صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في كتابه ” مكان تحت الشمس ” الذي نُشر عام 1995، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما يلي واقتبس : ” كان لورنس قد اشتهر في بريطانيا وأمريكا، بفضل تمثيلية ناجحة، بالغت في وصف معركة البريطانيين ضد العثمانيين، وعرضت لورنس مع مجموعة صغيرة من العرب، كأبطال رئيسيين لهذه المعركة.
ولكي يرسّخ شهرته، سعى لورنس بإصرار لإثارة الانطباع، بأن بريطانيا مدينة جدا للعرب عامة، ولفيصل والهاشميين خاصة. في تلك الفترة، ترأس وزارة المستعمرات وزير تنقصه الخبرة، هو ونستون تشرشل، حبث استطاع موظفوه ذوو الخبرة في الوزارة، أمثال شاكبرغ ولورنس، استغلال عدم خبرته، وجعله ينفذ سياستهم.
تسلّم تشرشل مهام منصبه، وهو معروف كمؤيد قوي للصهيونية. وفي شباط 1920 أثار الهلع في قلوب الموظفين الموالين للعرب، عندما قال لصحيفة (صاندي هارولد) أنه يتنبأ بقيام دولة يهودية على ضفتي نهر الأردن، يعيش فيها ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي.
بأقواله تلك، كان تشرشل وفيا لروح (فرساي) التي أيدت بوضوح، حق الشعب اليهودي في العودة والاستيطان على ضفتي نهر الأردن، في الأماكن التي عاش فيها في عهد المكراه. وفي حينه، كتب بلفور إلى لويد جورج بهذا الشأن، ( أن الحدود الشرقية لأرض إسرائيل، يجب أن تمر بعيدا إلى الشرق من نهر الأردن، بغية توفر إمكانية تطوير الزراعة الصهيونية ).
وقد وافق هربرت صموئيل على ذلك بقوله : ( لا يمكن أن يعيش شعب كبير دون أرض، وكل خبير يعرف أنه من أجل ازدهار فلسطين، يجب أن تكون لها أرض مناسبة إلى الشرق من نهر الأردن ). كما أن أهم صحيفة بريطانية ( التايمز ) كتبت آنذاك : ( أن أرض إسرائيل بحاجة إلى حدود عسكرية جيدة، تكون قريبة قدر الإمكان من حدود الصحراء ).
وأضافت الصحيفة : نهر الأردن . . غير مناسب ليكون الحدود الشرقية لفلسطين، وواجبنا كأصحاب انتداب، أن نهتم بأن لا تعيش فلسطين اليهودية في صراع دائم، بل أن تكون دولة قادرة على إدارة حياة مستقلة وقومية مزدهرة “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
1. هكذا تكالبت القوى الاستعمارية بقيادة بريطانيا مع الصهيونية العالمية، لتأسيس وطن قومي لليهود في قلب الوطن العربي، يتوسع تدريجيا على حساب فلسطين والأردن مع مرور الزمن.
2. وها هو نتنياهو قد قرر اعتبارا من بداية تموز القادم، ضم غور الأردن غربي النهر، وأجزاء من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل تطبيقا لوعوده السابقة.
3. من المتوقع أن تكون الخطوة اللاحقة حسب المخطط الصهيو- إسرائيلي، هي القفز شرقي نهر الأردن بعد سنوات محددة، طمعا في الوصول إلى أطراف الصحراء الشرقية.
4. إن الوقوف في وجه هذه الأطماع الصهيونية، تتطلب حشد الجهد والاستعداد العملي لردعها ووقف أحلامها التوسعية. فالصهيونية تخطط لعشرات لا بل لمئات السنين القادمة، لما ستكون عليه إسرائيل في ذلك الحين، ثم تنفذ خططها المرسومة بصورة متدرجة.
5. من المعروف أن إسرائيل بدأت بوعد بلفور البريطاني عام 1917، عندما كان اليهود في الشتات. ولكن خلال ثلاثة عقود، استطاع مخططوها بمساعدة الدول الاستعمارية، أن يخلقوا الدولة الصهيونية على أرض فلسطين، بينما كان الزعماء العرب وما زالوا، يطلقون التصريحات والتهديدات العشوائية دون فعل حقيقي على الأرض.
وإذا ما استمر الوضع على هذا الحال دون حشد قوى الأمة العربية، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، لردع العدو وتحطيم أحلامه التوسعية، فإننا سنجده في وقت لاحق يرتع في بلادنا العربية، من بغداد إلى خيبر ومن دمشق إلى القدس. فهل من صحوة قومية تنقذ البلاد والعباد من شر الصهاينة، أم سنقتدي بالجيران الصالحين من أهل الكهف، في نومهم لما يزيد عن ثلاثة قرون ؟
التاريخ : 20 / 6 / 2020