صراحة نيوز -بقلم أ.د.صلحي الشحاتيت / رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا
من أقوال الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السابعة:
« إنني اؤمن كل الإيمان بأن كل أردني يستحق الفرصة التي تمكنه من أن يتعلم ويبدع، وأن ينجح ويتفوق ويبلغ أسمى المراتب، بإيمان وإقدام واتزان، لا يرى للمعرفة حدا، ولا للعطاء نهاية».
ظلت رؤية الملك مصدرا مهماً من مصادر التكوين المعرفي للأردنيين، وركيزة أساسية في مسيرة الإصلاح والبناء وتحقيق نهضة تعليمية متميزة، فقد شغل التطور المعرفي والتعليمي ذهن جلالته وفكره الفذ منذ تسلمه سلطاته الدستورية.
إن الورقة النقاشية السابعة تمثل رؤية واضحة وخريطة طريق نحو تحقيق النهضة التعليمية المتميزة، إذ ركز جلالته على التعليم، كأساس لتنمية الموارد البشرية، فالثروة البشرية ثروة إستراتيجية لكونها المحرك لعجلة التنمية، فمجال التعليم يعد من الركائز الأساسية لهذه الثروة لما لها من أثر كبير في عملية الرقي الاقتصادي والاجتماعي للأفراد.
يشهد العالم اليوم تحولات ما بعد إنبثاق عصر الثورة المعلوماتية، بما يشير إلى نشوء مجتمع كوني جديد، حيث تعتمد الحضارة المعاصرة على تنظيم العلم والمعرفة والبحث والتطوير وصناعة الأفكار، وهو ما يذهب إلى أن تصبح المؤسسات التعليمية هي المستودع الطبيعي لتلك الأفكار والمعرفة، ومن هنا لن تتحقق هذه التنمية ما لم تتكفل جميع المؤسسات التعليمية بتوفير بيئة حاضنة لتأمين الإحتياجات الأساسية والضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال إستراتيجيات تترجم رؤية الملك، لتشكل بداية لتنمية شاملة وفق برامج وخطط قابلة للتطبيق لتصبح نهجاً ثابتاً للحكومات المتعاقبة.
فالتعليم ذو تأثير مباشر على كل قطاعات الاقتصاد الوطني، وميدان رحب لتراكم رأس المال البشري، الذي يتجسد في المستوى النوعي من التعليم، فالتعليم يشكل أحد الأدوات الرئيسة لتحقيق تنمية الموارد البشرية من خلال تمكينهم من الأساليب التكنولوجية، فإكتساب المعرفة وتوظيفها بفاعلية من خلال التعليم سبيل للتنمية البشرية في جميع مجالاتها، حيث أن فجوة المعرفة وليس فجوة الدخل، هي العامل الرئيس لقياس مقدرات الدول، وهو ما يذهب بنا إلى أن نتعلم لنعرف، وأن نتعلم لنعمل، وأن نتعلم لنعيش مع الآخرين، وأن نتعلم لنكون، وهذه مفاهيم مطلوبة للتعليم العالي.
يطمح الملك أن تكون للأردن تجربة تغري بنجاحها الآخرين، وقائداً لمسيرة تحديث التعليم في العالم العربي، ورائد التحول إلى مجتمع المعرفة، بأن تتوحد الجهود، وتتبادل الخبرات، والاستشهاد بتجارب دول العالم بتطوير التعليم، مثل فنلندا وسنغافوره اللتين تعدان من أفضل عشر دول على مستوى العالم في التعليم.
دعا جلالتة للإعتراف بالتحديات والمشاكل التي يواجهها قطاع التعليم العالي في الأردن والبدء بمواجهتها، فالجامعات ركن اساسي في إعداد جيل متمكن ومتعلم لديه توجهات مهنية وقيم سلوكية ومهارات معرفية، ومن هنا فإن إصلاح الجامعات سيمكنها من تفعيل دورها في المساهمة في إعداد الكفاءات لبناء مستقبل أفضل للمجتمع والدولة، من خلال هيئات تدريسية كفؤة كونها الجسر الحقيقي لنقل المعرفة إلى الطلبة، كما أن تعميق البحث العلمي وتجذيرة في ديناميكية التعليم العالي هو الأساس الموضوعي لبناء مجتمع المعرفة.
جاءت الورقة النقاشية السابعة لإثراء النقاش الوطني حول ملف التعليم وتعميقه للخروج بقناعات ورؤى عصرية، وخاصة أن جلالة الملك يقول في الورقة « لا شيء يعدل التعليم في مسيرة بناء الدول وتغيير وجه العالم إلى الأجمل، ودائماً الاستثمار في مستقبل أبنائنا هو عماد نهضتنا»