياتي من البريسترويكا،
وقد باشر عمله وعينه على تعويض كل ذلك،فبدأ جادا ببناء دولة حديثة تملك القدرة وعلى أن تكون وريثة الإتحاد السوفياتي وندا لأمريكا وعدم تفردها في السياة وتفردها في توجيه السياسة العالمية.
وكأني أرى بوتين يعيد قراءة التاريخ من جديد،ويريد وضع حد لغطرسة أمريكا ومن ورائها اوروبا العجوز،وقد وجد في تهافت دول حلف وارسو جريا للحاق بإتحاد أوروبا والإنضمام إلى حلف النيتو،فرصة في ذلك
فكانت أوكرانيا بمثابة القشة التي قصمت ضهر البعير.
فمنذ استقلالها سنة١٩٩١ ظهر فيها بعض الأفكار الغريبة مثل تفوق العرق الأبيض الأوكراني وعدم قبولهم لأي عرق ليس من عرقهم المشاركة في حكم بلادهم،كما ظهرت شعارات منظمة الكلوكس كاين الأمريكية
وشعارات النازية الألمانية.
وظهر في الفترة ما بين ٢٠٠٤ و ٢٠٠٨منظمات عسكرية من
متطوعين وهي حركةالقوميين الأوكرانيين ومنظتاآزوف وسنا بحجةمساعدةالشرطةوالجيش
وانخرطت آزوف وصارت من وحدات الجيش الأوكراني.
ودخل أفراد من الأوليغارتشية
اليهودية على هذه المنظمات وصاروا أصحاب قرار فيها،
يقومون بأعمال عنف ضد كل من يتكلم الروسية والأقليات التي تعيش في أوكرانيا،مما دفع بروسيا للتدخل لنصرة الروس الذين يشكلون اغلبية في كل من دونتيسك،لوغانسك وشبه جزيرة القرم التي ضمت لروسيا،وكان نتيجة ذلك عقد اتفاقيتي مينسك ١ و ٢ ولم تنفذهما أوكرانيا،بل أكثر من ذلك،أخذت اوكرانيا تتقرب من دول الغرب للأنضمام إلى حلف النيتو والإتحاد الأوروبي الأمر الذي رفضته روسيا معتبرة إياه
يهدد أمنها القومي.
وبعد نفاد صبر روسيا وعدم تجاوب أوكرانيا معها لتطبيق إتفاقية مينسك،حيث أركن رئيسها على وعود من أمريكا أعلنت دونيتسك ولوغانسك انفصالهما جمهورتين مستقلتين عن أوكرانيا واعترفت بهما على الفور روسيا وأقامت معهما معاهدات ومواثيق.
بعد ذلك قام الجيش الروسي الروسي بدخول أوكرانيا،وغطى
غالبية أرضها مدججا بالسلاح
،وتخلت امريكا والغرب عن أوكرانيا،وقد وقع رئيسها في الحيص بيص يوجه نداء تلو نداء ولا يجد من الغرب سوى إصدار حزم العقوبات المتتالية على روسيا،ووقف العالم يتابع مجريات الأمور.
وبنظرة نقدية تحليلية نجد أن هذه الحرب كشفت المستور وما عاد المخفي أعظما خاصة وأننا في عالم تكنولوجي يصور ما تحت الملابس،وإننا نجمل ما كشفته بما يلي:
*لقد حدد بوتين بداية الحرب وإيقافها مرهون بقراره.
*تسير عملية روسيا العسكرية ضمن خطتها المرسومة لها غير آبهة بكل مايشكك فيها.
*سارعت أمريكا ومن ورائها دول أوروبا العجوز بإصدار حزم العقوبات المتتالية تباعا، سارع ماكرون بزيارات مكوكية بلا جدوى،وهذا جونسون المه ووس يتوعد،وذاك شولتس يترجل،بينما زيلسنكي المتهور يكثر من خطاباته،فكأني أرى أمريكا وحلفاءها كالجاجة المطروشة على راسها،وعلى نفسها جنت براقش.
*وتمر أيام الحرب حسب ما رسمته روسيا تمشط أرض أوكرانيا،والغرب ما زال في سكرته بحزم العقوبات،حذرا من إرسال عسكر ممنيا نفسه بأن العقوبات ستأتي بنتائج ولكن الحرب مستمرة والغرب في ذهول،وكأني أراهم هذه الأيام قد راحت السكرة،جاءت
الفكرة فانقلب السحر على الساحر.
*فكأننا نرى أن ما تقوم به روسيا إنما هو قرصة أذن لأمريكا والغرب لردعهما عن حلم شرق أوسط و عالم جديدين.
*من متابعتنا لمجريات الحرب نرى انسعار الغرب على ضحايا الحرب،بينما لم نجد شعرة قد اهتزت بهم على ضحايا حروب
لهم ضد العرب والمسلمين.
*إن الغرب تعود على خداعه وغشه لكل من يتحالف معه،لا
يهمه إلا مصلحته،ولم يسلم وطننا العربي من أذاه.
*زيف وخداع الغرب وإعلامه في تضليل عقول الناس في ادعائه بالحرية والديموقراطية والتشدق بحقوق الإنسان.
*ممارسة الغرب لإعلام مضلل يسخر كل خدع التكنولوجيا في نقل الأخبار الكاذبة،محاربة كل إعلام لا يدور في فلكه.
*يتشدق الغرب بحرية الرأي والرأي الآخر بينما يحجب الرأي الآخر فها هو قد ضاق ذرعا بمحطة روسيا اليوم فعمل على حجبها من فضائه ومن فضاء الدول التابعة لها، وأكثر من ذلك ها هي سفارات أمريكا تطلب مباشرة عدم متابعة الشعوب لبرامج محطة روسيا اليوم.
يا للعجب والعجاب من مدعي الديموقراطية وحماة الحرية!!!
*بانت حقيقة حوادث سبتمبر ٢٠١١ بأن التفجيرات كانت من الداخل،وأن الكمرات كانت منصوبة وجاهزة والطائرات سارت للتمويه.
*تبين أن أول من استخدم الأسلحة البيولوجية بريطانيا سنة ١٧٦٣ ضد أمريكا حيث أنها كانت إحدى مستعمراتها.
*بان بالوثائق إن أقليم دنباس جزء من روسيا وعند قيام الثورة البلشفية ١٩١٧قام فلاد
يمير لينين اليهودي بضمه إلى أوكرانيا،وقام خروتشوف بضم شبه جزيرة القرم إليها أيضا.
*كشفت جرم أمريكا ونشرها لقواعد عسكرية في اوروبا وافريقيا والشرق الأوسط كمختبرات بيولوجية،بينما تسوق نفسها في العالم على أنها حريصة على السلم والأمن العالمي.
*حتى الطيور لم تسلم من جرم أمريكا فقد جندتها في نقل الأوبئة والأمراض ونشرها بين البشرية.
*ولا غرابة في أعمال أمريكا الإجرامية خاصة وأنها قامت على أنقاض شعوب أمريكا الأصليين الهنود الحمر.
*ما حصل مع رئيس أوكرانيا وتخلي الغرب عنه وعن وعود له،هو درس حي له ولكل من يثق بالغرب،فما يهم الغرب من أعوانه وأذنابه هو تحقيق مصالحه،وعند تعرض الأذناب للخطر فمن السهل عند الغرب التخلي عنهم واستبدالهم بآخرين.
والأهم من كل ذلك إن هذه الحرب أكدت الوجه الحقيقي للغرب من حيث استعدائه لكل البشر منذ القديم،فهو قد غزا الشرق واستعمره قبل الميلاد وبعده ونهب خيراته واستعذب استعباد الشعوب وتهجيرها وقتلها.
كم هو مؤلم أن ترى كيف أن أمريكا والغرب وإعلامهم هب هبة واحدة متباكيا على ما يحصل في أوكرانيا،ولم نجده قد وقف لما حصل ويحصل في فلسطين وإقامة كيان صهيوني غاصب على ثراها وفي بقية الأقطار العربية
بدعم من الغرب،فالناس ليسوا سواسية في ميازين الغرب.
والمؤلم أكثر عندما تجد أبواقا
ناعقة ومحللين عرب يظهرون عطفهم وتباكيهم بينما لم نجدهم في مواقف دفاعية عن العرب والمسلمين.
وإنني أود أن أبين أن وجهة نظري ليست بصدد الدفاع عن أحد أو تبني رأي وتغليبه على رأي آخر،إنما هي تنبع من إيمان مطلق بنصرة الحق كائنا من كان بغض النظر عن عرقه أو لونه أو عقيدته.
وإنني لا أخفي إعجابي ببوتين كرئيس يتميز بسمات وصفات تجعله يتصرف بقيادة بلده بحنكة ودراية وعلم ومعرفة واثقا من قدرات بلاده وقدراته فتجعل قراراته حازمة بدون تردد تعكس أثرا طيبا لدى قواته العسكرية ومريديه ومواطنيه.
وكلي أمل بأن يقيظ الله لكل بلد مستضعف قائدا يحيي الآمال لدى شعبه بأن يغيروا أحوالهم وواقعهم.
تعالوا لنعتبر صرخة بوتين رئيس دولة قوية كصرخة مدوية في وجه دولة تستقوي على العالم،ولنجهر بالقول(إن عدو عدونا صديقنا).
إن نظرتي للموضوع نظرة ذاتية ذات صبغة موضوعية،
فذات أي إنسان في المحصلة جزء من مجتمع عام ينتسب إليه،ولكل فرد تجربته الخاصة في هذا الكون الشاسع.
فكل فرد خلقه الله في أحسن تقويم وأنعم عليه بالحياة وزوده بعقل يهديه سواءالسبيل
،كما أنعم عليه بالكثير من النعم بحياته وكم هو مؤلم عندما تستعرض تاريخ البشرية فتجد ان العالم الغربي سجله حافل بعدوانية للإنسانية عامة ولعالم الشرق خاصة،فتجده رافعا شعارات إنسانية وواقعه معاد لها،تجده غازيا للشرق ناهبا خيراته بينما منغصا عليه حياته مما يجعلك لا شعوريا متقززا ونافرا منه لأنه حرمه نعمة الحياة.
وقراءة بسيطة للتاريخ تجد بعض الزعماء ممن ترك بصمة له في سجله،فهذا أحمد باشا الجزار يقضي على حلم نابليون وجعله يقول(عكاجعلتني أخسر
قدري،ولو سقطت لغيرت وجه العالم)كما ان بسمارك قد وحد
المانيا بقوة السلاح،وستالين بنى عظمة روسيا بدكتاتورية هادفة،وهتلر جعل اوروبا تركع امامه،بينما روسيا قضت على عظمته،وهذا بوتين كأن التاريخ يعيد نفسه يضع بصمة جديدة ليجعل الغرب عاجزا لا يلوي على شيء…..
ففي التاريخ دروس وعبر لكل من درس جيدا واعتبر،فاعتبروا يا أولي الألباب!!!!!