صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
بعض الناس تحتار كيف ترضيهم ، ويحضرني مَثلاً معروفاً ، أشهره دولة عبدالرؤوف الروابده قبل سنوات في لقاء على محطة تلفزيونية لبنانية عندما قال (( إحترنا يا قرعى من وين إنبوسگ )) .
وأرى انه من الضروري أن أذكر العبارة الأهم التي أطلقها كل رئيس وزراء لنعتبرها مدخلاً للمقال ونؤشر عليها : —
١ )) دولة فيصل الفايز قال : (( أنه يشعر بالقلق ، وأنه لم يكن قلقاً على الأردن كما هو اليوم )).
٢ )) دولة عبدالكريم الكباريتي قال : (( أنه يشعر بالتوهان ، من حقنا ان نقلق ، وطالب بطرد العتمة التي تسربت الى قلوبنا ، ويخاف من أننا نندفع الى ليل طويل ، ويدعو لصحوة أساسها العمل ، وأضاف جِيلنا لا يخشى التغيير لكن من حقه أن يَقلق ، وأشار الى أننا مُتكِلون على النوايا والثرثرة في أروقة المؤتمرات ، وأننا نعاني من حركة تقهقرية تُنذر بإنقطاع التيار ، والأهم عندما قال : وطن هائم على وجهه بلا بوصلة ولا طريق ، مؤكداً أننا هَرِمنا ووصلنا لمرحلة لم نعد فيها قادرون على التقدم ، مُتعاملون مع واقع الحال ، مُتغافلون عن أوحال الأحوال )) .
٣ )) دولة عبدالرؤوف الروابدة ، قال : ((أنه يَشعر بالإحباط ، وأشار الى أن الناس قرفانه حالها ، ومُحبَطة وتعيش في حالة إحتقان )) .
٤))دولة طاهر المصري قال : (( أنه خائف من محيطنا الذي صار إسرائيلياً )) .
٥)) دولة سمير الرفاعي قال : (( إن في فمه ماء )) .
لا أعرف ما الذي حدث حتى يَشعر دولة فيصل الفايز ( أبو غيث ) بالقلق ، ويؤكد انه لم يكن قلقاً على الأردن كما يقلق اليوم . دولتك إنهيار الوطن لم يأتِ فجأة ، ولم يحدث بكبسة زِر ، ولم نكن ننهض ، وحدث حدثٌ مفاجيء حوّل إتجاه الوطن من الصعود الى الهبوط !؟ دولتك الأردن ( مْهَوِّر ) منذ عقدين . والشعب تنبه لذلك الإنحدار مُبكراً ، ونزل للشوارع ، وكنت أنت ممن يلومونه ، وترفض الإستماع اليه . ومع ذلك شكراً لإفاقتك ، التي سببت قلقك ، وأمنياتنا أن تتمسك بقلقك حتى تُسمِع الصوت .
أما دولة عبدالكريم الكباريتي ( أبو عون ) ، فقد فجّر قنابل ، عندما أطلق عدة عبارات صادقة وصادمة في توصيف مدى إنحدار الوطن ، لكن أخطرها ، وأدقها توصيفاً عندما قال : (( وطنٌ هائمٌ على وجهه ، بلا بوصلة ولا طريق )) . صدقت والله ، لا بل أبدعت في دقة التوصيف . نعم وطننا هائم على وجهه ، لم يجد من يتلمس له الطريق الصحيح ، فحكوماته المتعاقبة إنتهجت نهج عُمال المياومة ، هذا عدا عن جهل بعض الرؤساء في كيفية إدارة الأوطان ، حتى وصلنا الى مرحلة تعذّر علينا ان نحصي عدد ( الهوشات ) وليس الإنجازات . ولا يعبأ غالبية كبار المسؤولين بالوطن ، لأنهم مشغولون في ( الكمشنة ، والسمسرة ) . مناشداً دولة أبا عون أن لا يكتفي بما صرّح ، بل عليه أن يتابع بإصراره المعهود ، للوصول الى المنشود ، المتمثل بالمساهمة في إنقاذ الوطن .لأن المواطنين الشرفاء بُحَّت أصواتهم ، وهم يُنبِّهون ، وإنتهى بهم الأمر الى السجون .
ودولة عبدالرؤوف الروابدة ( أبو عصام ) يَشعر بالإحباط )) . حيث قال : (( الناس قرفانه حالها ، ومُحبطه وتعيش في حالة إحتقان . كما قال : الأردن كان مُلزَماً ومُرغماً بالذهاب الى إتفاقية وادي عربة لتعترف إسرائيل بنا لا لنعترف نحن بها )) . صدقت والله . الناس قرفانه الوضع ، وقرفانه كبار المسؤولين الذين أوصلوهم الى هذه الدرجة الكبيرة من القرف . والأهم : شكراً دولة أبا عصام على كشف الضعف المستور مع العدو ، وهل نحمد الله على إعتراف الكيان الغاصب بوجودنا !؟ مبروك يا وطني الحبيب فقد تحقق المستحيل وتكرم الصهاينة بالإعتراف بنا . وفي حديث آخر لدولته ، يصعب عليّ ان لا أُعلن معارضتي له بإجتزاء الحقائق وتركيزه على توريث الرؤساء ، ولم يتطرق لتوريث أبناء الرؤساء والوزراء ، سواء بتوزيرهم او بإعتلاء مناصب ليسوا مؤهلين لها وبرواتب خيالية . أتمنى عليك أن تُصعِّد تصريحاتك التي تصف سوء وضع الوطن والمواطن ، الى أن يُسمَع صوتك ويتغير النهج .
أما دولة طاهر المصري ( أبو نشأت ) حيث قال أنه خائف من مُحيطنا الذي صار إسرائيلياً . دولتك قبل أن يُصبح محيطنا إسرائيلياً فقد سبقتهم السلطة الفلسطينية التي تقبض على الأبطال وتسلمهم للعدو ، بإسم التنسيق الأمني ، ولحق بهم الأردن . مادمنا السباقون ، فهل من حقنا ان نعتب او نلوم اللاحقون !؟
أما دولة سمير زيد الرفاعي ( أبو زيد الثاني ) ، لتقييم أدائه علينا الرجوع الى رسالة الملك الى دولة معروف البخيت عند تكليفه بتشكيل الحكومة خلفاً له . صرّح وقال أن (( في فمه ماء )) . بُق هالبحصة يا أبا زيد الثاني . لنرى ما عندك من جديد بعد مرور عقد على رئاستك الأولى ، والتي يعرف كل متابع كيف خرجت منها .
أنا شخصياً فكرت إيجابياً في تصريحات أصحاب الدولة ، لأنهم أطلقوا تحذيرات تصف الإنحدار الذي وصل اليه الوطن ، وشظف العيش الذي يعانية المواطن ، فهل هناك من يسمع لهم !؟ هذا مع أنني أعتبر كل واحد منهم قد ساهم بطريقة أو بأخرى في إنحدار الوطن خلال فترة توليه رئاسة الوزراء .
أرى أن طريقة إرسال الرسائل التي توحي بالخطر وإنهيار الوطن وكأنهم يودون أن يقولوا للناس بأن لا أحد يصغي اليهم . لذلك أعلنوها بهذه الطريقة لهدفين :- الأول : ليوصلوا صرخاتهم ، بالتأشير على بعض مكامن الخلل ، دون تحديدها وإنما إتبعوا أسلوب الإيحاء والتعميم ، لإيصال الصوت . وثانياً : قصدوا إرسال رسالة للمواطنين بأنهم يستجيبون لِما يطالبهم به الناس بأن يكون لهم دور ويتسائلون أين هم مما يحصل للوطن !؟
لكن علينا أن لا ( نتعشم ) ونتوقع الكثير منهم لأنهم أبناء النظام ، يُضاف لذلك سببين الأول :- أنهم يُعتبرون من ضمن المنظومة التي يدور في فلكها الوطن . وثانياً :- أن كل واحد منهم ساهم بتردي الأوضاع ومسؤول عن جزء من التردي الذي وصل اليه الوطن . لذلك رفعوا أصواتهم ليُقنِعوا الناس بانهم عَمِلوا ما عليهم ، وبنفس الوقت لم يتجاوزوا الخطوط المرسومة لهم ، وأكدوا أنهم ما زالوا أبناء لنظام .
أُعذروني أن أختم بجملة واحدة : [[ أُقسم بالله العظيم أنني أَخجل من أُردنيتي أحياناً عندما أتذكر أن بعض الأشخاص قد أصبحوا رؤساء أو وزراء ، في وطني الثري بالكفاءات المتميزة على مستوى الإقليم ، لأنهم فقراء في كل شيء — ما عدا جيوبهم القذرة المملؤة بمال السُحتِ والحرام — حيث هم فقراء في القيم ، والدين ، والخُلق ، شخصياتهم مُتذللة ، خانعة ، وأهم ما يفتقرون اليه الكفاءة ، والقدرة على إدارة الدولة ]] .
لماذا لا نعتبر إنتقاداتهم على أنها سابقة غير مسبوقة ، وانها إستجابة لمطالبات الدهماء !؟ ويقول المثل ( مِن رَدّْ عِدُّه ما شَردّْ ) . وندعو جميعاً أن تُصادِف إستجابة من أصحاب القرار .