صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
على مشارف انتهاء شهر رمضان الفضيل ، يحق لنا أن نقول : إننا شبعنا أكل !!.. على الرغم من أن هذا الشهر؛ ليس للأكل والنوم ،وإنما شهر للعبادة والطاعات والردع عن الطعام والشراب ، وترويض للنفس على مواجهة الظروف القاسية التي قد تعترضها.
ومن أجمل مزايا هذا الشهر ـــ الذي تزداد فيه صلة الأرحام ــ عزومة (العنايا )، حيث تجتمع الأخوات والخالات والعمات والجدات وفروعهن ، مما يجعله شهر الولائم بامتياز .
هذه الموائد الرمضانية ، عادة ما تزخر بالمأكولات الفاخرة والمتنوعة ، التي يسودها دائما ( المنسف) ، الذي أجبر على التراجع لإهداف تتماشى مع الأوضاع السياسية المبهمة والاقتصادية المتردية ، لصالح مقلوبة الدجاج ، والورق والكوسا باللحم المفروم ، وحتى الكنافة التي تتربع على عرش الضيافة في الأفراح والأتراح ، تخلت عن عرشها لسخونة الأجواء وضبابيتها لصالح ( القطايف ) .
من الواضح ، أن سخونة الأحوال في المنطقة عكست ظلالها على الأجواء الرمضانية ، فقلبت حالنا ورمضاننا رأسا على عقب ، بعد أن تحولنا لملعب سياسي ، لممارسة مخططات اللاعب الأساس ترامب ، بمعاونة حارس المرمى كوشنير، الذي ينقل الكرة بسلاسة وحرفية ، وخاصة أنه سيطر على العشر الاواخر من رمضان لتحكمه بمفتاح الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، فيما نحن نمارس هوايتنا بمشاهدة الركلات الترجيحية،التي كانت بالتناوب لصالح المشاركة في أعمال القمة العربية الطارئة التي دعا اليها خادم الحرمين في مكة المكرمة ،وبين عدم المشاركة في الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية لمنظمة التعاون الإسلامي في المنامة .
التحولات لم تمس حياتنا فقط ،حتى شاشة التلفزيون لم تعد صاحبة الاختصاص في عرض المسلسلات الرمضانية ، بعد أن أصبحت الساحة المحلية سيدة الشاشات ، وأشهر دور العرض ، فانتشرت صناعة الأفلام والبرامج الخاصة وانتاجها ، لتبث من خلالها رسائل تعبر عما يجول في خاطر صانعيها ، وخلجات أنفسهم ، وما في قلوبهم من غل ، لتظهر بورصة الأفلام المضادة للرد على ما احتوت تلك الافلام من معان وألغاز ، حتى تحولنا إلى ساحة للردح والمناكفة على العلن ، وأعلنت على الملأ ، وما على المشاهد ( الشعب ) سوى المشاهدة ، وهو يتابع هذه الأفلام التي ترسم وتحاك له ، ويطلق الضحكة التي تثلج صدره ، وتبرد على قلبه .
في رمضان ، أكلنا ما ( طبخناه لأنفسنا )، وأكلنا ما ( طبخ لنا ) دون أخذ رأينا بالمكونات أو بالمقادير ، وأجبرنا على ( الأكل الجاهز – المبكت ) ، وقبوله دون أن ننبس ببنت شفه ، وفُرض علينا دفع فاتورة ( التواصي ) ، مهما غلا سعرها وارتفع ثمنها.. حتى بات شهرا تعددت فيه الطبخات ، الا ان مصيرنا واحد …
والله شبعنا أكل .. وشبعنا أفلام
وإلى أن تسقط ورقة آدم ، يبقى السؤال : كيف الورء ؟! .. برسم الإجابة…