كنت قد نشرت عبر موقعي على الفيسبوك مساء يوم الثلاثاء 2017/2/28 عدة منشورات تحمل طابع التفاؤل بأن المرحلة القادمة في المملكة ستشهد نهضة إقتصادية غير مسبوقة، وقد كانت هنالك ردود أفعال عبر التعليقات المختلفة الأطياف، فكان هنالك المكذب والمشكك والداعي بأن يكون ذلك حقيقيا، والبعض لمست في تعليقاتهم التشاؤم لدرجة السخف.
الدولة العميقة في أمريكا كانت وراء نجاح ترامب (البيزنسمان) بغض النظر عن الآلية، حيث أن لعنة إفلاس قطاع العقار في 2008 تطارد بقاء العملاق وتعلن صحوة مارد الصين، والضباع التي تحيط العملاق من الدول الصناعية حالها ليس بأفضل من حال العملاق، وأن نجاح هيلاري كان ليصبح إستمرارا لسياسة أوباما التي لا تصنع الإقتصاد.
الريموت كنترول الذي أطفأ لعبة داعش هو ذاته الذي شغلها عن بعد، فبالأمس أعلن البغدادي هزيمة تنظيمه، واليوم يعلن عن أزمة مالية خانقة يعيشها التنظيم الذي تمرد أحيانا ليتحرك بلا ريموت.
الربيع العربي الذي أصطنع في 2011 سينتهي، وستصفي الدول التي تدمرت والأخرى التي فاتها بسببه ركب التطور لإنشعالها بنفسها لتستقر، ستصفي بحاجة لإعادة الإعمار والتحديث والتطوير، والثمن جاهز طبعا من الموارد الخام بأنواعها والتي لم تستغل منذ ستة سنوات، ولعل السيناريو الذي حصل بحرب الخليج يعيد ذاته.
الدول الكبرى تعيش حالة مريخية من الرفاه تعتبر أساسياتها لنا كماليات، وأن ثمن هذه الرفاهية أمام تنامي أعداد شعوبها لن يبقى يعتمد على صناعات تنافسها الصين، ولن يبقى يعتمد على صناعات حربية لا تباع عند حلول السلم.
لا يهمني كثيرا ما سبق، ويهمني كمحمد الفرجات السؤال (أين نحن في الأردن من هذه المعادلة؟)، وأعلم تماما بأن حسبة الكبار والنموذج المعاير لن ينجح تماما إن تركنا كدولة أردنية نعاني معادلاتهم ونماذجهم التي صمموها ويصمموها من أجل البقاء الذي يؤخذ في أولوياته إستمرار إسرائيل، وليعلموا بأن معادلتهم حملتنا مليوني لاجيء سوري، وفقر وبطالة، وفشل خططنا التنموية، وسوء في توزيع مكتسبات التنمية، وأن ذلك يولد ضغطا فوق ضغط وضغط، وأننا نرعى مع إسرائيل إتفاقية سلام، وأننا البوابة الشمالية لدول الخليج مكامن نفط العالم وطاقته وحركته ودفئه في الشتاء.
هم يعلمون ذلك بالحقيقة وأن الأردن سنام الإستقرار العالمي، ولقد آن الأوان لنخرج من عنق زجاجة الدين العام والفقر والبطالة، وأن ينتعش الاقتصاد الأردني، وسيكون ذلك بالتأكيد كما أتوقع.
حول العالم هنالك مغتربين أردنيين وعرب تعلموا درسا بأن بقاء أموالهم بالخارج ليس في صالحهم، وأن وجود أصول مالية ومشاريع لهم في الأردن بمثابة الأمان المالي والنفسي.
في سورة يوسف سبع بقرات سمان تأكلهن سبع عجاف، ويبدو أن عجاف أيامنا الحروب وسمانها الانتعاش الاقتصادي، والتاريخ يشير ومنذ البدء بأن هذا الحمى هو الأثبت والأكثر إستقرارا بأمر الله تعالى، وهو مهد الحضارات والطفرات الإقتصادية.
أ.د. محمد الفرجات