هل يبقى ملف الفوسفات مفتوحا؟

6 مايو 2017
هل يبقى ملف الفوسفات مفتوحا؟

في خلد الأردنيين ذكريات مؤلمة حول ما لحق بشركة الفوسفات من تجاوزات أكدتها قرارات قضائية صدرت في سنوات خلت بحق رئيس مجلس إدارة الشركة الأسبق وليد الكردي، بعضها بالسجن وأخرى بدفع مبالغ مالية قيمتها نحو 300 مليون دينار.

منذ ذلك الحين وعلى مدى سنوات مضت، لحقت خسائر كبيرة بالشركة لأكثر من سبب؛ بعضها يرتبط بالإدارات، وأخرى تتعلق بتعاقدات وعقود تجارية، وآخرها تراجع أسعار الخام عالميا.

الحكومات المتعاقبة سعت لطي الملف، لكنه ما يزال حتى اللحظة مشرعا، ما يفتح الباب كثيرا لكلام يقول إن الحكومات لم تفعل شيئا لإغلاق الملف.

ما نعرفه أن حكومات سابقة سعت لجلب الكردي لتطبيق القرارات بحقه، لكنها فشلت لأنه يحمل الجنسية البريطانية، والقرارات الصادرة بحقة جاءت غيابية، كما أنها غير معترف بها في الخارج بحسب ما يروي المسؤولون.

المحاولة الأخيرة كانت في عهد الحكومة السابقة واستمرت مع حكومة هاني الملقي؛ إذ تم تشكيل لجنة حكومية رفيعة المستوى لدراسة أحوال الشركة، وتم التعاون مع مستشار قانوني ومالي للوقوف على حقيقة ما جرى ويجري في الشركة وتقييم وضعها الحالي وما آلت إليه بعد كل خسائر السنوات الماضية.

بالنتيجة، كانت المخرجات محبطة، إذ أكدت خلاصة المعلومات أنه ليس بالإمكان فعل أي شيء بحق الكردي، وإنما ذلك لا يمنع من ضرورة مراجعة التعاقدات الماضية، أقله حتى نقلل من خسائر الشركة مستقبلا.

المعلومات تقول، أيضا، إن مبدأ التسوية مع الكردي ليس واردا، بسبب رفض الأخير، وكذلك غير وارد إقامة أي دعاوى جديدة ضده، خصوصا أن التعاقدات والاتفاقيات التي تمت ليس فيها أي مخالفات قانونية، وبالتالي ليس هناك فرصة لكسب القضايا، وفقا لما يقوله المسؤولون.

نعود لفكرة التسوية ومدى إمكانية إجرائها، وهي ضرورة كسبيل لطي القضية وإعادة الأموال المنصوص عليها في القرارات القضائية، والمتضمنة قرارات محكمة جنايات عمان بسجنه 22 عاما و15 عاما وتغريمه 284 مليون دينار (نحو 400 مليون دولار) بعد إدانته بتهم فساد في شركة الفوسفات.

كما جاء قرار المحكمة قبل نحو أربع سنوات بإدانة رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات الأسبق بتهمة استثمار الوظيفة في قضية ما عرف بـ”عقود بيع الفوسفات” ووضعه بالأشغال الشاقة لمدة 22.5 عام وتغريمه 253 مليون دينار.

كما دين الكردي في قضية ما عرف بـ”الشحن البري” في قضية عقود بيع الفوسفات، وقضت المحكمة بسجنه 15 عاما وتغريمه 31 مليون دينار، إضافة إلى قرار المحكمة بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة بمقدار الغرامة والرسوم أينما وجدت.

منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم تتحدث الحكومات عن ملف الفوسفات، تاركة للناس التكهن وإطلاق الاشاعات، وأظن أن الوقت حان لحكومة شجاعة تتحدث مع الأردنيين وتخبرهم بكل هذه التفاصيل وغيرها لننهي حربا مستعرة في شركة تعد إحدى أهم الثروات الوطنية، وما يزال نزفها مستمرا.

ملف الفوسفات لا يعني الحكومات بقدر ما يعني المجتمع الذي يؤمن أن حقوقه سلبت وتم التنازل عنها، ما خلق انطباعا أن الحكومات غير مكترثة بهذا الملف أو تخشى الاقتراب منه، وهو الانطباع الذي يحتاج إلى تبديد.

بعد كل سنوات الخسارة، وآخرها خسارة الفوسفات 90 مليون دينار العام 2016 ومبلغ 15 مليون دينار خلال الربع الأول من العام الحالي، آن الأوان لوضع حلول جذرية تكفل الانتقال بالشركة إلى مرحلة جديدة تحقق فيها الأرباح، وعلى الحكومة، إن كانت تمتلك الرؤية لذلك، أن تشرحها للناس.

جمانة غنيمات – الغد

الاخبار العاجلة