صراحة نيوز – ا.د امل نصير
أعلن رئيس الوزراء قبل أيام انتهاء الحكومة من عمل مدونة سلوك ستكون خطوطا عريضة للوزراء في عملهم العام للمرحلة المقبلة. وفي نظرة عجلى على موضوع مدونات السلوك في الـــــــــ 10 سنوات الأخيرة في الأردن نلاحظ أنها منذ حكومة الذهبي ومَا تعاقب بعدها من حكومات ركزت على موضوع مدونات السلوك وضعا، وتعديلا، وتحديثا، وتبشيرا بها في وسائل الإعلام، ولم تكن خاصة بالوزارات فحسب، بل شمل بعضها مؤسسات الدولة كافة. واليوم بات من المفيد أن نقيّم حال هذه المدونات، ومدى تأثيرها على المشهد الأردني حتى لا نعقد عليها كثيرا من الآمال، وحتى لا نبقى نضيّع الوقت بكتابتها وتوقيعها.
والأسئلة التي يمكن طرحها هنا: إلى أي مدى التزم بها الوزراء والموظفون العامون في السابق؟ وما مدى تأثيرها على سلوكهم، وإنجازهم؟ وهل الموظف الذي وصل إلى المناصب العليا في الوزارة وغيرها لا يعرف ما عليه من واجبات، وما توجبه عليه قوانين الدولة ودستورها من التزامات؟ لا سيما أنه -غالبا-ما يكون تدّرج في وظائف مختلفة، وسؤال آخر أليس أداء القسم بالنسبة للوزير وهو يضع يده على كتابه المقدس، ويُشهد الجميع على أنه سيخدم الأمة، ويخلص للوطن ويحافظ على الدستور-أقول أليس هذا القسم يختصر كل ما هو موجود في المدونات السلوكية، ومواثيق الشرف…الخ؟ ومن قبل ذلك كله ألم تأت الشرائع السماوية بكثير من المطلوب من الالتزام بالصدق والأمانة والإخلاص في القول والعمل، وضرورة الثواب والعقاب…الخ، ثم جاءت القوانين لتعزز ذلك كله.
ما وصلنا إليه اليوم من واقع معيش في ظل ما يُشاع من قصص الفساد، وتزايد الفقر والبطالة، والإحباط المجتمعي، وتغوّل بعض الشخوص على حقوق الآخرين- يجيب على بعض الأسئلة السابقة، ويؤكد أن الالتزام بالمدونات السلوكية كان ضعيفا، وتأثيرها على الأداء كان باهتا وإلا، لكنا نعيش اليوم في ظروف أفضل في مؤسسات الدولة المختلفة، ولتراجع الفساد كثيرا، وزادت إنتاجية الموظف، وإنجازات المسؤول، وحققنا قدرا مهما من المساواة والعدالة الاجتماعية…الخ
من المفارقات المهمة في هذا المجال أن لجنة النظام والسلوك النيابية في البرلمان وضعت عام 2014 ما أسمته حينها مدونة السلوك النيابية، وعند عرضها على المجلس للتصويت عليها صوت المجلس بالأغلبية على رفضها بحجة أن عمل النائب محكوم بالنظام الداخلي للمجلس، فيما اعتبر عدد منهم أن هذه المدونة مخالفة للدستور، وكأني بأعضاء المجلس يعترفون بأنهم لن يلتزموا بها، ومن ثم لا داعي بالانشغال بتوقيعها.
وبالتالي، فإن المهم اليوم هو إيجاد آليات التطبيق الإلزامي لهذه المدونات، والمساءلة الجادّة عند عدم تطبيقها، ووجود رؤساء وزارات يمتلكون الولاية العامة الكاملة التي تعطيهم الإمكانية لمساءلة جميع المقصرين بعيدا عن مكانتهم، العشائرية أو الوظيفية، فالعبرة بالالتزام بها، وانعكاسها على عمل الموظف العام وسلوكه بغض النظر عن حجم هذا العمل أو صغره.