صراحة نيوز – بقلم د . صبري الربيحات
تصریحات الرئیس الامیركي الاخیرة حول عدم استعداد بلاده لحمایة مضیق ھرمز اثار الكثیر من التساؤلات والشكوك حول ما جرى ویجري في الخلیج وبقیة اطراف العالم العربي. المخاوف التي یعبر عنھا الاشقاء في الخلیج العربي حقیقیة ومعقولة لكن السؤال الاھم والاكثر یتعلق بحجم ھذه المخاوف وآلیة تصعیدھا والغایة من تواتر حوادث اختطاف الناقلات واسقاط الطائرات واخیرا موقع التصریحات التي ادلى بھا الرئیس الامیركي وعلاقته بكل ما حصل ویحصل.
التھدیدات التي یواجھھا الانسان الیوم تأتي من العلاقات التي تقیمھا الدول والجماعات مع بعضھا البعض. حجم التھدید الناجم عن نزعات الاستبداد ومحاولات الھیمنة والغطرسة وفرض الارادة یفوق بكثیر التھدیدات التقلیدیة التي كانت ولیدة العلاقة غیر المتوازنة بین الانسان والارض.
الادوات والوسائل والاسالیب المعاشة للانسان لم تكن كافیة للحصول على كمیات كافیة من الغذاء او بسط نفوذ الانسان على الكائنات والظواھر والموارد التي كانت تتحكم في وجوده.
عبر تاریخ الانسان الطویل كان الانقلاب المناخي او انتشار وباء من الأوبئة كافیا لإبادة نصف سكان الارض.
الیوم یعاني الانسان من مخاوف وقلق البطالة والفقر والجوع والمرض والارھاب وكافة المصادر التي یمكن التغلب علیھا لو تغیرت السیاسات والایدیولوجیات وانماط العلاقات السائدة بین الامم والشعوب والدیانات والاعراق.
في عالم الیوم الكثیر من المخاوف والتھدیدات التي جرى تولیدھا وادارتھا والتحكم فیھا لخدمة انانیة القادة وشھوات السیطرة وتجسید نظرة الاستعلاء لدى زعماء وقیادات القوى العظمى والكیانات الطامعة.
ھشاشة الدول والانظمة غیر الدیمقراطیة وترددھا في تبني اصلاحات جذریة تحقق التنمیة جعل منھا اھدافا سائغة لأطماع القوى ورھن مقدراتھا التي اصبحت اھم عناصر تحریك اھتمام العالم بھا.
بناء السلام إلى صناعة الخوف بدون السیاسة ومحاولات الھیمنة التي تمارسھا القوى الاستعماریة على دول وشعوب العالم الفقیر والنامي یوجد لدى الناس الكثیر من المخاوف التي تزعجھم وتقض مضاجعھم.
في الحدیث الیومي بین الافراد من مختلف الطبقات والخلفیات اشارات واعیة واخرى عفویة للخوف.
فالناس یخشون على حیاتھم ومستقبل ابنائھم والجمیع ینشد الاستقرار ویتطلع للازدھار.
الجمل والتعبیرات التي یستخدمھا البعض للتعبیر عن الخوف متعددة ومتنوعة ”یا خوفي“ او ”انا خایف“ او ”شيء بخوف“ او ”مش خایف“.
بالمقابل یرى البعض ان الشجاعة في مواجھة المخاوف والتغلب علیھا فینظرون للمخاطر والتھدیدات كفرص لتحسین كفاءة استجاباتھم وتطویر امكاناتھم وتحویلھا إلى فرص للتقدم والمنعة.
على الصعد الانسانیة الاجتماعیة تتنوع مصادر الخوف وتتبدل من وقت لآخر لكنھا تدرك من قبل الافراد من منظور خطورتھا ودرجة تھدیدھا للانسان ووجوده وتطلعاته.
الجوع والمرض والموت والفقر والفشل وفقدان الاعزاء مصادر تقلیدیة للخوف وعوامل اساسیة في توجيه الانسان لبناء منظومات متنوعة للحمایة والدفاع وصولا إلى حالة الحفاظ على المنجزات والتوازن وتوفیر الاجواء التي تمكن الافراد من العمل والانجاز بعیدا عن التھدیدات والاخطار.
مواجھة الاخطار كانت الدافع الاساسي والمحرك الاھم لعجلة الحضارة فتحدیات المناخ والحروب والحریق والفیضانات دفعت بالإنسان إلى بناء البیوت وانشاء السدود وتصریف المیاه وایجاد انظمة تخزین وحفظ الاطعمة وتشیید الحصون وابتداع الاسلحة.
من المؤسف حقا ان ترتد البشریة عن انجازاتھا وتعمل على تولید الخوف والفزع والارھاب من خلال قرارات سیاسیة لا تخدم إلى شھوات التسلط والھیمنة والغاء الآخر. الاسلحة التي تنبيهات كانت للدفاع عن الانسان ووجوده تتجه الیوم إلى صدور الاعداء الافتراضیین من البشر.