صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
أعلنت لجنة المتابعة الوطنية يوم الأحد 7 أكتوبر 2018، بيانها الذي تضمن برنامجا وطنيا للإصلاح ومكافحة الفساد. وقد حظي هذا البيان بمؤازرة المئات من أبناء الشعب في مختلف مناطق المملكة، لأنه يهدف إلى حماية الوطن وديمومة النظام ومعالجة نواحي الخلل، التي تغلغلت في مختلف مفاصل الدولة، وأوصلتنا لما نعانيه من أوضاع مقلقة يلمسها الجميع.
ستُقتصر هذه الوقفة من قبل أحرار الوطن قرب مستشفى الأردن، يوم السبت الموافق 20 أكتوبر 2018، على إشهار مطالبهم المشروعة كما وردت في بيانهم المعلن، دون التعرض لأشخاص مهما كانت مكانتهم، وبعيدا عن الهتافات الغوغائية، أو اللجوء إلى العنف والتخريب، أو الاصطدام مع رجال الأمن. وقفة ستكون منضبطة تراعي مسؤولية الحفاظ على الهدوء والاستقرار من أجل مصلحة بلدنا وأمنها الوطني، وهو الهدف الذي نسعى إليه جميعا مسؤولين ومواطنين.
تحدث في مسيرة الدول عادة أخطاء قد تكون مقصودة وبحسن نية، أو غير مقصودة بسبب السهو أو عدم المعرفة، قد يغفل المسؤولون والأجهزة الرقابية عن ملاحظتها. وهنا يأتي دور الشعب، ووسائل الإعلام التي تشكل السلطة الرابعة، ليرفعوا أصواتهم منبهين إلى نواحي الخلل بعيدا عن الأجندة الخارجية. وعلى الدولة أن تصغي لهذه الأصوات الوطنية، وتقيم حوارا حقيقيا معها يصل في النهاية إلى قرارات تُصلح المسيرة وتعالج نواحي الخلل.
ومن المؤسف أن يظهر في مثل هذه المناسبة بعض المنافقين والمأجورين، ليركبوا الموجة قولا وعملا فيشوهوا هدف التظاهرة العقلانية، لغرض في نفوسهم أو تنفيذا لأجندات غريبة. ويتناسى هؤلاء السادة نص ( المادة 15 – 1 ) من الدستور الأردني التي تحث على ما يلي : ” تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون “. وهذا ما سيجري التقيد به في يوم الوقفة الموعودة.
ويلاحظ كذلك أنه عندما يكتب بعض المواطنين مقالات، أو يتحدثون بنقد لقرارات أو ممارسات حكومية معينة يُقصد منها الإصلاح، تنطلق ألسنة السوء باتهامهم في معارضة النظام وتعطيل مسيرة الدولة، دون أن يعي مطلقوها معني كلمة ( المعارضة )، أو أنهم يعونها ولكنهم يسعون من ورائها لإلصاق تهم مسيئة للكتاب والمتحدثين.
والمعارضة الوطنية في حقيقتها ليست شتيمة أو طعنا بالوطن، بل هي نقدا إصلاحيا لتصحيح أمور انحرفت عن الاتجاه الصحيح في مسيرة الوطن كما يراها معلنوها. وهي أيضا وسيلة أساسية لحماية النظام السياسي من الزلل والانحراف. ولهذا تحرص الدول المتقدمة على خلق المعارضة الوطنية ودعمها بكل السبل، لأنها تساعد صنّاع القرار في مراقبة أعمال مؤسسات الدولة، وإبعادها عن ارتكاب الممارسات الخاطئة.
وفي هذا المجال أو أن أسرد القصة التالية : ” في أربعينات القرن الماضي، دخل على تشرشل رئيس وزراء بريطانيا العظمى في حينه أحد معاونيه مبتهجا، لينقل إليه بشرى إصابة الحزب المعارض بخسارة كبيرة في صناديق الانتخابات، الأمر الذي سيقلص عدد مقاعد ذلك الحزب في البرلمان.
ولكن تشرشل بدل أن يشكره أنتفض بغضب قائلا : هذه ستكون نكبة لبريطانيا . . إن الديمقراطية هي أساس قوتنا في هذا البلد، وتكون بكامل عافيتها حين يكون أمام حكومتنا معارضة قوية، قادرة على أن تزرع لدينا الإحساس باليقظة والخوف، من أي خطأ قد تقع فيه حكومتنا، وبهذا سترفع من قدرتنا على النجاح. نحن بحاجة إلى عيون تراقب وترشد وتصحح، وإذا لم يشاركنا منافس قوي يكون ندا لنا، فإن الديمقراطية تصبح بحيرة راكدة فاقدة للتيارات الجارية، ومن السهل أن يظهر فيها العفن وفساد المياه “.
قد يقول قائل، أن هذا ينطبق على أحزاب المعارضة في الدول المتقدمة، وهي ليست موجودة لدينا، فأقول له : أن أي شخص يكتب أو يعارض قرارا معينا يمكن دراسته ومناقشته ولو عل انفراد، دون تزمت وإصرار على رأي أو قرار متخذ، فقد يكون في الرأي المقترح فكرا جديدا يمكن الاستفادة منه.
وهذا يقودنا إلى تذكير المسؤولين في بلدنا العزيز، بضرورة تقليص عدد الأحزاب بحيث تشكل ثلاثة أحزاب رئيسية، يسمح لها بالنمو من خلال قانون أحزاب وطني متفق عليه، لتشكيل حكومة برلمانية من جهة ومعارضة من جهة أخرى، في إطار إصلاح سياسي حقيقي، بدلا من كثرة الأحزاب التي تعيق الحركة ولا أثر لها في مسيرة الدولة.
أوأكد للمسؤولين وللأجهزة الأمنية ولكافة المواطنين، أن وقفة يوم السبت الموافق 20 أكتوبر ستكون وقفة منضبطة، تخدم مصلحة الوطن والمواطن والنظام في آن واحد. ولن نسمح لأي كان بأن يُقدم على تصرف أحمق يفسد هذه التظاهرة الوطنية ويضر بمصالحنا جميعا. وعليه ندعو شرفاء الأردن، إلى الانضمام لهذه الوقفة الوطنية ، التي تدعو لمحاربة الفساد وتصحيح مسيرة الدولة، نصرة للوطن. وأختم مقالي بقوله تعالى في محكم كتابه :
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. صدق الله العظيم.
التاريخ : 14 / 10 / 2018