صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
اليوم والمملكة الأردنية الهاشمية تقترب من إطفاء شمعتها رقم 100 منذ تأسيسها لا يخفى على أحد ما تمر به الأردن ومعها كثير من الدول العربية من أزمات متراكمة اقتصادية وسياسية سببت الكثير من الأزمات الاجتماعية، ما أدى إلى ضيق الحال وقلة الأرزاق لدى الكثيرين، وجعلنا نرى اليوم بحجة هذه الظروف من أصبح يصرح بالضجر والشعور بأن الوطن مقصر في حقه وتلبية احتياجاته، بل وأصبح يجاهر بكراهية الوطن وعدم الصبر على العيش فيه دقيقة واحدة !
وهنا نسأل أنفسنا ترى لو أن كل شخصاً عانى في وطنه من ضيق الحال أو من الظلم وعدم الإنصاف أو من ممارسات مجحفة أياً كانت لعن وطنه وتمنى زواله هل سيبقى على وجه الأرض من يعمل على إضاءة شمعة في وطنه !
ثم أنه لو كان ذلك سبباً لكره الوطن وعدم الرغبة في العيش فيه لماذا لم يكن ما تعرض له قدوتنا النبي محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم من ظلم ومعاناة من أهله وقومه من أهل مكة سبباً ليلعنها ويتمنى هلاك أهلها، وهو الذي برغم كل ما تعرض له منهم بسبب دعوته هو ومن معه لم يقبل أن يدعو عليهم يوماً، بل وحفظ حبه لمكة طوال حياته حتى أنه كان يقول لها وهو يحفظ الشوق والحنين لها: “ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك” رواه الترمذي.
اليوم كما كل يوم يحتاج الوطن للالتفاف حوله ووضع كل الطاقات لأجل النهوض به وازدهاره، ولن يتحقق ذلك إلا بنفض الحكومة الجديدة الغبار المتراكم من الحكومات التي سبقتها، والنزول للشارع لملامسة هموم المواطنين فهم بأمس الحاجة لمن يجلس معهم ويستمع لمشاكلهم خصوصاً بعدما زادت المصاعب مع جائحة الكورونا أضعافاً مضاعفة على المواطنين والحكومات على حد سواء، للعمل بكل صدق وجدية وأمانة على إيجاد الحلول السريعة لها، فلم يعد مقبولاً اليوم البقاء في المكاتب المكيفة بعيداً عن أوجاع المواطنين وقضاء حاجاتهم، ثم أن الوطن بحاجة للجميع حوله شباباً وشيباناً إناثاً وذكوراً بل وحتى أطفالاً لاستثمار كل موهبة والعمل على تنميتها لأجل الوطن، بدلاً من الاستمرار في خسارة الكفاءات المتميزة التي نسمع بهجرتها بين كل حين وآخر.
وفي المقابل يتوجب على كل مواطن الالتفاف حول وطنه وأهله وتقديم كل طاقته لأجل المساهمة في رفعته وتطويره ورسم أجمل الصور عنه في كل ميدان يتواجد به، فمهما تراكمت الصعاب يبقى حب الوطن غريزة مزروعة في النفوس التي تبقى تحفظ الشوق إلى ديارها، كالطير الذي يبقى يحن إلى وكره مهما ابتعد عنه.
وهنا فرق مهم بين أن نختلف مع الحكومات والمسؤولين في الوطن على طريقة إدارتهم لشؤونه وهو الأمر الطبيعي، وبين أننا جميعاً لا يمكن أن نختلف على الوطن وحبه المزروع داخل النفوس الوفية، فمهما اختلفنا مع حكومة أو مسؤول لا يمكن أن يؤثر ذلك قيد أنملة في حبنا لوطننا ورفعته وازدهاره وبقاء هواء الوطن نقياً من كل الشوائب دائماً.
فكل من يعتبر نفسه أساساً في بناء الوطن الذي يحبه يبقى مستعداً للبذل لأجله مواطناً كان أم مسؤولاً ولو حتى بنصيحة صادقة، والوقوف في وجه معاول الهدم والإشاعات الهدامة، والحرص على العمل والإنتاج، فلا نهضة للأمم من غير تضحية، ولا تضحية بدون وجود الأوفياء الصادقين في حب أوطانهم.