صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
يقال في الأمثال “ما أشبه اليوم بالبارحة” كناية عن تشابه الظروف بين الأمس واليوم،وأقول في علم السياسة “ما أشبه أمريكا ترامب بالدول العربية”،وأعني بذلك إنتقال العدوى العربية التي تصطبغ بصبغة السين والسوف ،إلى أمريكا التي تواجه اليوم موقفا جد حرجا مع كوريا الشمالية التي تهدد علانية بضرب اهداف امريكية إستراتيجية في المدن وفي جزيرة غوام التي تسيطر عليها امريكا.
هذه المقاربة جاءت بعد جهد جهيد في التفكير لتقريب الصورة ،فالدول العربية لوثت الأثير بتهديداتها لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية ، وكنا نسمع كل يوم تهديدات بمحو إسرائيل عن الوجود ،حتى أن الإنقلابيين العرب الذين كانت تبعثهم أمركيا وبريطانيا للحكم في المنطقة ،كانوا يستهلون بلاغهم الثوري الأول بتأكيدهم على تحرير فلسطين وانهم ما جاؤوا إلى الحكم إلا لهذا الهدف النبيل.
وكنا إمعانا في الكذب والنفاق للشعوب ننتج الأغاني الوطنية والثورية مثل “ويلك ياللي تعادينا يا ويلك وييييييل”مع أننا ننسحب أمام الصهاينة قبل أول إطلاقة يطلقونها علينا ونحن منسحبين ،وإلا فما هو التفسير المنطقي لهزيمة الجيوش العربية امامهم وتسليمهم الأرض وما عليها؟
لكن الحقيقة الساطعة أننا إندثرنا كعرب عاربة ومستعربة ، إنتهجنا نهج السين والسوف للتهديد ، وإستمرت إسرائيل تقوي نفسها بضعفنا ،وسيطرت على كامل فلسطين التاريخية وعلى أراض عربية اخرى ، وأصبح نفوذها يمتد ما بين الشاطيء الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والشاطيء الغربي لبحر قزوين منطلق يهود بحر الخزر الذين تهود ملكهم هربا من الضغط المسيحي والجزية الإسلامية.
في صراعنا المستمر مع الصهاينة ،كنا نمثل لعبة المرجلة الكذابة ،ونلوث الأثير بشعاراتنا وتهديداتنا التي لم ننفذ منها ولو واحد بالمئة ،وتبين ان القوى الفاعلة كانت على صلة بمستدمرة إسرائيل منذ العام 1916 ،مذ كانت فكرة يسعى هيرتزل لتنفيذها ومنحوه الصك ليتملك القدس وفلسطين ،مع أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني طرده من مكتبه وقال له ان القدس يعني فلسطين ملك للمسلمين وليس للسلطان عبد الحميد ،وغتضح الأمر للعامة في قمم الرياض مع ترامب والحديث عن صفقة القرن التي تنهي القضية الفلسطينية لصالح الصهاينة ،وظهور تحالف جديد يضم الإمارات والسعودية ومستدمرة إسرائيل.
هذه العدوى التي إشتهرنا بها وأصبحت ماركة عربية مسجلة إنتقلت هذه الأيام لأمريكا ترامب ،في مواجهة تهديدات الرئيس الكوري الشمالي بالصوت والصورة والتصريح قبل التلميح بأنه سيبعث بصواريخه البالستية لدك الأهداف الأمريكية الإستراتيجية في المدن الداخلية وفي جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادي والتي تبعد عن كوريا الشمالية 3500 كم وفيها 6000 جندي امريكي وتقع في المحيط الهاديء ، وتعد قاعدة إستراتيجية لها.
ما نراه ونسمعه من تهديد كوري شمالي يتبعه عرض للصواريخ والقدرة التي تتمتع بها كوريا الشمالية ، وخنوع امريكي ينسخ الحالة العربية بالتمام والكمال ،فأي تناقض هذا في المواقف المريكية، ففي الرد على العراق على سبيل المثال وجدنا امريكا بوش المجنون تجيش العالم بعد شيطنة الرئيس الراحل صدام حسين وتغزو العراق الخارج من حرب شرسة مع إيران إمتدت لسنوات ثمان ، وحرب أشرس نجم عنها إخراج قواته من الكويت أشلاء وقطعا، تبع كل ذلك حصار غاشم من الجهات الأربع لمدة أحد عشر عاما فقد فيها القدرة على كل شيء.
ففي ربيع العام 2003 وبعد أن أيقنت أمريكا أن حصارها أنجز الهدف ،وان مفتشيها إكتشفوا كل المسامات في العراق ،أرسلت واشنطن جيشها العالمي لغزو العراق مستخدمة كل انواع الأسلحة المحرمة دوليا لإحتلال العراق بتهمة حيازته السلاح النووي وإتهامه بانه يهدد الأمن القومي الأمريكي.
وحقيقة القول أن غزو وإحتلال وتدمير العراق لم يكن مصلحة أمريكية بل كان مصلحة صهيوينة بحتة ،وقد قال بوش المجنون للسفاح شارون بعد ضغوط عليه لشن هجوم على إيران أنه يعتذر عن ذلك لأن الفرس ليسوا كالعرب ،وأنه نفذ رغبته في تدمير العراق.
هذه اللحظات نعيش مهزلة ترامبية بإمتياز إذ أن ترامب وزبانيته يتوسلون من قيادة امريكا الشمالية أن تتصرف بحكمة وألا تقصف اهدافا امريكية حتى لا تواجه ورطة غير مسبوقة ، متقاربين مع القيادات العربية التي حسمت امرها في نهاية المطاف واعلنت أن “السلامط هو خيارها الإستراتيجي.
لا يفهم من ذلك أننا نرغب برؤية حماقة امريكية جديدة تلحق الضرر بالشعب الكوري في الإقليم، ولكننا نجري مقاربة فقط ،ونذكر أن ترامب يستغل الموقف الكوري الشمالي لحلب اليابان وكوريا كما يفعل في الخليج.