لعمري أيها الملك كم تحملت منذ ان تسلمت راية الوطن من الملك الباني الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه تقود سفينة الوطن وسط أمواج هائجة حيث اعداء الخارج المنزعجين من أمننا واستقرارانا وصمود شعبنا في وجه العاتيات وأعداء الداخل وبخاصة ممن حملتهم أمانة المسؤولية وحنثوا بالقسم الذي اقسموه ليقوموا بالواجبات الموكولة اليهم وأوصلونا الى ما نحن فيه .
لم يكن صعبا عليكم مواجهة اعداء الخارج بالحنكة والحكمة التي اتصف بها قادة بنو هاشم لأنهم معروفون ومعروفة نواياهم واهدافهم لكن المأساة في اعداء الداخل ممن لحم اكتافهم من خير هذا الوطن .
منذ ان تسلمتم الراية وانتم تتطلعون الى مستقبل واعد لينعم به شعبكم الوفي لم تتركوا فرصة دون اطلاق المبادرات الخلاقة والتأشير على مواطن الخلل والقصور وتوجيه أولي الأمر في ادارة شؤون البلاد لما يجب عليهم ان يفعلوه لتمضي المسيرة لكن الواقع يقول خلاف ذلك… فقر وبطالة تتفاقم حدتها يوما بعد يوم وفساد مستشري وتنفيعات ومكتسبات على حساب العدالة لفئة متنفعة في مفاصل الدولة فيما سقف الحريات في تراجع ويسود الضجر والتذمر والاحباط جراء ما وصلنا اليه والذي لم نشهده من قبل .
سيدي
قرأت بتمعن الرسالة الملكية التي وجهتها لشعبكم بمناسبة عيد ميلادكم الميمون ودققت ما بين السطور مليا وخلصت الى انكم تعانون ما يعانيه شعبكم وأنكم غير مرتاحين لمنظومة ادارة شؤون الدولة التي ولجت المئوية الثانية من عمرها فجاء تأكيدكم بان تجاوز ما نواجه يتم بعزم لا يلين، وبإرادة صلبة، وبتخطيط مؤسسي سليم، وبرؤية واضحة… وهو الذي ما زلنا نفتقده وأكدتم على اهمية تجسير فجوة الثقة بين الشعب والحكومات، والذي يبدأ بتبني الحكومات خططا وبرامج شاملة متكاملة، بأهداف واضحة ومخرجات قابلة للقياس … وأن تعمل بشفافية وتوضح آليات عملها بصراحة ومسؤولية … والذي هو مربط الفرس منذ سنوات .
نعم يا سيدي
وكما قلتم ان شعبنا الأبي أثبت خلال الأعوام المئة الماضية أن الصعاب لا تزيده إلا إصرارا على تجاوزها، وان الأردن برهن بأنه أرض الخير، ووطن الإنجاز والتميز، رغم محدودية موارده.. لكن المأساة ورغم ان شعبكم مؤمن كما انتم بما قاله الملك الراحل بأن ” الإخلاص والوفاء لهذا الحمى، شرف وواجب نحمله جيلا بعد جيل ” …اذا فقدنا لا قدر الله الصبر والقدرة على التحمل .
لقد شخصتم اسباب معاناتنا بمجموعة من المفردات ( ضعف العمل المؤسسي ، التلكوء في تنفيذ الخطط والبرامج ، التمترس البيروقراطي ، الإنغلاق في وجه التغيير ، تغول الإشاعة ، تغييب الحوار العقلاني الموضوعي ، ) والتي بمجملها يتحمل مسؤوليتها المكلفون بادارة شؤون الدولة ومن اسبابها انعدام العدالة المجتمعية وسياسية توريث المناصب التي هي سمة الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وانعدام الشفافية بالتعامل مع مختلف القضايا والمشكلات العامة اضافة الى بروز ظاهرة تلقي الرشاوي أو ما يُسمى بالفساد الصغير وتنامي ظاهرة الواسطة والمحسوبية .
سيدي
قراركم بتوجيه الديوان الملكي الهاشمي للبدء بتنظيم ورشة عمل وطنية تجمع ممثلين من أصحاب الخبرة والتخصص في قطاعاتنا الاقتصادية يؤكد ثقتكم بعمل الديوان الذي بات ملجأ لكل محتاج وصاحب مظلمة والذي شهد نقلة نوعية في الأداء والتواصل مع الموطنين منذ ان تسلم مسؤوليته معالي يوسف العيسوي الذي مثل نموذجا قدوة نتمنى وجوده في كافة مفاصل الدولة والأهم هنا ايضا تأكيد جلالتكم بانكم شخصيا ستتابعون المخرجات وتضمنون العمل بها حيث ليس من السهل تجسير ثقة الشعب بالحكومات الإ بعد ان يلمسوا انجازات على ارض الواقع تعكس توجيهاتكم المستمرة اليها وتحقق بعضا من طموحاتهم .
نحن معكم يا سيدي نريد مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع لنستعيد صدارتنا في المجالات كافة ونريد ان نواجه الفقر والبطالة بكل عزم ونحد من عدم المساواة لينطلق شبابانا في آفاق الريادة والإبتكار .. لكن من الصعب يا سيدي ان يتحمل الشعب وحده عبء هذه مسؤولية وانتم تدركون أهمية أن يتولى ادارة شؤون الدولة من لديهم ذات الحرص والاستعداد .
سيدي رعاكم الله لن أطيل عليكم فالمسؤولية ثقيلة والأحلام كثيرة وشعبكم لم يتغير ولن يتغير سائرون بعون الله على عهد الأباء والأجداد .
أمد الله في عمركم ومتعكم وولي عهدكم المحبوب بالصحة والعافية وسدد على دروب الخير خطاكم لتمضي المسيرة نحو السؤدد والرفعة والإزدهار .