القنبلة التي فجرها نقيب الصيادلة الدكتور زيد الكيلاني بأن مخزون الأدوية الاستراتيجي في الأردن يكفي المملكة لمدة بين 4 الى 6 أشهرلم تكن عشوائية او استهدافية او انتقامية لاقدر الله بل نقل واقع قطاع الصيادلة والمستودعات والاستثمار الذي يتعرض للاغلاق والانهيار والافلاس للبعض منهم.
من واجب نقيب الصيادلة ومن اولوياته الوقوف الى جانب اعضاء نقابته من صيادلة واصحاب مستودعات في حل مشاكلهم بالرغم من تصريحه لم يكن لصالح النقابة بل كان لصالح الحكومة والمصلحة الوطنية في توفير الدواء الذي يوازي الغذاء في خدمة الشعب وعلاجه.
وهذه المشلة التي يعاني منها الصيادلة واصحاب المستوعات لم تكن وليدة الساعة بل تراكمت من سنين ففي مقابلة حصرية ل”للراى” قبل سنوات كان يشكو من تاخير الاستحقاقات الحكومية وتاخيرها واثرها السلبي على هذه المستودعات.
لايعقل للحكومة ان تتجاهل هذه المطالب وعدم تسديد استحقاقاتها ومنها منذ اربع سنوات فقد عبر واوجز بصراحة بصراحة ان ان هذه الشركات ستعجز عن توريد الأدوية لتنفيذ عطاءات التوريد الجديدة لوزارة الصحة بسبب الديون المستحقة عليها.
وبين ان انقطاع الدواء في القطاعين العام والخاص، مشيرا إلى أن شركات الدواء الأم لا تفرق بين فاتورة قطاع عام او خاص وان وكالات توريد الدواء تقدمت لعطاءات وزارة الصحة وتم احالة العطاءات، إلا انها غير قادرة على التنفيذ، بسبب عدم تسديد الفواتير، في الوقت الذي بلغ به دين القطاع الدوائي على الحكومة ما يقارب 160 مليون دينار.
هذا ليس تهديدا للحكومة كما وصفه البعض بل هو معول تصحيحي من خلال حرصه على المواطنين في الحق الطبيعي للحصول عالدواء اضافة الى ان هذا النقيب هو ابن عائلة محترمة كان والده من اعمدة الخدمات الطبية التي نهض بها واسسها في بدايتها هو ومجموعة من الشرفاء حيث يعتبر هذا النقيب من المقربين للديوان الملكي ومن اهالي الخير والعطاء وما دليل ذلك الا وتعيينه احد الاعضاء الرئيسين في هيئة الاغاثة الاردنية والذي يجب يكافؤ على حرصه للمصلحة العامة وحرصه على خدمة نقابته التي اقسم بان يكون خادما لهم ولمهنة الصيدلة وزملاءه الصيادلة.
الكيلاني اوضح بأن الحكومة السابقة منحت تسهيلات للشركات من كفالتها لدى البنوك تمكنت من خلالها الحصول على سيولة مادية مكنتها من توريد الدواء، لكن هذه القروض وصلت الى السقوف العليا مما يدلل على انه وجه تحيرا واضحا قبل وقوع المحذور.
لم يكتفي بالتحذير بل رفع مستوى تحذيره للحومة بأن مستودعات وشركات معرضة للانهيار حاليا بسبب عدم توفر السيولة وعدم قدرتها على تسديد التزاماتها حيث ان المبلغ الذي خصصته الحكومة في ملحق الموازنة وقيمته 50 مليون دينار لم يصرف منه شيء لمستحقيها من موردي الدواء.
واعرب عن تفاؤله في حال تم تسييل ما خصصته الحكومة من مبلغ الموازنة حيث أنه يحل جزء كبير من المشكلة ويسمح لسوق الدواء بالتحرك نوعا ما.
منصب نقيب الصيادلة هو منصب ليس بالسهل فهو يتراس هذه النقابة التي يوجد فيها تيارات مختلفة حيث تمكن من استيعاب كافة هذه الاختلافات وسار على خط محايد مع الجميع من اجل خدمة المهنة والدفاع عن منتسبيها وتقديم افضل الخدمات المتاحة لهم.
وزارة الصحة لم تنفي “قنبلة الكيلاني” بل اكدت أكدت توفر جميع الأدوية والمستلزمات الطبية في مستودعاتها ومستشفياتها والمراكز الصحية التابعة لها فيما نفت الوزارة في بيان لها أمس الاول وجود نقص في الأدوية أو المستلزمات الطبية في الوقت الحالي موضحة أن مستودعات ومستشفيات وزارة الصحة لديها المخزون الكافي من جميع الأدوية والمستلزمات الطبية، يغطي احتياجاتها لغاية شهر آذار(مارس) من العام 2022 وهذا تاييد لما ذهب اليه الكيلاني وهي فترىة الستة اشهر التي صرح بها الكيلاني .
لولا “قنبلة الكيلاني” ما كانت الوزارة فد كشفت عن توجهها بالتزام وزارة المالية بتسديد مبلغ 20 مليون دينار لصالح شركات الأدوية ووعدت بصرف 10 ملايين دينار منها خلال الأسبوع الحالي و 10 ملايين دينار خلال الشهر المقبل وستبقى عملية الصرف مستمرة من خلال تأمين المخصصات اللازمة لذلك من وزارة المالية.
القنابل تعودنا عليها فليس وزارة الصحة تعاني من التخبط وغياب التخطيط الاستراتيجي للالتزام بدفع ما عليها حيث فجر مدير الخدمات الطبية السابق اللواء الطبيب شوكت التميمي عندما قال امام النواب بأن شركات الأدوية والأجهزة الطبية ترفض تزويد الخدمات الطبية بالطلبيات في ظل عدم القدرة على السداد، مضيفا أن هناك ديونا مستحقة للخدمات على وزارة الصحة تقدر بـ59 مليون دينار لم تسدد بعد وان الحكومة “سددت ديونا للشركات الخاصة، وللقطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد، ما عدا الخدمات الطبية الملكية، وكأنا أصبحنا معزولين.
ورمى التميمي قنبلته الثانية عندما قال ان نحو 376 مليون دينار ديون متراكمة على هذا الصرح الطبي الذي يقدم خدماته لـ 38% من المواطنين في الأردن محذرا ان الخدمات الطبية تواجه تحديات مالية كبيرة في ظل ما يستحق عليها من ديون مالية تصل إلى 376 مليون دينار، وعجز في موازنتها، فضلا عن وجود تراجع كبير في البنية التحتية لبعض المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للخدمات الطبية واننا اصبحنا مثقلين بالديون والمواطن يحتاج للعلاج ضاربا احد الامثلة ان أحد المرضى يحتاج لمستلزمات طبية بـ 100 ألف دينار ولا أستطيع أن أتأخر عليه”.
الشمس لاتغطى بغربال فعلى وزارة الصحة ان تقتصد في مصاريفها وان توظف اموال التامين الصحي في الاتجاه الصحيح وان تصحح مساراتها المالية بعد ان ازضح الكيلاني حرصه على الوطن قائلا “أنا لا أرعب الناس ولا أساهم بتخويفهم ولكني أدق ناقوس الخطر، معللا الخلل لدى الجهات الرسمية المعنية من وزارتي الصحة والمالية في تسديد المبالغ المترتبة على الحكومة”.
وتابع “ان المستشفيات الجامعية لم تسدد لها أي مبالغ منذ أربع سنوات، مشيرا إلى انه ورغم الكتب التي أرسلت إلى رئيس الوزراء ووزيري الصحة والمالية إلا أن القضية لم تحل.
وبين الكيلاني أن فترة التقدم لعطاءات الأدوية للقطاع الصحي انتهت، وان شركات الأدوية لا تستطيع استيراد الأدوية.
الصحة ليست مديونة لمستودعات الادوية فقط بل ان ديون الحكومة المترتبة على وزارة الصحة ليست فقط مطالبات الأدوية والمستهلكات الطبية، فهناك أيضا الديون المستحقة لصالح شركات الخدمات وادامة الصيانة والغازات الطبية والتحويلات الطبية التي تدفع اما من موازنة الوزارة أو النفقات العامة بحسب مصدر مسؤول فيها حيث ان مبالغ التحويلات الصحية تزيد على 400 مليون دينار، فضلا عن الرواتب التي تستهلك نحو 240 مليون دينار سنويا بواقع 10 ملايين شهريا وغيرها من الالتزامات الاخرى.
“قنبلة الكيلاني” جائت لتكشف ان ميزانية وزارة الصحة قليلة وديونها متراكمة ومتزايدة في ظل ارتفاع عدد السكان واللاجئين والامراض المزمنة وغيرها من الالتزامات الاخرى وربما تكون هناك سياسة مالية خاطئة توارثها وزراء الصحة ون ان يجدوا لها حلا والتي لاشان لمستودعات الصيادلة وموردي الدواء فيها بعد انتظارهم لاربع سنوات لتحصيل مستحقاتهم المالية بينما اخرون لا ينتظرون ولا يصبرون على اي دين من قبل الوزارة ……….فهل سيقع المحذور لاقدر الله .