صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
وضعت السياسات التي تُنتهج والمواقف التي تُمارس على الساحة الإقليمية والدولية الأردن في مواقف لا يحسد عليها ، وهمشت دوره؛ إذ أصبح يُستثنى في كثير من المحافل التي تقدم حلولا لبعض القضايا الإقليمية التي تقلقه وتؤثر عليه ، وتتخذ القرارات بعيدا عن المشاورات معه ، حتى المساعدات سواء الدولية أو الخليجية أصبح عنوانها العريض الأردن ، خُصص الجزء الأكبر منها لشركات ومؤسسات تُمول من قبل الدول المانحة ، وتراجع دورالاردن في القضية الفلسطينية ، ولا دور له يذكر في الأزمة الخليجية ، سواء ما يدور في اليمن أو فيما يتعلق بالنزاع بين قطر والسعودية،إذ ان دورنا في اتمام المصالحة ضعيف، بل يكاد لا يظهر او يذكر.
وضمن هذه الأوضاع انتقلنا من خندق محاربة الإرهاب إلى خندق المدافع عن صورة الاسلام، الذي أصبح يرتبط بالفكر المتطرف في المحافل الدولية ، إضافة إلى تخلي معظم الاصدقاء والحلفاء عنا .
هذا التراجع في الدور الأردني يكشف بكل وضوح عن ضعف رجالات الدولة في الصفوف الأولى ، وغياب الخبرة والحكمة عنهم ، وكشف عن معضلة غياب الحكماء من الصفوف العليا ، وغياب العقلاء وأصحاب الرؤية والفكر الذين أثبتوا عدم قدرتهم على التحليل ورسم السياسات ومواجهة الأزمات .
أما على صعيد الساحة الداخلية فالأجواء محتقنة شعبيا ، كما أبرزها الحراك الممتد في العديد من المحافظات ، وظهر من خلال ما يتم تداوله عبر وسائل الاتصال الحديثة ، ردا على الإجراءات الحكومية برفع الأسعار ما جعل الفجوة تزداد اتساعا بين الطبقات الاجتماعية ،وخاصة تلك الطبقة الوسطى التي تسحق وتُعدم بطريقة قربتها من السفلى او تحتها ان بقي طبقات لشعبنا المأزوم، مما يشكل خطرا على الاستقرار والأمن الداخلي ، كون هاتين الطبقتين تتحملان أعباء ارتفاع الدين العام ، وتبعات الفساد الذي يؤثر عليهما بصورة أكبر من الطبقة العليا، التي في الغالب تكون جزءا منه،وهي التي تنتهج الفساد الذي يسحق الطبقتين الوسطى والسفلى بالغلاء الفاحش، الذي هو نتيجة حتمية لما تتخذه الحكومات من قرارات لتعويض ما يتم نهبه من خيرات البلد من الفئة المتنفذة .
إن ما تشهده الساحة الداخلية من احتقان سواء من الغلاء الفاحش أو، أزمات المنطقة وعملية اللجوء، والأقاويل التي تدور هنا وهناك حول الوطن البديل ، يؤكد أننا أمام مرحلة جديدة مقبلة لها متطلباتها ، بدأت ملامحها تظهر بغربلة عدد من الأسماء والرموز والشخصيات التي ترسم السياسات ، و أصحاب القوى المؤثرة على الساحة المحلية ، وباعتقاد الكثيرين إن هناك عمليات إقصاء لعائلات أصبحت تورث المواقع والمناصب بين أفرادها ، وأن هناك نهجا جديدا في عمليات الاقصاء من خلال طرق وأساليب قد يكون بعضها جديدا، وبعضها الآخر يتشابه بالقصص .
إن قصة ذلك المستشار الذي تطاول على سائق حافلة مستغلا سلطته المستمدة من موقعه ، سانده فيها مدير جهاز أمني دون تحر للحقيقة، مما أدى الى إقالة الإثنين وإنصاف السائق المظلوم ، تعيدنا بالذاكرة إلى قصة مدير أحد الأجهزة الأمنية الذي تمت إقالته جراء شكوى من إحدى منتسبات الجهاز توجهت بها إلى المرجعيات العليا حول سلوكات مسيئة مورست ضدها، من الشخصية المتنفذة التي استغلت وظيفتها .
أما قصة ” البليط ” التي خرجت علينا اخيرا، والمتهم بعلاقاته مع متنفذين وسياسيين – بحسب ما ادعاه أحد النواب- والحديث حول ابتزازه لهم بعرض لقطات وصور مخجلة أخذت لهم خلال لقاءات أعدها لهم، الأمر الذي عاد بنا إلى الثمانينيات من القرن الماضي ، وتلك القصة الشهيرة التي تم الكشف فيها عن أسماء من العيار الثقيل لسياسيين ورجال أعمال متورطين بسهرات ماجنة وعلاقات نسائية مشبوهة ضمن شبكة دعارة تديرها شخصية فنية اشتهرت في المسلسل التلفزيوني الأردني ” رهيجة ” .
بغض النظر عن التحليلات التي أشار اليها النائب الذي كشف تحت قبة البرلمان عن قضية ” البليط “، وانها برعاية خارجية وبعلم جهاز أمني ، إلا أنها تضعنا أمام مرحلة ما زالت مجهولة المعالم ، لها متطلباتها الخاصة ، ولا يسعنا حيالها إلا أن نقول : الله يجيرنا من القادم !!!.