مربى فراولة …!  

17 أبريل 2022
مربى فراولة …!  

صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران

قصة وقعت عيوننا عليها قبل فترة نسردها لكم هنا “بتصرف”، تقول إحداهن أن شقيقها اتصل بها ذات يوم لزياتها، قامت بتجهيز المنزل وإعداد ما تيسر من الضيافة لشقيقها وعائلته، لكن المفاجأة أنه لم يكن لديها شيئاً لتقدمه لهم، فلم تجد أمامها سوى حبات قليلة من البرتقال قامت بعصرها لتقدمها لهم كعصير بارد، وصل شقيقها وعائلته فسارعت بكل سعادة لاستقبالهم والترحيب بهم، وبعدها بدقائق دق جرس المنزل، الأمر غريب فليس هناك أحد تنتظره غيرهم، ليكون الأغرب والأكثر إحراجاً أن جارتها كانت بالباب قادمة لزيارتها لأول مرة وبدون سابق ميعاد!   

لم تستطع الاعتذار ورحبت بها على مضض، خاصة وأنه لا يوجد لديها ما تقدمه سوى عصير البرتقال ذلك الذي قامت بتحضيره لشقيقها وعائلته، وجلس الجميع وسارت الأمور بهدوء ونجحت هي في تقديم العصير للجميع بطريقة مناسبة، وفجأة طلبت جارتها منها مربى فراولة تحتاجه بشكل عاجل، وبدأت برفع صوتها بشكل غريب وكأنها تتعمد إحراجها أمام شقيقها وعائلته، فلم يكن من شقيقها إلا أن قام وقال إنه ذاهب للمطبخ لإحضار علبة المربى لها، وعندها تملكتها الدهشة فهي تعلم أنه لا يوجد عندها أي نوع من أنواع المربى!    

بعدها بقليل سمع الجميع صوت شيئاً ينكسر وعاد شقيقها محرجاً، وكانت هي قد بدأت تفقد صبرها على تلك الجارة، ليفاجئ شقيقها الجميع بالقول: أعتذر منكم فقد وقعت العلبة وانكسرت، ولكن لا بأس سأذهب سريعاً لأشتري غيرها وأعود، عندها شعرت الجارة بالإحراج الشديد ورفضت بشدة قائلة: لا داعي يبدو أن لا نصيب لي فيها، مغادرة بعدها بسلام، وبعدها بقليل قام شقيقها للمغادرة مع عائلته، ليبتسم لها عند الباب تاركاً مبلغاً من المال في جيبها وهو يعانقها قائلاُ: لا تنسي تنظيف المطبخ يا غاليتي فقد اضطررت لكسر علبة فارغة للخروج من ذلك المأزق، وهذا المبلغ تعويضاً عن تلك العلبة التي كسرتها، وأرجو أن تهتمي بنفسك جيداً، متجنباً إحراجها وتاركاً ابتسامة كبيرة مرسومة على شفتاها ومغلفة كل أركان قلبها، لتكون هذه القصة من أجمل الأمثلة كيف يشد الأخ عضد أخيه، وكيف يكون سنداً لأخواته، وكيف تكون الأخت سنداً لأخيها أيضاً، ولكن فقط عندما يعرفون معنى كلمة “الأخوة”.   

اليوم تعود ذكرى يوم العلم الأردني ترفرف فوق بلادنا، مؤكدة بأن هذا العلم سيبقى مرفرفاً عزيزاً شامخاً، بشموخ قيادة وشعب أرض أردن العز والكرامة والكرم، ذلك العلم الذي يحتضن وسط ألوانه ألوان علم فلسطين وشعبها الصامد، شعب فلسطين الذي يسطر كل يوم مجداً جديداً في وجه احتلال حمل لقب أطول احتلال عرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى لقب آخر وبكل جدارة وهو أكثر احتلال تمتعاً بالغباء والجنون، فمع كل يوم يزيد هذا الاحتلال بممارساته من قناعة حجارة أرض فلسطين قبل شعبها بأنه لم يكن يوماً يعرف أي معنى من معاني السلام، وهو أمر طبيعي لاحتلال لم يقم إلا على الدماء والأشلاء والقتل والتهجير والسرقة والتجبر والطغيان واستباحة المقدسات، وما استباحة المسجد الأقصى مسرى رسول الله عليه السلام الأخير إلا دليل جديد على عدم اكتراث هذا الاحتلال بأي معنى للأديان أو المقدسات أو حقوق الإنسان، ولا فهمه ولا حتى لحقوق الحيوان، لكن المسجد الأقصى سيبقى شامخاً في وجه الاحتلال بعون الله رغماً عن أنفه هو وكل من يسانده من القوى العالمية الكبرى، تلك القوى التي أزكمت أنوفنا بالحديث عن حقوق الإنسان، والتي ظهرت بوجهها الحقيقي في الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة، ليظهر للعالم أجمع بأن ذلك الإنسان بتعريف تلك الدول والقوى لا يشمل لا المسلمين ولا العرب، فهؤلاء لم يتم تضمينهم ضمن تعريف كلمة “الإنسان” لدى تلك الدول والمنظمات على ما يبدو حتى الآن!   

ولمن لا يتذكر فقد مر المسجد الأقصى بالعديد من الأهوال مع هذا الاحتلال منذ أول لحظات وضع قدمه فيها في القدس الشريف، وما ذلك الإرهابي “مايكل دينس روهان” عنا ببعيد، عندما أقدم على حرق المسجد الأقصى في العام 1969 بعد عامين فقط من احتلال المدينة المقدسة، ليخرج الاحتلال للعالم يومها معلناً “كعادته” أن ذلك الارهابي كان “مجنوناُ” حتى لا يستطيع أحد محاسبته على جريمته، وبرغم ذلك الحريق الذي أتى على أجزاء كبيرة من المسجد الأقصى وأحرق معها كثير من قلوب المسلمين والأحرار حول العالم يومها، إلا أن الأقصى قام أقوى من قبل، بل وكان الحريق سبباً مباشراً يومها في قيام المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل رحمه الله بإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي مع مجموعة كبيرة من الدول الإسلامية، ولذلك نقول وسنبقى نقول بأن المسجد الأقصى سيبقى وستبقى القدس وستبقى كل فلسطين عزيزة شامخة مصدرة للأبطال، فذلك وعد الحق عزوجل الذي لا يخلف الميعاد، سيبقى بهمة الأبطال المرابطين من أهل القدس الشريف ومن كل أهل فلسطين ومن كل شرفاء الأمة ومخلصيها وأحرار العالم في كل مكان، من يؤكدون في كل يوم بأن الأقصى لا يذهب إلا مع ذهاب آخر نفس فيهم، مؤكدين ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)، نصركم الله يا أبطال فلسطين وثبت أقدامكم، فقلوبنا وعقولنا ستبقى دائماً معكم، كما دعواتنا لكم التي لم ولا ولن تنقطع يوماً مادام في الروح بقية بإذن الله.   

الاخبار العاجلة