صراحة نيوز – بقلم م مدحت الخطيب
عمو كرم عبيدات ،”لم اشاهد رسم قلمك المتألق من قبل ، ولكن هو ديدني أن من رحم المعاناة يُولد الأمل و يُخرج لنا جيل جديد يذكرنا بأن على هذه الأرض ما يستحق العمل والبناء والإنجاز رغم سهام المثبطين…
كرم ابن السادسة عشر ، وصلني إحساسك ولا تخف فلن ادعه في أدراج النسيان مبعثرا بين الرجاء والقبول ، سينشر ويكون لك مكان بين الكبار ذات يوم أن شاء الله فالخير فيكم الى يوم الدين”.
يقول كرم :
ولّت سنة البؤس
سنةٌ كرِهت البشر فحبستهم في أعقار دورهم أفرغت الشوارع و الأزقة و الساحات من روحها
سنةٌ بدأت بنيرانٍ مزقت أستراليا ثم نبّهتنا فقرعت جرس الإنذار الأول في ووهان_الصين فجعلتها مدينة أشباح، كنّا ننظر إليهم بعين الشفقة لم نكن ندري بأن ما يصيبهم اليوم سيصيبنا غدا
أُعلنت أول حالة بالأردن، كان ذلك صادما و مستهجناً فمنا من التزم بكمامته و منا من أخرج كونان الصغير من داخله و بدأ يحلل الوضع العام ليقنعك أن كوفيد_19 محض كذبة نسجتها ماسونيته
يمر الوقت و تزداد الحالات عندنا فيكبر لدينا أمل ساذج بقضاء إستراحة في البيت بعيداً عن ضغط الامتحانات نعم كنا نأمل ذلك لكن ليس بالشكل الذي جرى فطالت إستراحتنا و طالت كثيراً حيث أنها أُثقلت بسحابة من الكآبة
في السابع عشر من آذار أُعلن الحظر الشامل تحمست للفكرة بدايةً حين وجدتها فرصة للاختلاء بذاتي بضعة أيام فهذا يتناسب مع إنطوائيتي إلي حد ما
مرت الأيام صنعنا الحلوى حرقنا الحلوى تشاجرنا و لعبنا الورق التزمنا التواجد عند التلفاز في الثامنة مساءً فها هو جابر يحدثنا ببساطة أسلوبه آخر مستجدات من حكم علينا بالسجن “كورونا” فاليوم أرى ملامحه سعيدة فلم يسجل أي حالة و اليوم أراه حزيناً تعيساً فعلى ما يبدو سجلنا أكثر من خمس حالات
و زميله اليوم يعلن عزل إربد، بتلك اللحظة كنت على وشك البكاء فقد انفردت إربد بعزلتها عن الجميع
الدونات المنزلي لم يكن بذلك المستوى و أقراص الفلافل لم تعد أقراصاً بعد أن تناثرت في المقلاة، قالب الحلوى احترق بعدما أمضيت اكثر من ساعة في تحضيره مللنا من ورق اللعب لم يعد هنالك شيء نفعله أصبحنا نتسابق على رمي النفايات
بدت النوافذ كأنها الشاهد الوحيد على أننا ما زلنا في هذا العالم،
مرةً انتظرت الساعة التاسعة حيث كان من المفترض أن نصفق من الشرفات تكريما لجهود الجيش لكنني صفقت وحدي
انفرج حالنا قليلا فها نحن شيئاً فشيئاً نستعيد حريتنا المسلوبة فقد سمح لنا بالتحرك حتى السادسة مساءً لكن رافق هذا الانفراج دوي صوت كئيب خارجٌ من تلك الصافرات التي لم تعمل منذ آخر حالةٍ جوية في السنة الماضية كان ذلك تنبيها لترجع الى سجنك فتقطق زيارةً أو مشوارا كنت راغبا في عدم إنهائه
صارت الأمور تتحسن فنحن اليوم لا نسجل إصابات محليه فعُدَّت الأردن خالية من الوباء وقتها بدأت الحياة ترجع كما كانت على الرغم من ببعض القيود
حاولنا أن ننسى ما مررنا فيه فلم نعد نكترث لمؤتمرات الوزراء و لا لأعداد الإصابات متأملين زوال هذه الحال
لكننا سعقنا بمكيدة جديدة من مكائد 2020 فانفجر في وجهنا خبر انفجار مرفأ بيروت، سحابة بيضاء التهمت كل شيء أمامها دمرت ساحات بيروت و عمرانها و شوارعها و أماكن اللهو فيها و أماكن العبادة قَتلت من جميع الأجناس و الأديان و جعلت سويسرا الشرق خراباً فأُطلق على بيروت بحلتها الجديدة لقب المنكوبة
ثم لحقت السودان شقيقتا فغرقت منازلها و أراضيها و أزقتها بعد أن ثار نيلها عليها غاضباً و قتل أبنائه الذين أحبوه
و الدولة العظمى أيضا لم تسلم فقد قُتل فلويد لأنه أسود فخرج الأمريكان منددين و غاضيبين ثائرين لأخيهم الإنسان الذي مات لأن احدم لا يطيق النظر إلى دُكن لون بشرته
و نحن لم نسلم فكان لنا حصة الأسد في عالم الجريمة فقُطعت يدا صالح و فُقئت عينه اليمنى جريمة قشعرت لها الأبدان و خفقت لها القلوب و دمعت عليها الأعين جريمةٌ سبقتها صرخات أحلام التي سقطت جثة هامدة قتلها أبوها بضربة على رأسها و شرب عليها كأس شاي
سنة تحول فيها العدو إلى صديق فها هو من دمر و نهب سرق و قتل عذب و سجن يطلق حمامة السلام مع أشقائه العرب فنراه اليوم رمزا للسلام يرشَّح لأخذ جائزة نوبل بعد أن كان عدونا البغيض البارحة
كل هذا حدث في سنة الشؤم هذه أحزنتنا و أفقدتنا من نحب أحيانا أنسيتنا طعم الحياة السابقة حرمتنا من أعيادنا و من رمضاننا فلم نرى بجولة السيارة زينته كما اعتدنا فعله
ولّت سنة البؤس
فهل سيكون البؤس بؤسها يأتي بحلولها و يغادر بزوالها أم أن هذا البؤس قد ارتبط بنا نحن و تشعب داخل قلوبنا ..