صراحة نيوز – تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مقالة كان قد كتبها الدكتور محمد حسان الذنيبات قبل نحو عامين في حق الطفيلة واهلها وكانت بعنوا
تاريخ من العناد في كلمة !
* محمد حسان الذنيبات
تاريخ الطفيلة هو تاريخ العناد و العنفوان متفاعلا مع الاحداث على مدى السنوات ولا اظن ان منشورا أو مقالا يمكنه أن يوفي هذا التاريخ. نعم فهي جنوبية أكثر من الكرك قليلا و شمالية أكثر من معان قليلا و لو قلنا أنها على يمين الكرك و يسار معان لصدق ذلك أيضا !! و سيذكر التاريخ في سجله الخالد للنضال أن طفيليا اعتقل و استجوب في احداث الخبز عن سبب خروجه فكان جوابه (أنهم رفعوا سعر الخبز على إخوانا الكركية) و قبلها بعقود حمل أحدهم سيفه و ركب فرسه متجها نحو دمشق ليحميها من غورو بعد انتصاره في ميسلون !!
و في التاريخ الاقدم ضربت عنق فروة بن عمرو الجذامي (المعاني الطفيلي) على ماءها لما سمعوا بمكاتباته مع النبي صلى الله عليه وسلم !!
و حين قيل له وهو يصلب (ارجع عن محمد ونحن نعيد لك ملكك) راح ينشدهم:
أَلا هَـلْ أَتَى سَلْمَى بِأَنَّ حَلِيلهـا * * * عَلى مَاءِ عَفْرَا فَوْقَ إحْدَى الرَّوَاحِلِ
عَلى نَاقَةٍ لم يَضْرِب الفَحْـلُ أُمَّها * * * مُشَــذَّبَةً أَطْــرَافُها بِالمَنَاجِـلِ
وقيل أنهم لما قدَّموه، ليقتُلوه قال:
بَلِّغْ سَرَاةَ المُسْلِمِينَ بِأَنَّنِى * * * سِلْمٌ لِرَبِّى أعْظُمى ومَقَامى
ضربوا عنق ذاك العنيد و لكنهم لم يغيروا أثر الجغرافيا التي حفرت عميقا في تلك الشخصية فالجبال عالية و لكنها تتفجر على اكثر من ٣٠٠ عين من الماء الزلال في مختلف قراها ومناطقها. صلبوه هناك يرحمه الله تعالى فكان أول شهيد من المسلمين خارج الجزيرة العربية !
في ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي و بسبب الظروف الاقتصادية و غيرها هاجرت شظيه أو لأقل طار غصن من الطفيلة و استقر في عمان في المنطقة التي يقال انها كانت مكانا موحشا لا يقترب منه احد و يقال له آنذاك (المصبغة) و التي تحولت بهذه الهجرة إلى حي الطفايلة وهو من اكثر المناطق كثافة سكانية واكثرها حيوية و هذا يحتاج كتابة مستقلة و لكنه نموذج فريد في استنباط قوانين سوسيولوجية جديدة. فقد شارك الحي في كل الحراكات الشعبية ابتداءا من هبة نيسان حتى انتفاضة الخبز وصولا الى الحراك الاردني الذي بدأ في ٢٠١٠. هذا المسير الطويل من النضال لم يستطع كل شانئيه أن يطعنوا فيها اللهم الا اللمم فهو عفوي و شعبي و كنت اصفه دائما (وقوف الرجال و صدق الاطفال و إيمان العجائز) و حين اراد الاعلام المأجور ضرب الحراك في احدى أهم معاقله كان واحدا من الاخبار التي طنطنت بها الصحافة لأيام حول (ضبط ٥٢٠ عبوة من عطور الماركات العالمية المقلدة في الطفيلة) وكانت هذه أكبر تهمة يمكن أن يسوقها هؤلاء ضد الطفيلة !!
ومما يذكره أحد الحراكيين تأصيلا لخروجهم و وقفهم و قولهم لا للفساد و الاستبداد، قصة لجده وهو من المهاجرين القدامى أنه : “ذات يوم كان يعمل في رصف الطريق، وكان كلما ألقى بـ”المهَدَّة” على الحجارة يقول: “هِهْ”، وإذا بشخص يقف فوق رأسه ويسأله: لماذا تقول”هِهْ” مع كل ضربة. فنظر إليه فإذا به الأمير عبدالله -رحمه الله- (الملك المؤسس) فقال له: “هِهْ” هذه يا سيدي تخفف من تعب الضربة”. فقال: “ناولني وسترى أنني لن أقول “هِهْ”، فناوله فضرب أول ضربة دون أن يقول: “هه”، ولكن في الضربة التالية خرجت من الأمير “هِهْ”، فأعاد إلى الطفيلي العنيد المهدة وهو يضحك ويقول: “معك حق، من دون “هِه”، سيكون الأمر مرهقاً”.
الحقيقة أن الطفيلة مرهقة لكل من يكتب عنها لأنها تاريخ العناد كما ذكرت و لا شيء موثق للأسف وتحتاج دراسات سوسيولوجية و رسائل جامعية وغيرها.
اخيرا حين ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد حادثة قتل عمرو بن فروة الجذامي قال (أنهم صلبوه على ماء لهم تسمى (عفرا) في فلسطين)! وهذا صحيح فلا فرق بين فلسطين و الأردن وكلها أرضنا و حسب احد أبناء الجيل الثاني من المهاجرين أن “الفلسطينيين شَرَدُوا مِنَ اليهود ونحن شَرَدْنا من الجوع و التهميش و القهر في وقت واحد”.و يقصد الهجرة من عيمة الطفيلة إلى عمان. اذا نحن لا نفرق إلا بقدر ما يعيننا ذلك على احباط مؤامرات الأعداء و افشال كيدهم و تخطيطهم و خلطهم للأوراق كما يفعلون دائما !!
** هذا المنشور كتب قبل عامين بلا مناسبة محددة وأنا اكتب عن الأردن كله