صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
كنا نتابع قبل أيام مباراة هامة لأحد أكبر الفرق العربية، والتي تعرض فيها أحد أهم اللاعبين المحترفين في الفريق للاصابة في الربع ساعة الأولى من المباراة، وحتى الآن الأمر عادي جداً بل وربما أقل من عادي فهو يحدث كل يوم وفي كل أنحاء العالم، لكن الغريب في الأمر ما حدث بعد المباراة عندما دخل البعض في سباق الابتهال بكل فنون الدعاء على ذلك اللاعب المحترف بأن تتضاعف إصابته وتزداد أوجاعه، حتى أن البعض وصل للدعاء عليه بالشلل بحجة أنه لاعب غير مسلم يحل الدعاء عليه، وكل ذلك فقط لأنه يلعب مع الفريق المنافس !
وما جعلنا نتوقف عند الأمر طويلاً هو أن وضع حد له إستدعى تدخل أحد رجال الدين للتأكيد على عدم جواز الدعاء على اللاعب لأنه غير مسلم، وما يجعلنا نغرق في الاستغراب في كل مرة نجد فيها مثل هذه الأخلاقيات الشاذة هو ما نجده في كتاب الله عزوجل، ففي كل مرة نبحث فيها بين آيات القرآن الكريم التي تزيد عن 6000 آية لا نجد واحدة بينها تأمر بالدعاء على غير المسلم لأنه لم يدخل في دين الاسلام، بل على العكس نجد ما يأمر بالتعامل الحسن والتعارف والكلمة الطيبة والاحترام لكل البشر مهما كانت دياناتهم أو ألوانهم أو عقائدهم أو أشكالهم، وليتنا إن كنا نبحث حقيقة عن إستقرار عالمنا العربي وجميع أنحاء العالم وزوال الظلم والاحتلال عن أراضينا العربية وعن كل مظلوم في هذا العالم، أن نبدأ ونحن نضع ميزانيات العام القادم بالتأكيد على وضع حد لصناعة الكراهية من قبل البعض بيننا، وعلى ضرورة مراعاة بعض الأئمة والدعاة وأصحاب القرار والكلمة المؤثرة وكل صاحب منبر في مجتمعاتنا من يشكلون الرأي العام ويؤثرون فيه حقيقة أن الدعاء على غير المسلمين أو المسلمين من الطوائف المختلفة عنا في كل مرة نعتلي المنبر فيها ليس من دين الاسلام في شئ، وأنه ليس من المنطق بمكان أن يكون دين الاسلام أحل للمسلم الزواج من غير المسلمة وفي الوقت ذاته سمح لابنهما الخروج للصلاة للدعاء على أمه “غير المسلمة” بالذل والويل والثبور ثم العودة لتقبيل رأسها من باب “بر الوالدين” !
كفانا حروباً وقتل وتدمير وكراهية وطائفية فقد أخذت منا ما يكفي من البشر والحجر والدم ودمع العين، وقد آن الأوان أن نعود لأنفسنا ومبادئنا التي تقف سداً منيعاً في وجه كل من يدعو إلى العنف ويحرض عليه، ذلك لأنها هي التي كانت وستبقى الأساس الذي قام وإنتشر من خلاله دين الاسلام، ولأنها هي ذاتها التي جاءت بها وبمعانيها كل الرسالات والديانات السماوية، وهي التي تربت عليها الشعوب في بلادنا العربية جنباً إلى جنب من كل الأديان والطوائف باحترام كل طرف لحق الآخر في الحياة، ومن هنا يبقى واجب كل واحد بيننا أن يعمل على الحفاظ على هذه المعاني وتعزيزها متذكرين خاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عندما أجاب من طلب منه الدعاء على غير المسلمين: (إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة) في الحديث الموجود في صحيح مسلم.
سطور قليلة إخترنا أن نختم بها كلمات مقالاتنا في العام 2017، متمنين أن يمد كل واحد بيننا يده للآخر لعلنا ننجح في جعل السنوات القادمة أجمل وأكثر إشراقاً لأجيال المستقبل وأن يكون كل منا نقطة تشرق بالمحبة والسلام والرقي وإحترام الآخرين فكلنا راحلون عن هذه الدنيا ولن يبقى غير هذه المعاني بعد الرحيل، أما حساب البشر على إختيار معتقداتهم فلم ولن يكون يوماً حق لأحد من البشر، بل هو حق حصري لرب البشر عزوجل لم يفوض به أحد من البشر يوماً من الأيام.