صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
ربما يقال- وقد قيل فعلا- أنني أدعو الى التخلف ،عندما أنادي بمجلس ملك ،بدلا من الحكومة والبرلمان،ولكن بنظرة متعمقة ومنطقية،نخرج بنتيجة مفادها أننا بالفعل ،لسنا بحاجة لا الى حكومات ولا الى برلمانات،وحتى لا يذهب أحد بعيدا ،فان العيب ليس في مفهوم الحكومات والبرلمانات في العالم ،بل يكمن الخلل في قدرتنا نحن على التطبيق،ولذلك فان المخرجات تعتمد على المدخلات ،وهذا يعني أن الخلل فينا نحن ، لأننا لم نف هذا الموضع حقه .
وهذا يعني أننا لم نحسن اختيار الوزير أو النائب وفق الأسس المهنية والكفائية المتعارف عليها ،بل اعتمدنا سياسة الإرضاء وشراء الذمم ،ولذلك لا أستغرب مما نراه من صور أداء لا ترقى الى المستوى المطلوب.
الدول المتقدمة –ونحن بالمناسبة-لا نقل شأنا عن الآخرين لو أننا استفدنا من قدراتنا- طبقت الأسس والمعايير ،واحترمت العقد الاجتماعي بينها وبين شعوبها ،ولذلك رأيناها وقد نجحت في القيام بواجباتها سواء ما يتعلق بالحكومات أو البرلمانات .
هذا النجاح الذي نتحدث عنه ،لم يأت من فراغ،وهلو ليس نبتا شيطانيا ،بل خاض في أساسياته كبار الفلاسفة والمفكرين في الغرب ،وسبقهم في ذلك علماء العرب والمسلمين الأوائل وفي مقدمتهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة التي تحمل اسمه.
وعند الحديث عن التغيير ،فقد مر الغرب بظروف أحلك سوادا مما نحن فيه عربا ومسلمين هذه الأيام،وعنوان ذلك صكوك الغفران التي كان الأساقفة يقفون على قارعة الطرق، ويجبرون المواطنين على شراء قصاصات أوراق يقال لهم أنها جواز مرورهم الى الجنة،ونظرا لتخلفهم كانوا يصدقون انهم اشتروا مكانا في الجنة.
لكن الاصلاحي مارتن لوثر كينغ،جاء وقلب الطاولة على رؤوس الأساقفة ،وقاد الحراك الاصلاحي الغربي ،وانقلب الغرب من ساحة تخلف الى ساحة ابداع ،ولم يأت هذا الانجاز هكذا ،بل أسس على مباديء صلبة وأدى الى عقد اجتماعي جديد ،كل ذلك بسبب تطبيق مباديء حقوق الانسان والمواطنة والعدالة الاجتماعية التي نفتقدها في منطقتنا العربية.
لماذا لا نريد حكومات كالتي تتولى الأمور موسميا ثم تضطر للمغادرة مسجلة فشلا ذريعا في تنفيذ ما يرد في خطاب العرش السامي ،وتورثنا ديونا ومصائب اضافية تضاف الى خطايا الحكومات الموسمية السابقة؟وهذا ما يفسر وصول مديونيتنا الى 27.4 مليار دينار.
الحكومات الموسمية التي لا تنجز مهامها على أكمل وجه ،تنشغل في تحصيل المكاسب لأعضائها ،الا من رحم ربي،وهناك وزراء البزنس الذين ” يجرون النار الى أقراصهم “كما يقول المثل الشعبي.
ورأينا كيف انهمك البعض في تعيينات أبناء وبنات بعض المتنفذين وبرواتب فلكية ،في حين نجد أن أبناء المسحوقين يتضورون” انتظارا” لمكرمة ديوان الخدمة المدنية التي تضل طريقها اليهم وتتسلل في الظلام الدامس الى أبناء الميسورين.
الحكومات الموسمية التي تزور وتغادر دون ضرورة أو انجاز ترهق ميزانية الدولة لنفقاتها الباهظة، وتعييناتها غير المحقة ،وتترك أثرا بالغا في نفوس المواطنين وآخرها رفع أسعار المحروقات والناس تغط في نوم عميق لكن الله نجى وتدخل الملك وألغى القرار.
أما البرلمان فحدث ولا حرج ،وتنكشف المسرحية بعد اعلان النتائج حيث يفتقد المواطنون نائبهم الذي هيء لهم أنه نجح بأصواتهم ،لأنه يغلق هواتفه ولا يرد على اتصالاتهم .
كما أن غالبية النواب انما يؤتى بهم ليكونوا نواب خدمات ويكيفون أنفسهم على مقاس نائب الحارة ، ويكون الهم الطاغي والشغل الشاغل هو تحقيق المكاسب وتعظيمها للنواب أنفسهم .
وهناك من يطلق عليهم نواب “الألو” الذين يطبقون مبدأ “عليهم عليهم ..معاهم معاهم”وبالتالي لا نرى عملا برلمانيا رقابيا تشريعيا ،بل جل ما نلمسه هو تنفيذ رغبات الحكومات الموسمية ليس الا.
نحن بحاجة الى نواب حقيقيين مهمتهم التشريع والرقابة ،لا الركض وراء الوزراء لتعيين بعض الموظفين لأن ذلك ليس من مهامهم ،بل من مهام الحكومات،
وطالما أننا لم نصل الى مرحلة الحكومات الحزبية البرلمانية التي تقود البلاد الى شاطيء الأمان وتحافظ على مصالح العباد ،فان الدعوة ما تزال قائمة وباصرار على مجلس ملك يتولى بنفسه ادارة الأمور بتوجيه من جلالة الملك.